الأهداف الثمانية التي سجلها لاعبو تشيلسي في مرمى ويجان في آخر مباريات الدوري الإنجليزي لا تعني فقط ثلاث نقاط فاز بها كارلو أنشيلوتي بأول دوري إنجليزي كمدرب ولكنها تلخيص لموسم الإيطالي في قيادة قطار أزرق جامح. تمكن أنشيلوتي في موسمه الأول في مدينة الضباب من الوصول للمحطة التي ضل عنها أفرام جرانت ولويس فيلبي سكولاري وحتى الساحر الهولندي جوس هيدينك رغم المطبات الكثيرة التي صادفها في طريقه وهو يوصل طلبيات كثيرة في شباك خصومه داخل وخارج لندن. 27 فوزا حققهم تشيلسي مع مدربه الجديد وتعادل خمس مرات وتعثر في ست مناسبات، أرقام قد تبدو عادية لكن الرقم اللافت هو المعدل التهديفي لفريق كانت تهمته الدائمة افتقاره للكرة الممتعة بتسجيله 103 هدفا في الموسم محققا رقما قياسيا للدوري الإنجليزي، وتكفل ديديه دروجبا بتسجيل 29 منهم ليقتنص لقب الهداف. ترتيب الأوراق لم يقدم أنشيلوتي نفسه في موسمه الأول لإنجلترا على أنه مخترع، بل استقدم طريقته الناجحة في ميلان وصبغها باللون الأزرق لنشاهد تشيلسي يلعب بطريقة 4-3-2-1. ومع وجود مايكل بالاك وفرانك لامبارد بجوار جون أوبي ميكيل في منتصف الملعب تغلب أنشيلوتي على أقرانه في الدوري الإنجليزي في أغلب المواجهات وأهمها الفوز على ثلاثي مربع الكبار مانشستر يونايتد وأرسنال وليفربول ذهابا وإيابا. والمزج بين خبرة نيكولا أنيلكا في الجناح الأيمن مع شباب فلوران مالودا على الجانب الأيسر خلف المهاجم الوحيد دروجبا كان يفتح دفاعات خصوم تشيلسي على مصراعيها وهو ما يسمح بأمواج دائمة من القادمين من الخلف.
شكل يوضح مساهمة خطوط تشيلسي في أهداف الفريق ولعل هذا يتضح من النظر إلى محرزي أهداف تشيلسي ال98 بعدما تكفل خمسة لاعبين منافسين بالتسجيل في مرمى فرقهم ليرتفع الإجمالي إلى 103، فلاعبي جميع خطوط تشيلسي سجلوا خلال هذا الموسم عدا الحارس بيتر شك وهو ما يوضحه الرسم البياني أدناه. تخطي "المطبات" الأهم من القدرة على تحقيق الفوز بالنسبة لأنشيلوتي كان تخطي العقبات التي تقف في طريق القطار الأزرق، ليتمكن لاعبوه من الانطلاق من جديد. بداية الموسم لم يتوقف قطار أنشيلوتي كثيرا للتزود بالوقود، ولم يستقدم الإيطالي نجوما جدد إلى الفريق، ما زاد من صعوبة تعامله مع الإصابات التي تضرب فريقه، وهو ما كان ليكبح جماح القطار الأزرق مبكرا مع قائمة إصابات على مدار الموسم ضمت مايكل إيسيين وآشلي كول وأنيلكا وسالمون كالو وبرانسيلاف إيفانوفيتش. ليست الإصابات فحسب، بل تمكن تشيلسي من تعويض غياب هدافه دروجبا خلال مشاركته مع منتخب بلاده في كأس الأمم الإفريقية، رغم أنها الفترة التي شهدت إصابة أنيلكا. وإلى جانب الإصابات والغيابات لأسباب مختلفة، تعرض قائد تشيلسي جون تيري لأزمة إعلامية كانت لتؤثر على مسيرة أي لاعب آخر بخلاف قائد إنجلترا السابق، بعدما تناقلت الصحف أنباء عن علاقة سابقة مع صديقة زميله في المنتخب واين بريدج وهو ما حرم تيري من شارة قيادة منتخب بلاده. ورغم الهجوم الحاد الذي استهدف تيري، وقف أنشيلوتي علانية إلى جانب لاعبه، وعرض عليه الحصول على إجازة لاستعادة أنفاسه، وأكد تمسكه بتيري قائدا للزرق، فرد تيري بموسم من أفضل ما قدم.
هو غالبا هادئ، لكن حينما يتكلم يكون صوته مسموعا، ولا يظهر أي توتر لأنه لا يريد نقل ذلك للاعبيه لامبارد عن أنشيلوتي المدرب المحبوب ما فعله أنشيلوتي مع تيري ليس تساهلا مع اللاعب بقدر ما هو محاولة منه لاستقطاب نجوم الفريق إلى صفه، دون خسارة هيبته كمدير فني، فأنشيلوتي وإدارة تشيلسي أقرا غرامة قياسية على كول بعد ثبوت اصطحابه فتاة إلى فندق معسكر الفريق قبل مباراتي هال سيتي ووست هام. وأمام هذه المحنة اجتمع أنشيلوتي بلاعبيه وطالبهم بالمحافظة على اسم ناديه خارج الملعب وداخله، وقال حينها "نحن في النادي تهمنا حماية صورتنا، وعلى الجهازين الإداري والفني فعل ذلك إلى جانب اللاعبين وكل من يعمل في النادي". والفوز بود اللاعبين مع السيطرة على الفريق معادلة فشل مدرب بحجم سكولاري في الوصول إليها مع لاعبي تشيلسي، فالبرازيلي بعد رحيله حمل بالاك ودروجبا مسؤولية فشله مع الزرق، وهذا الاتهام دلالة على حالة الصدام التي عاشها مع اللاعبين، حتى أن تيري ولامبارد طالباه عبر الإعلام بتغيير أسلوبه في التعامل مع اللاعبين بل وفي إدارة المباريات كذلك. كما اعترف الساحر هيدينك بصعوبة مراس لاعبي تشيلسي بقوله "عندما بدأت عملي دخلت في صراعات مع حالة اللاعبين، فالعديد منهم كان يرى أنه أكبر من العقاب"، إلا أن أنشيلوتي نجح في موسمه الأول في الوصول للمعادلة الصعبة. وتكفي شهادة لامبارد عن مدربه الجديد بقوله "كارلو ما يعنيه كونك لاعبا، وما الذي يتطلبه ليكون مدربا، غالبا ما يكون هادئا، لكن حينما يتكلم يكون صوته مسموعا، ولا يظهر أي توتر لأنه لا يريد نقل ذلك للاعبيه". ولعل الدعم المطلق من جانب إدارة تشيلسي لأنشيلوتي لعب دوره في هدوء المدرب في إدارته للفريق، إذ كشف الإيطالي في مارس الماضي أن بقاءه مع الفريق غير مرتبط بالفوز بالدوري، رغم أنه السبب في إقالة جرانت وسكولاري.