"عندما أتذكر ما حدث لنا في المباراة النهائية كل صباح لا أستطيع الأمنتاع عن البكاء" (حارس المجر جيولا جروتشيتش) ، مقولة تلخص ما حدث في سويسرا 54. فقد تكون بطولة 54 كأي بطولة كأس عالم عادية ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة للألمان فلم تكن المباراة النهائية مجرد مباراة ولكنها كانت بين دولتين أحدهما تخلصت من الحكم النازي وأخرى مازالت تحت حكم الشيوعي الروسي بقيادة أهل موسكو ، فبعد انتهاء الحرب العالمية وانهيار ألمانيا كان الشعب الألماني بحاجة إلى شيء يجمعهم وكان هو المنتخب الذي شارك في البطولة والذي بسببه عادت ألمانيا إلى الوجود بحسب تصريحات تيودور هيوس رئيس ألمانيا عقب الفوز بالبطولة ، وحقق المانشافت فوزا إعجازيا على المنتخب الأقوى في العالم وهو المجر فقام الألمان بإنتاج فيلم عن البطولة عام 2003 يحمل أسم "معجزة من برن" وهو حدث فريد أن تقوم دولة بإنتاج فيلم عن بطولة كرة قدم. ولم يتوقف الأمر عند الفيلم فقط بل وجود كتاب يحمل نفس الأسم قام بكتابته بيتر كاتشا أحد الصحفيين المجريين الذين يعيشون في ألمانيا وفيه مقولة جروتشيتش ، ومقولة مراسل صحيفة لا موند الفرنسية بيير فابر "أثناء عزف السلام الوطني الألماني قبل المباراة ووسط الأمطار كنت أستطيع الشعور اهتزاز الأرض ووحدة الجماهير التي جاءت من ألمانيا لمشاهدة المباراة". فبعد ثمان سنوات هي المدة التي استغرقت إعادة بناء سويسرا وملاعبها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية من أجل استضافة كأس العالم والتي تقرر استضافتها للحدث احتفالا بمرور 50 عاما على تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وبالرغم من أن سعة الملاعب لم تكن مناسبة للحضور الجماهيري غير أن البطولة حققت فوائد مادية ممتازة. شارك في البطولة 16 منتخب تم تقسيمهم إلى أربع مجموعات تضم كل مجموعة فريقين لهم تنصيف في الفيفا ولم يكن عليهم اللعب سويا وصعد من المجموعة الأولى البرازيل ويوغسلافيا (سابقا) ومن المجموعة الثانية المجر وألمانياالغربية بعد مباراة فاصلة مع تركيا بعد الهزيمة الثقيلة أمام المجر 8-3 في أقسى هزيمة رسمية للمنتخب الألماني ومن المجموعة الثالثة أوروجواي والنمسا ومن المجموعة الرابعة إنجلترا وسويسرا بعد مباراة فاصلة مع إيطاليا. وفي دور الثمانية التقت المجر - التي لم تهزم منذ عام 1950 - مع البرازيل في مباراة عرفت فيما بعد ب"معركة برن" بعد أن اضطر حكم المباراة الإنجليزي أرثر إليس لطرد ثلاثة لاعبين هم جوزيف بوجيك من المجر ونيلتون سانتوس وهيمبرتو توزي من البرازيل وانتهت المباراة بفوز المجر بلاعبيها العظام مثل ساندور كوتشيش هداف البطولة برصيد 11 هدفا وزولتان تسيبور وناندور هيدوكوتي بأربعة أهداف مقابل هدفين وغاب فينريك بوشكاش للإصابة.
وفي إطار الدور ذاته فازت أوروجواي - وهو المنتخب الوحيد الذي لم يكن تلقى أي هزيمة في كأس العالم حتى ذلك الوقت – على إنجلترا بأربعة أهداف مقابل هدفين ، وفازت النمسا على سويسرا بسبعة أهداف مقابل خمسة في أكثر مباراة شهدت أهداف في كأس العالم ، وواصل المنتخب الألماني خطواته بقيادة العظيم فريتز فالتر بفوزه على يوغسلافيا بهدفين دون رد. وفي الدور قبل النهائي كانت مواجهة الأقوى بين المجر الخالي رصيدها من الهزيمة منذ أربع سنوات وأوروجواي التي لم تلتقى أي هزيمة في تاريخها في كأس العالم ونجح أصدقاء هيدكوتي في الفوز بأربعة أهداف مقابل هدفينفي مباراة يعتبرها الكثير الأفضل خلال الخمسينيات ، وفازت ألمانيا على النمسا بستة أهداف مقابل هدف في مباراة الجارين. وفازت النمسا بالمركز الثالث بعد أن تغلبت على أوروجواي بثلاثة أهداف مقابل هدف. وبدأت المجر وألمانيا في الاستعداد للمباراة النهائية وهي مباراة كان الجميع واثق من فوز المجر بعد أن تغلبت على الماكينات في الدور الأول بثمانية أهداف مقابل ثلاثة وتعرض بعدها المدرب الألماني جوزيف هيربرجر لانتقادات حادة بسبب نتيجة المباراة وسهر عدد من لاعبي المنتخب خارج المعسكر ومنهم ران وهو ما كاد أن يخرجه من قائمة المنتخب لولا محاولة فالتر. وبالرغم من ذلك فكان تصريح هيربرجر "المجنون" لأحدى الصحفيين المجريين قبل المباراة النهائية أنه في حالة هطول الأمطار يوم النهائي فحسابات المباراة ستتغير تماما ، ومع بداية المباراة تقدمت المجر بهدفين عن طريق بوشكاش و تسيبور في أول ثمان دقائق وتهيأ الجميع لنتيجة ثقيلة للمانشافت الذي كان مازال يعاني أثار خسارة الحرب العالمية الثانية. ولكن مقولة هيربرجر للاعبيه بأن المباراة 90 دقيقة ويمكن أن يحدث فيها الكثير كان لها الأثر بالإضافة إلى الأمطار وعدم تمكن لاعبو المجر من تمرير الكرة على أرض الملعب في تحويل دفة المباراة للألمان. ونجح ماكس مورلوك في إحراز هدف ألمانيا الأول