اللحظة التي غيرت نتيجة مباراة تعالوا نجعلها أساسا في كل مباراة.. أعدك يا عمي محمود! كل لحظة تمر علينا في حياتنا تقع فيها أحداث ونمر بمواقف ونتعرض لأشياء وكلها تنتهي لأن لكل شيء نهاية.. سواء كانت هذه النهاية سعيدة أو حزينة.. انتصارا أو هزيمة.. صحة أو مرضا.. مكسبا أو خسارة.. سعادة أو حزنا.. كلها وغيرها له نهاية لأن كل ما هو علي ظهر الأرض له نهاية... كلها لها نهاية وكلها تحمل خبرات وفيها معان وبها دروس.. كلنا يعرف هذه الحقيقة لكن من منا يتوقف أمام أحداث يومه ليعرف لماذا حدث هذا ولماذا لم يحدث ذاك... من منا يعرف ويستوعب ويختزن في عقله ووجدانه الدروس التي خرج بها من يومه.. لأجل أن يستمر النجاح أو للحيلولة دون تكرار الأمر السيئ... كلنا يعرف هذا لكن الأغلبية الكاسحة منا لا تستفيد وتتعلم من ذلك.. لماذا؟. لا أعرف!. كل لحظة تمر علينا فيها ما يستوقفنا لنتعلم منه لكننا في الغالب لا نفعل.. أغلبنا لا يفعل والقليل منا من يتعلم ويستوعب ويستفيد... وكرة القدم فيها ما فيها من الأحداث التي لو تنبهنا إليها لانتقلنا من حال إلي حال.. وأتوقف مع حضراتكم مع حدث استغرق لحظات وهذه اللحظات غيرت نتيجة مباراة وحسمت أحد أصعب المواقف التي يمكن أن يعيشها فريق ونقلت الفريق إلي الدور الأعلي... أتكلم عن مباراة الأهلي والاتحاد الليبي وهي لقاء العودة في دور ال16 ومباراة الذهاب في ليبيا انتهت2/ صفر لمصلحة الفريق الليبي الشقيق وهي أول خسارة للأهلي من فريق ليبي والنتيجة وضعت الأهلي في موقف صعب جدا لأنه أصبح أقرب إلي الخروج من البطولة عن الاستمرار فيها والبطل عندما يخرج من دور ال16 تبقي فضيحة, وأمر كهذا يمثل ضغطا عصبيا كبيرا لأن تسجيل ثلاثة أهداف في مباراة العودة لأجل حسم الموقعة مسألة صعبة جدا لكنها ليست مستحيلة!. وسط هذا المناخ أقيم لقاء العودة يوم الأحد الماضي باستاد القاهرة ووسط جمهور عظيم يعرف أن دوره الحقيقي وقت الأزمات لا الاحتفالات.. والجمهور عندما يملأ الاستاد وعندما يهتف ويشجع يكون اللاعب رقم واحد في الفريق.. أي فريق في أي مكان.. وهذا ما فعلته جماهير الأهلي التي قامت بواجبها في المدرجات وانعكس وجودها علي الملعب لكن النتيجة تأخرت والشوط الأول انتهي بدون أهداف وهذا ضغط إضافي فرضته ظروف المباراة والشوط الثاني انتهي نصفه والتعادل قائم وهذا دافع هائل للمنافس الذي شعر بأن النهاية تقترب والمكسب يقترب وحلم الوصول إلي دور الثمانية يقترب وكلها عوامل تفجر كل الطاقات الكامنة لدي كل اللاعبين وكل هذا واضح علي الجهد الهائل المبذول والروح القتالية العالية في الأداء والتي بها تمكن الاتحاد الليبي من الصمود والدفاع عن مرماه رغم الهجوم الأحمر الكاسح.. إلا أن!. كل ضغط له نهاية وصعب جدا علي أي فريق أن يتحمل دفاعه الهجوم المتتالي المستمر المتنوع.. والتنوع هو الذي يربك وحسام البدري ضحك علي المدرب الصربي وأجري تغييرا تكتيكيا ذكيا رائعا بإرسال بركات في الجبهة اليمني ليفتح منها نار جهنم المفتوحة أصلا بواسطة سيد معوض في اليسري والتكتل الدفاعي مهما تحمل سيأتي عليه وقت ويتشتت من كثرة الكرات العرضية القاتلة التي اصطاد متعب واحدة منها وسجل هدفا عالميا لما فيه من مهارة عالية في امتصاص الكرة القادمة في الهواء وقبل أن يعرف المدافعون الثلاثة أين هي الكرة كان متعب قد أرسل منها صاروخا لا يرد من الدفاع ولا يصد من الحارس لأن متعب أوقف الكرة في وضع وسدد من وضع مختلف جذريا! بعد الهدف بدأ تركيز الفريق الليبي علي غلق الجبهة اليسري بسقوط لاعب من الوسط لأجل منع التمريرات القادمة منها وأيضا الدفاع المتكتل في ال18 أخذ يعدل أوضاعه علي تلقي الكرات القادمة من اليسار.. عندما حدث هذا!. البدري أجري تغييرا أضاف فيه مهاجما وفتح به جبهة!. أخرج عبدالفضيل وأشرك أسامة حسني ولعب بركات في اليمين.. ونزول مهاجم إلي جوار اثنين مهاجمين فيه تشتيت للتكتل الدفاعي وإرباك في مهام الرقابة لأنه لو انشغل الدفاع المتكتل في رقابة المهاجمين الثلاثة لانفتحت ثغرات وهم لا يريدونها لعلمهم أن في وسط الملعب أبوتريكة القادر علي التسجيل أو التمرير القاتل من ثقب إبرة.. وهذا ما أراده البدري من إضافة مهاجم ثالث..أراد فتح جبهة من اليمين بإرسال بركات لها فكان الشق الثاني من تغييره التكتيكي وحدث وبركات صنع الهدف الثاني الذي سجله فضل ولو لاحظنا نجد أنهم فشلوا في رقابة فضل الذي بإمكانه أن يسجل من ربع فرصة وعندما لاحت سجل فورا وسط حيرة الدفاع الليبي الذي لم يعد يعرف يلاقيها من بركات في اليمين ولا معوض في اليسار ولا متعب ولا فضل ولا أسامة ولا أبوتريكة.. انشغل بهم وهم حقا يشغلون أي دفاع ونسي الدفاع الليبي أن في الملعب مدفعجيا صاعدا لديه تعليمات من حسام البدري بين الشوطين بالتسديد كلما وجد مساحة تسمح بالتسديد.. وحدثت هذه المساحة بانكماش الدفاع الليبي إلي داخل الصندوق وتسلم شهاب النجم الصاعد كرة عرضية... تسلمها علي راحته بدون رقابة وسندها وعدلها ونظر أمامه وجد أقرب مدافع علي بعد10 ياردات والمسافة تسمح بإطلاق صواريخ دون أن تصطدم بالأجساد.. وفي لحظة سدد وفي نفس اللحظة سجل هدفا لن ينساه الأهلي ولن ينساه الاتحاد الليبي.. هدفا من صاروخ أرض جو في المقص الأيسر للحارس الليبي المتميز الذي لا يسأل عن الهدف رغم المسافة.. لا يسأل لأن قوة التسديدة وسرعة الكرة ودقة التصويب أكبر وأسرع من رد فعل أي حارس!. والحل الأوحد في موقف مثل هذا هو منع اللاعب من التسديد وهذا لم يحدث لأن الدفاع الليبي ضربه التشتت نتيجة ذكاء حسام البدري الذي شغله بثلاثة مهاجمين وفتح له جبهتين وأجبره علي الدخول في دائرة التشتت في الوقت الذي فيه فريق الأهلي في قمة التركيز رغم أن المباراة في الدقيقة94. الانتصار الذي حققه الأهلي محصلة جهد هائل في94 دقيقة لكنه تحقق في لحظة وهذه اللحظة هي الدرس المستفاد وهي العبرة... .. والتسديد علي المرمي من بعيد عندما يكون هناك تكتل..هو تلك اللحظة التي يجب أن يضعها كل مدرب في حسبانه في كل لحظة تدريب واستعداد لأجل تطبيقها في أي مباراة... نعم التوفيق من عند الله في هذه اللحظة له دوره وفي أي لحظة بحياتنا.. لكن التوفيق لا ينزل علينا جزافا من السماء ولابد من بذل الجهد والسعي للإتقان وتقديم كل ما نقدر عليه كبشر عن قناعة بأنه لكل مجتهد نصيب والنصيب هنا في التوفيق ولا شيء غيره... والتسديد هو الدرس المستفاد من هذه المباراة... التسديد مهارة مركبة تشمل القوة والدقة. قوة التسديدة ودقة التوجيه للمكان المراد بالضبط... التسديد مهارة من مهارات الكرة تنطلق من موهبة يملكها اللاعب نفسه والتدريب يصقلها لكن هذا لا يكفي!. كل لاعب يملك مهارة التسديد مطلوب منه ومن جهازه الفني أن يخضع يوميا لتدريبات منفردة يقوم فيها بالتسديد عشرات المرات وربما المئات إلي أن تتحول هذه المهارة الفنية إلي عادة حركية وهي قمة الإتقان وعندما يصل إليها اللاعب يكون التسديد علي المرمي بالنسبة له هو في الواقع تصويب علي المرمي مثل أي واحد من الرماة المحترفين الذين يصوبون أهدافهم بدقة متناهية باستثناء الخطأ البشري الوارد باعتبار أن الكمال لله وحده... تكرار التدريب للاعب الموهوب في التسديد لابد أن يستمر لأجل أن تستمر مهارة التصويب ووقتها يكون مثل هذا اللاعب بمقام فريق بأكمله لأنه يملك تغيير النتيجة في لحظة يكون فيها الدفاع مشغولا برقابة مهاجمين ومهموما بالتكتل الدفاعي وما إن تظهر ثغرة بعيدة عن المرمي ب40 ياردة أو أكثر يكتشفون أن الكرة في الشباك!. طيب.. كم لاعبا عندنا يمتلك موهبة التسديد؟. أنا لا أعرف العدد يقينا لكن يحضرني اسمان.. الأول نجم كبير هو شيكابالا الموهوب كرويا وليس في هذا أدني شك بما يملكه من مقدرة فائقة علي ترويض الكرة في الثبات والحركة والجري وكلنا ينبهر بإمكاناته في هذه الناحية.. لكن أري أنه موهوب في التسديد وموهبته فذة في التسديد وكل فترة يفاجئنا بذلك عندما تكون الغزالة سارحة.. لذلك قناعتي بأن شيكابالا حقنا عليه أن يتدرب يوميا منفردا علي التسديد إلي أن يحوله إلي عادة حركية تحول التسديد إلي تصويب بما يعني أن كل عشر تصويبات ثمان منها علي الأقل تحت العارضة وبين القائمين!. اللاعب الثاني الموهوب في التسديد ويحضرني الآن هو لاعب الأهلي الصاعد شهاب الدين أحمد وهو في تقديري مشروع نجم كبير بما يملكه من مهارات ووعي تكتيكي ولياقة بدنية وأعتقد أنه لو خضع لبرنامج منفرد مستمر في التصويب فسيكون له شأن لأنه في لحظة وبتسديدة يغير أي مباراة من حال إلي حال... تسديدة في لحظة تحسم مباراة... .. وهذه اللحظة بإمكاننا أن نجعلها جزءا من خطة كل مباراة... كيف؟. تعالوا نقرأ السطور من أولها!. ......................................................... ** الكبار لا يموتون... الذي يموت جسد خرجت منه روح وعاد إلي الأرض كما خلق من الأرض.. لكن الكبير يبقي في عالمنا موجودا بقيمته وسيرته وأعماله... الكبير ليس لقبا أو منصبا يمنح ويحجب إنما مكانة ارتقي إليها الكبير بفكر وعلم ومواقف وخبرة وثقافة وعطاء بلا حدود لوطن... الكبير أعماله وأقواله ومبادئه وسيرته باقية في الدنيا ما بقيت علي الأرض حياة... هذه حقيقة موجودة من بدء الخليقة لا نظرية أحاول اليوم إثباتها... حقيقة أن الكبار يعايشون شعوبهم في حياتهم وبعد رحيل أجسادهم ولو نظرنا حولنا فسنجدهم موجودين بقوة في كل المجالات وفي كل الشعوب... وعمي وأبي وصديقي وأستاذي محمود السعدني كبير من هؤلاء الكبار... حياته ملحمة شقاء وعطاء فيها كل ما يخطر ولا يخطر علي البال من قسوة وإحباط وظلم وقهر.. تحملها وحولها إلي شموخ وكبرياء وصلابة وعطاء... يقيني أن مكانة عمي محمود السعدني في عقل وقلب مصر ظهرت ووضحت وتجلت في ليلة لا تنسي عاشتها منطقة المهندسين التي رأت شبابا ورجالا وشيوخا وبنات وسيدات جاءوا من كل مكان بالمحروسة يعزون أنفسهم علي فقدان واحد منهم قبل أن يكون كبيرهم... مسئولون كبار جنبا إلي جنب مع من هم علي باب الله من أهالينا البسطاء... كل الأطياف السياسية جمعها عمي محمود السعدني ليس فقط في تلك الليلة إنما في كل ليلة مرت عليه في حياته... العزاء للوطن علي فقدان عطاء واحد من كباره... العزاء لأسرة عمي محمود السعدني الصغيرة السيدة العظيمة زوجته وابنتيه وصديقي وزميلي وأخي وابني أكرم محمود السعدني... .. وعزاء خاص للأخ والصديق الفنان الكبير الأستاذ صلاح السعدني... ما يعزينا جميعا في فقيدنا الغالي عمي محمود السعدني أن الكبار لا يموتون... ......................................................... ** أكثر من25 سنة شرفت فيها بأن أكون قريبا من عمي محمود السعدني.. خلالها عشت معه حلم إنشاء ناد للصحفيين ومع عمي محمود المستحيل وهم والحلم يمكن تحقيقه والنادي أصبح واقعا علي ضفاف النيل في شارع البحر الأعظم ويوم افتتاحه أظنه من الأيام الحلوة القليلة في حياة عمي محمود الصعبة... وإنشاء مقهي ثقافي أو صالون ثقافي.. واحد من أحلامه الكثيرة للنادي.. والفكرة أن يكون في النادي مكان مميز يجمع المثقفين والأدباء والكبار في كل مجال باعتبار تلاقيهم معا في حد ذاته حدثا يمكن للصحافة والإعلام أن يجدوا فيه ما يثري الحياة الثقافية والأدبية والفنية... وذات يوم وجدت تليفونا من عمي محمود يستدعيني وتعليماته أوامر والراجل يناقشها وليس يخالفها ومن يقدر علي مخالفة عمي محمود.. من يقدر علي مخالفته حبا لا خوفا.. حبا وثقة وعشقا فيه وله... وتركت كل شيء وذهبت فورا للنادي في الموعد ووجدته جالسا وإلي جواره شخص لم أره من قبل وبعد قليل عرفت أن هذا الشخص رسام موهوب يعيش في لندن وأحضره عمي محمود إلي مصر لأجل أن يرسم لوحة كبيرة تضم كل عظماء الثقافة والأدب والفن الذين رحلوا عن الحياة والفكرة تطورت واللوحة تحولت إلي جدارية تحتل واجهة المقهي الثقافي... وانتهت الجلسة وبدأ العمل والفنان المصري الإنجليزي أظن أنه غير نشاطه بعد هذه التجربة!. عمي محمود كل يوم يمر عليه ويبدي ملاحظاته والذي رسمه الرجل أمس ينهد اليوم ويرسم غيره غدا وينهد بعد غد وتلك هي ديمقراطية عمي محمود في إدارته للنادي.. وانتهت الجدارية وأظنها تحفة فنية والغريب والمدهش أن هذا الفنان وإن لم تخذلني الذاكرة اسمه حسين.. الغريب أنه في السنة التالية عاد إلي مصر وعاد إلي النادي ليكمل ويضيف رغم العذاب الذي رآه.. عاد لأنه اقترب من عمي محمود وعرف عن قرب عمي محمود واكتشف أنه قريب من إنسان عظيم... وانتهت الجدارية الموجودة داخل المقهي الثقافي لكن المشروع لم يكتمل لأن صالة الأفراح التي شيدناها لخدمة شباب الصحفيين اكتشفنا أن موقعها الملاصق للمقهي لا يسمح إلا بنشاط واحد في آن واحد والصالة تعمل أغلب أيام الأسبوع وهذا معناه استحالة وجود نشاط ثقافي أو غير ثقافي إلي جوارها بسبب الصوت... يوم الثلاثاء الماضي يا عمي محمود اتصلت بالمهندس إبراهيم محلب رئيس المقاولون العرب لأجل نقل المقهي الثقافي إلي الجهة الأخري من النادي.. وأمس الخميس حضر إلي النادي المهندس أسامة عبد الله مدير ترسانة المقاولون العرب البحرية بالمعصرة وعاين الموقع الجديد وأقرب مما تتخيل سيبدأ العمل يا عمي محمود... في نفس يوم الثلاثاء الماضي تحدثت مع عاصم حنفي لأجل أن تتولي وزارة الثقافة مهمة إنشاء الصالون الثقافي بالنادي وبدوره اتصل بالسيد فاروق حسني الذي أبدي ترحيبه وأعطي توجيهاته وفور وصول المهندس محمد أبو سعدة رئيس صندوق التنمية السياحية من الخارج يبدأ العمل... أعدك يا عمي محمود أن يكون في نادي الصحفيين أهم ملتقي ثقافي في مصر.. اسمه مقهي الولد الشقي... أعدك يا عمي محمود أن يكون مقهي الولد الشقي ملتقي النخبة الثقافية والأدبية والفنية وأن تقام فيه أهم الندوات أسبوعيا أو شهريا وأن يصبح صالون السعدني الثقافي مصدر إشعاع للصحافة والتليفزيون والإذاعة... أعدك يا عمي محمود.. بعد موافقة الأسرة طبعا.. أن تكون ذكري الأربعين في النادي الذي أحببته وجاء الوقت ليعبر لك.. أرضا ومنشآت وبشرا.. عن حبه... أعدك يا عمي محمود.. أنا وزملائي مجلس إدارة النادي أن ننفذ كل ما كنت تحلم به لنادي الصحفيين.. رحمة الله لك وعليك يا عمي محمود... وللحديث بقية مادام في العمر بقية [email protected]