لا خوف على تونس أو السعودية عندما يواجهان منتخبي إسبانيا وأوكرانيا ضمن مباريات المجموعة الثامنة لمونديال ألمانيا 2006 ، لأنهما يملكان مدربين واعيين قادرين على تحريك اللاعبين واستغلال كل ما لديهم من إمكانيات فنية وبدنية في الوقت المناسب تماما. بدأ الفريقان المباراة بتشكيلهما المعتاد بعيدا عن الإصابات التي ضربت صفوفهما مؤخرا ، فبدأ "الأخضر" بطريقة 4-5-1 معتمدا على النجم ياسر القحطاني مهاجما وحيدا يساعده من الخلف محمد نور ونواف التمياط ، مع تثبيت أربعة مدافعين في الخلف ، في حين بدأ روجيه لومير على غير المتوقع بطريقة 4-4-2 وعول على الجزيري والشيخاني كماهجمين ثابتين على عكس طريقته المعتادة التي يلعب خلالها بسانتوس كرأس حربة وحيد ولكن سانتوس غاب فدفع بمهاجمين اثنين. القمة العربية المونديالية بدأت مملة وخالية من أي إثارة ، وسيطر الأداء العشوائي على لاعبي الفريقين في أول 20 دقيقة من المباراة بسبب الرهبة والخوف من الخسارة والحساسية الزائدة في المواجهات العربية - العربية ، فكثرت التمريرات الخاطئة والعصبية في الأداء دون مبرر حتى تحرك زياد الجزيري وهز شباك مبروك زايد بهدف رائع إثر خطأ دفاعي وتألق من الجزيري. رغم الهدف التونسي ، لم يتغير أداء الفريقين واستمرت العشوائية والأداء الممل واعتمدت الهجمات السعودية القليلة على الجهود الفردية للتمياط ونور ، ولم يتألق من "نسور قرطاج" سوى الجزيري صاحب هدف السبق ، وخلال 45 دقيقة كاملة لم تتمتع الجماهير التي تابعت المباراة إلا بكرة الجزيري التي هزت شباك زايد. وفي الشوط الثاني بدأ يتحرك المدربان : البرازيلي باكيتا والفرنسي لومير ، فغير مدرب الأخضر داخل الملعب ولم يدفع بلاعبين جدد ، فوضع نور كرأس حربة ثاني بجوار القحطاني من أجل تنشيط الهجوم ، وثبت التمياط كصانع ألعاب ، فتحرك نور على الأجناب وتمركز القحطاني داخل منطقة جزاء تونس ، وجاء هدف التعادل من كرة أثبتت بالدليل القاطع قدرة باكيتا على توظيف لاعبيه جيدا داخل الملعب من غير تغييرات. الهدف السعودي غير شكل المباراة تماما وبدأ لومير في الحركة ردا على تغيير باكيتا داخل الملعب ، ولكن المدرب البرازيلي أشرك النفطي والغضبان متأخرا من أجل تنشيط الهجوم ومحاولة تحقيق الفوز ، ولكنه أبقى على الشيخاني الذي لم يفعل شيئا على الإطلاق ، ورد باكيتا بتغييرين هدفهما تنشيط الهجوم أيضا بحثا عن الفوز ، ودفع بالشابين مالك معاذ ومحمد أمين بدلا من نور والتمياط المرهقين. وعلى عكس ما كان متوقعا في مباراة كانت أقرب للتعادل ، تحرك باكيتا مجددا وأشرك الجابر النجم المخضرم بدلا من القحطاني على أمل تحقيق الفوز ، ولم يخيب النجم المخضرم مدربه فسجل هدفا رائعا من أول لمسة له في المباراة بعدما انفتحت الخطوط الدفاعية التونسية بفضل التغييرات المتوالية التي أثرت على انسجام خطوط نسور قرطاج وتغييرات باكيتا التي أتت أوكلاها بفضل شباب معاذ وأمين وتحركات الجابر الواعية الذي نزل في الوقت المناسب تماما. ولولا قلة خبرة لاعبي السعودية لانتهت المباراة بفوزهم على نسور قرطاج وفي حوزتهم أول ثلاث نقاط في المونديال ، لكن الجعايدي المدافع الهداف والذي تعد كثيرا على التهديف بين صفوف بولتون الإنجليزي ، استغل ارتباك الدفاع السعودي وانقض على عرضية الجزيري نجم المباراة وسجل هدف التعادل في الوقت القاتل. المباراة قمة عربية مثيرة حقا ، شرفت الكرة العربية في المونديال العالمي وكانت وجها رائعا للروح الرياضية التي غابت عن ملاعبنا العربية ، فلم نر خشونة متعمدة بين اللاعبين ، وكان الحكم الإسترالي مارك شيلد الحاضر الغائب في المباراة وساعده على ذلك الأخلاق المثالية للاعبين. التعادل حد من فرص الفريقين في بلوغ الدور الثاني ، وكان الأفضل للكرة العربية فوز أحد المنتخبين بالدربي العربي لأن نقطة واحدة لكل فريق قد تكون ليست كافية لبلوغ الدور الثاني ، ولكن لو لعب الفريقان بهذا المستوى أمام أوكرانيا على الأقل لضمننا ظهور منتخبا عربيا في دور ال16.