ليس كل الهدافين موهوبين، هناك مهاجم يملك المهارات الكافية ليصبح نجم فريقه دون مساعدة، وهناك مهاجم إمكاناته محدوده، لكنه يستخدم جسده هو وعقل مدربه، وهذا ما يحتاجه الأهلي. فربما لم تجد إدارة الأهلي مهاجما يستطيع علاج العطب الواضح في هجوم الفريق بعد رحيل عماد متعب، والمستوى الذي ظهر عليه الخط الامامي للشياطين في السوبر يجب أن يمثل جرس إنذار. صحيح أن فرانسيس دو لم يدخر جهدا طوال السوبر وركض كثيرا فعلا، إلا أن فقر موهبته واضح تماما للعيان، ومشكلة الأهلي أن قائمته لا تضم من هم أفضل كثيرا من اللاعب الليبيري. وقبل الخوض في كيفية علاج هذه المشكلة، دعونا نختبر شيئا لمزيد من الإيضاح. ضع نفسك في موقع مهاجم الأهلي في السوبر. أنت لاعب متحرك محدود الموهبة، مدربك لم يمنحك تعليمات محددة، واكتفى بإخطارك بأنك رأس الحربة الوحيد في التشكيل. لو حاولت انتظار الكرة داخل منطقة جزاء الحدود ستجد نفسك في أحضان إسلام الشاطر، ولو نزلت لوسط الملعب حتى تتسلم الكرة ستجد نفسك بعيدا عن المرمى الذي يفترض أن تهدده، وتذكر أنت لا تملك قدرة محمد زيدان على المراوغة ولا الركض بالكرة لمسافات طويلة. لو اتجهت لليمين ستقف أمام بركات وتضايقه بدلا من معاونته لأن شريف عبد الفضيل كذلك يود التقدم من آن لآخر، ولو انتقلت لليسار ستجد الأمر نفسه مع أحمد حسن وسيد معوض. ومجددا تذكر أنك لا تملك قدرات متعب، فلا تستطيع أن تعتمد على مهارتك في صنع تمريرات ثنائية سريعة مع عبد الفضيل ثم بركات حتى تجد نفسك في مواجهة مرمى حرس الحدود. حسنا، هذا كان حال فرانسيس خلال السوبر وسبب فشله في تهديد الحدود برغم أنه لعب مع خط وسط يجيد دعم المهاجم ومده بالكرات، بقيادة بركات وأبو تريكة وحسن وحسام غالي. لكن إخفاق فرانسيس في السوبر وعدم وجود بديل "سوبر" على موهبة متعب لا يعني أن يخوض الشياطين الحمر الموسم الجديد دون رأس حربة. وإن كانت قائمة الأهلي لا تضم هدافا، فعلى حسام البدري المدير الفني للفريق صنع واحد بنفسه. دييجو ميليتو هداف إنتر وميروسلاف كلوزه نجم بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا، من الأمثلة الواضحة على مهاجمين يتألقون حسب حالة مدربيهم. وميليتو تحديدا لاعب كان متوسط القيمة، ولم يتألق مع الارجنتين برغم لعبه أساسيا في عدة مناسبات، أبرزها بداية كوبا أمريكا الأخيرة .
صحيح أنه سجل العديد من الأهداف مع ساراجوسا وجنوه، لكنه ظل مهاجما "جيدا" مثل لويس فابيانو مثلا، لكن مع النيراتزوري أصبح أحد أفضل هدافي العالم. ففي إنتر، أصبح ميليتو يلعب بجسده القوي، وعقل مورينيو، الذي حدد له كل شيء، بداية بكيف يتحرك، وأين يرسل تمريراته دون حاجة للنظر إلى موقع رفاقه في الملعب. أمام برشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، وفي لقاء الذهاب تحديدا، ركز مورينيو تحركات ميليتو على الجانب الأيمن للفريق الإسباني خلف دانيل ألفيش. ولأن ألفيش كثير التقدم للهجوم، كان ميليتو يتسلم الكرة دون ضغط، وبالتالي وجد مساحة للتصرف، برغم أنه محدود الموهبة في التمرير البيني، فهو ليس تييري هنري أو بيا مثلا. وحين يتسلم ميليتو الكرة خلف ألفيش، كان يمرر لشنايدر أو بانديف أيهما أقرب، ويندفع لمنطقة جزاء برشلونة. المسافة الفاصلة بينه ومرمى برشلونة ليست كبيرة لا تحتاج لسرعة رونالدو أو هنري، كما أنه يركض دون كرة، ولا يحتاج مهارة كاكا أو ميسي. وحين كان ميليتو يدخل المنطقة خاليا من الرقابة يجد نفسه في مواجهة المرمى، ينتظر الفرصة، ومع الوقت تعلم كيف يستغلها. أيضا في نهائي دوري الأبطال، ركز مورينيو تحركات ميليتو على مارتن ديميكلز لأنه أضعف لاعب في دفاع بايرن، ما أثمر عن هدف للمهاجم الأرجنتيني. ولإثبات أن نصف قيمة ميليتو يعود لمديره الفني، فإن اللاعب نفسه الذي قاد إنتر لثلاثية تاريخية ظهر متواضعا مع منتخب بلاده في كأس العالم، بسبب إخفاق مارادونا في توجيهه. تائها بطيئا لا يعرف كيف يتصرف بالكرة، هكذا ظهر ميليتو أمام دفاع اليونان في مونديال 2010، لأن مارادونا لم يوجه مهاجم لا يملك مهارات ميسي ولا قدرات تيفيز أو إيجواين. بالمثل، كلوزه تحرك على الجانب الأيمن للأرجنتين طوال لقاء دور الثمانية، كون هذه الجبهة كانت ضعيفة للغاية في فريق مارادونا، كما لعب على ماتيو أبسون في عمق دفاع إنجلترا في دور ال16 من البطولة. بينما في بايرن ميونيخ، وأقصد خلال الموسم الماضي تحديدا، لم يظهر كلوزه بنصف المستوى الذي قدمه مع منتخب ألمانيا. هذا لا يعني أن لويس فان جال مديرا فنيا ضعيفا، لكنه اعتمد على إفيكا أوليتش الموهوب، ولم يضع ثقته كثيرا في كلوزه حتى يبذل معه نفس الجهد الذي بذله لويف. ولو تحرك فرانسيس وهو يعرف أين أضعف نقطة في الخصم حتى يتمركز على مقربة منها، وينطلق إليها أثناء هجمات الأهلي، فإنه بالتأكيد سيقدم عرضا أفضل مما قدمه في السوبر.
بمعنى، أن البدري يستطيع أن يستعمل القدرات البدنية لغدار أو فرانسيس أو طلعت، بأن يزرع عقله كمدير فني داخل هذا الجسد القوي للمهاجم اللبناني أو الليبيري أو المصري. أخيرا، صحيح أن نجاح كلوزه وميليتو ينسب لمورينيو ولويف، إلا أن اللاعبين في النهاية يمتلكان - على أقل تقدير - الحد الأدنى من الإمكانات للنجاح. لذلك، على البدري أن ينتقي من بين خط هجومه اللاعب الأكثر موهبة، سواء كان فرانسيس أو طلعت أو غدار أو فضل، حتى تنجح مساعي مدرب الأهلي بعد ذلك لو حاول تعليم أحدهم. فربما لا يملك فرانسيس الحد الأدنى من القدرات للنجاح، ووقتها سيكون على البدري انتقاء لاعب آخر لشغل هذا الدور. .. مع القراء أكبر ميزة في الصحافة عبر الإنترنت أنها تكفل للكاتب والقارئ القدرة على التحاور. وبعدما سبقني لهذه الخطوة أحمد سعيد ونصري عصمت، أتمنى أن أسير على نهجهما، وأن تشاركوني وتثروا أعمالي بأفكاركم. أنتظر منكم التفاعل معي، سواء كانت مشاركتكم متعلقة بموضوع المقال، أو بقضية تودون مناقشتها، أو أي شيء ترغبون في الحديث عنه معي. ويمكنكم التواصل معي من خلال التعليقات على المقال، أو "الرابطة" التي أهداها لي صديقي " Handasa Zagazig" - لن أكشف عن اسمه الحقيقي - عبر الفيس بوك، أو صفحتي كذلك على الموقع نفسه. رابط الجروب .. وللتواصل عبر "فيس بوك": Facebook/Ahmed Ezzeldin ومن جانبي، سأخصص في المقال المقبل إن شاء الله مساحة كافية لتناول أبرز تعليقاتكم ومعظم الآراء التي بالتأكيد ستثري عملي.