حينما استضافت مالي كأس الأمم الإفريقية في 2002 خسر الدوري الإنجليزي ثمانية لاعبين، والآن ارتفع العدد إلى 35 لاعبا ... ولكن هذه الخسارة لم تمنع 15 ناديا من أصل 20 من إرسال كشافيهم إلى غانا سعيا لمراقبة وترشيح مواهب إفريقية جديدة. وعلى الرغم من انتقادات شديدة اللهجة وجهها عدد من المديرين الفنيين في إنجلترا وعلى رأسهم أرسين فينجر مدرب أرسنال وأفرام جرانت مدرب تشيلسي لتوقيت البطولة، فإن الناديين أرسلا كشافين لمتابعة غانا 2008، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي.) وقال فينجر قبل انطلاق البطولة إن الإصرار على إقامة البطولة في هذا التوقيت قد يجعل من الصعب على الأندية الأوروبية وضع اللاعبين الأفارقة في إعتبارها لاحقا. ويطالب مدربو الأندية الأوروبية خاصة العاملين في الدوري الإنجليزي بتحويل البطولة إلى الصيف مثل كأس العام وكأس الأمم الأوروبية حتى لا يغادر اللاعبون أنديتهم في منتصف الموسم. وخسر فينجر جهود ثلاثة لاعبين هم كولو توريه وإيمانويل إيبوي وألكسندر سونج فيما يفتقد تشيلسي ديديه دروجبا وسالومون كالو ومايكل إيسيين لما يقرب من 20 يوما وهي الفترة التي قد تزيد بحسب طرفي المباراة النهائية. ونقلت (بي. بي. سي.) عن فرانك أرنسين رئيس كشافي تشيلسي قوله: "نعلم أننا قد نفقد لاعبينا لبعض الوقت كل عامين لهذا السبب. عليك أن تتكيف مع الأمر إذا أردت التعاقد مع لاعبين أفارقة". مواهب عظيمة وتخشى الأندية الإنجليزية من خسارة مواهب عظيمة لديها مساحة للتطور وبأسعار زهيدة في حال تجاهل القارة الإفريقية أو بطولتها التي تقام كل عامين. وضرب ستيف روند، أحد المدربين المساعدين في الجهاز الفني لنيوكاسل، مثالا بصفقة السنغالي حبيب باي الذي ضمه النادي من مرسيليا الفرنسي مقابل مليوني جنيه استرليني "ولكن إذا حاولت ضم لاعب إنجليزي على نفس الدرجة الموهبة لن تدفع أقل من ثمانية أو عشرة ملايين جنيه استرليني". ولكن لم تكن الصفقات المادية "الأفضل" وحدها هي ما جذبت أعين الأندية الأوروبية إلى القارة السمراء، فيبقى العامل البدني والمهارات الفذة على قدم المساواة مع العوامل المادية. ويؤكد روند أن أكثر ما رفع من مستوى الدوري الإنجليزي في السنوات الخمس الماضية هو الوسائل التدريبية المتبعة والتي تقدم لاعبين جيدين إضافة إلى هجرة الأفارقة أصحاب القدرات البدنية العالية إلى الملاعب الإنجليزية". ويؤمن تورد جريب عضو الجهاز الفني في مانشستر سيتي بالفكرة نفسها.
فينجر ويقول جريب: "الأفارقة أقوياء ولديهم تقنية جيدة، فهم يبدون وكأنهم مناسبين جداً للمشاركة في الدوري الإنجليزي". ثمار الأكاديميات وفيما أرجع جريب الأداء القوي للاعبي القارة السمراء إلى "أنهم قادمون من بيئة فقيرة" أصر أرنسين على أن "اللاعبين من مختلف البيئات يمكنهم الوصول إلى القمة". وتمثل كرة القدم للعديد من العائلات الفقيرة في إفريقيا االمخرج الوحيد من الحياة الصعبة التي يعيشونها ويعلقون آمالهم على أبنائهم للخروج وتمثيل ألوان الأندية الأوروبية. وتساعدهم أكاديمات الكرة المتخصصة على تحقيق هذا الحلم عبر تطوير اللاعبين الصغار وتسويقهم في الأندية الأوروبية وتحديدا في فرنساوإنجلترا. ويجتذب أصحاب هذه الأكاديميات في مختلف أنحاء القارة السمراء الأطفال من سن التاسعة إلى 14 عاماً والذين يعانون من فقر شديد لتدريبهم وبيعهم إلى أندية فرنسية ومغربية وتونسية مقابل مبالغ مالية يقتسمها المستثمر مع أهل الطفل. وخرجت الأكاديميات الرياضية المنتشرة تحديداً في كوت ديفوار لاعبين كبار احتلوا نصف عدد أماكن قائمة المنتخب الإيفواري في كأس العالم 2006. ويبدو أن الأندية لا تكتفي بنتاج الأكاديميات إذ أكد أرنسين أن متابعة كأس الأمم الإفريقية عبر كشافي تشيلسي أصبحت غاية في الأهمية، بسبب ما تقدمه من مستويات عالية وما تضمه من أسماء لامعة في الكرة الأوروبية. وقال: "قبل 15 أو حتى عشرة أعوام، كنا نعرف بضعة لاعبين من كل فريق (مشارك في كأس الأمم الإفريقية، أما الآن فنحن نعرفهم جميعا". وتابع "أنظر لمنتخبات مثل نيجيريا وغانا وكوت ديفوار وستجد نفسك تعرف اللاعبين الأساسيين وربما الاحتياطيين أيضا". وأضاف "كأس الأمم الإفريقية أصحبت على المستوى نفسه مع كأس الأمم الأوروبية أو كوبا أمريكا".