هل تذكره في أرض الملعب؟ هل تستطيع أن تحدد ما إن كان صانعا للألعاب أو لاعباً للدائرة ضمن الجيل الذهبي لكرة اليد المصرية؟ إن كانت إجابتك بلا، فلا تقلق، هذا أمر طبيعي، فمنذ انضمام مروان رجب لصفوف المنتخب المصري وهو في ال18 من عمره، بدأ صانعاً للألعاب، متقدما بثبات ليجاور المخضرم أحمد بلال في مركزه. ثم ومع اعتزال جوهر نبيل طلب منه تغيير مركزة إلى لاعب الدائرة، تاركا صناعة ألعاب الفريق في أيدي حسن يسري، وهو الأمر الذي استجاب له دون اعتراض. ورغم أن تغيير المركز في لعبة كرة اليد قد تبدو بالمهمة السهلة، فاللاعبين دائمي الحركة في مختلف المراكز، ولكن الانتقال ما بين مركز صانع الألعاب في الخط الخلفي، للاعب الدائرة في الخط الأمامي بين أيدي مدافعي الخصم يحتاج إلى مجموعة مهارات مختلفة. وأن تملك هذه المهارات وتنجح في إظهارها في صفوف المنتخب حيث الأخطاء لها ثمن أكبر، فهذا أمر ليس سهلا على الإطلاق. مستعينا ببنيته الجسمانية القوية استمر اللاعب الذي ولد في محافظة الإسكندرية في تقديم عروضا قوية، هجوما ودفاعا، ليصبح أحد الصخور التي اعتمد عليها المديرون الفنيون للمنتخب الأول وقتها مع تتابعهم، سواء كان اليوغسلافي زوران زيكوفيتش أو الألماني يوران لوميل أو المصري المخضرم جمال شمس. ومن جديد .. وبعدما غير مركزه بما يقرب من 15 عاماً، عاد مروان رجب ليجد نفسه في الموقف ذاته مع المنتخب المصري، ولكن هذه المرة وهو في مقاعد الجهاز الفني. ففي يونيو 2013، حصد عاصم السعدني المدير الفني للمنتخب المصري ذهبية دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي استضافتها تركيا بمعاونة جهازه الفني الذي ضم رجب بين صفوفه، ليتقدم السعدني بعدها باستقالته وينتقل لتدريب أحد الفرق الكبرى في الدوري الإماراتي. وبطبيعة الحال يطلب الاتحاد المصري من رجب ملأ المركز الشاغر بصورة مؤقتة حتى الاستقرار على مدير فني جديد.
ولكن النظرة المؤقتة لرجب كانت تخفي خلفها خططا لاعتماد كامل، خاصة بعد النتائج المشرفة التي حصدها رجب في موقعه السابق مديراً فنياً لنادي سبورتنج السكندري في الدوري المصري واستعداداته الدائمة لمثل هذا المنصب. فالاتحاد المصري يحاول الاستعانة بخبرات جيله الذهبي في كل المواقع الممكنة، وفيما انضم رجب للجهاز الفني للمنتخب الأول، يظهر عمرو الجيوشي متوليا تدريب منتخب الشباب، ومحمود حسين مديرا إداريا للمنتخب الأول مع جهاز فني سابق، وأحمد العطار يتولى الشؤون الإعلامية للاتحاد، وغيرهم. استعداد مبكر وبدأ لاعب سبوتنج السابق استعداداته للاتجاه للتدريب منذ اعتزاله، إذ التحق اللاعب السابق الذي ولد في 30 أغسطس 1974 بدورات تدريبية تابعة للاتحاد الدولي للعبة واحدة تلو الأخرى، ألحقها بالحصول على درجة الدكتوراة، والعمل مدرسا في قسم تدريب الألعاب الرياضية بكلية التربية الرياضية جامعة الاسكندرية. وعن تلك الدراسات يقول رجب: "الإنجازات الكبرى التي حققها الجيل الذهبي لكرة اليد المصرية كانت بمعاونة مدربين أجانب، ونحن نملك ما يكفينا لكسر عقدة الخواجة، فكل أبناء جيلي يحدثون طفرة في الفرق التي يقودونها، وما درسته كان يهدف لأن أقوم بعملي بناء على طرق علمية صحيحة". وقد تكون تلك الطرق العلمية التي اتبعها رجب هي التي ساعدته على الظهور بقوة مع تجربته التدريبية مع الفريق الأول لنادي سبورتنج السكندري، خاصة أنه أبقى على الفريق موسماً بعد الآخر في منافسات متقدمة بجدول الدوري، حتى وصل بالفريق الحال في الموسم المنصرم للحاجة لخوض مباراة فاصلة بينه وبين النادى الأهلي بعد التساوي في النقاط، المباراة التي حصدها المارد الأحمر. المثير للاهتمام في تجربة رجب، كان في أن فريقه يخلو تماما من ما يطلق عليه "النجم الأوحد"، فالفريق يضم العديد من العناصر الشابة، التي لا تعلق أسمائها في أذهان الجماهير مثلما الحال مع باقي الأندية، ولن تجد في طريقة اللعب ما يؤدي لاعتماد كامل على لاعب بعينه، بل بالالتزام الخططي وهو ما يطبقه رجب حاليا وتدريجيا في المنتخب المصري. فمنذ البداية، يعتمد رجب على الشباب في قوام المنتخب، معللا "إن لم يظهر هؤلاء من الآن، لن يصلحوا لتمثيل بلادهم حينما يأتي الوقت المناسب، يجب الاستعانة بهم ووضعهم تحت الأضواء ليعتادوا هذا الوضع". واقتصرت تدعيمات رجب للمنتخب بعناصر الخبرة على ثلاثة لاعبين، أحمد الأحمر وحمادة النقيب ومحمد إبراهيم، خاصة مع ابتعاد الكبار عن تشكيلة المنتخب منذ فترة وهو ما حاول رجب النظر إلى جانبه الإيجابي "قد يكون ابتعاد الكبار عن الصورة أمر إيجابي، فنحن الآن نعطى الفرصة لمن هم أصغر سنا وتجديد دماء الفريق". بداية عنيفة
تعيين رجب مديرا فنيا وإن كان مؤقتا لم يمر بسهولة، إذ بعد ستة أشهر فقط من رحيل السعدني وضع في اختبار سريع لقدراته، بعدما قاد الفريق في مهمة صعبة في منافسات بطولة أمم إفريقيا التي استضافتها الجزائر في يناير 2014. ورغم فترة الإعداد القصيرة والأجواء العدائية التي خاض فيها الفراعنة مبارياته، وتحطم حافلة الفريق بعد فوزه على الدولة المضيفة، نجح حصد المركز الثالث في البطولة، والتأهل لكأس العالم. الانتقادات تعالت مع الهزيمة أمام تونس في مباراة قبل النهائي رغم الفوز عليها في دور المجموعات، وهو ما تعامل معه رجب بهدوء واضح "اللاعبون قدموا ما في وسعهم، والرياضة في النهاية مكسب وخسارة، فانا فزت على تونس (في المجموعات) والآن انهزمت، وهم فريق كبير له احترامه" مدعوما بالمركز المتقدم في البطولة، والأداء المشرف رغم الاعتماد شبه الكامل على أسماء ووجوه شابة، يقرر الاتحاد المصري إسناد المهمة بشكل رسمي لرجب، ما عنى خوضه منافسات كأس العالم في قطر وقد تمتد لكأس الأمم الإفريقية التي تستضيفها مصر في 2016. وهو ما علق عليه قائلا: "حمل كبير أن تجد نفسك في موقع المدير الفني للمنتخب المصري لليد، فأنت محاط بتوقعات وتطلعات وورائك تاريخ كبير تسعى للحفاظ عليه، ولكني أعمل فقط، بغض النظر عن أي شيء آخر، وأحاول جاهدا أن أمد اللاعبين بما تعلمته واكتسبته من خبرات". جوهري كرة اليد الخبرات التي اكتسبها رجب من مشاركته في الإنجاز الأكبر لكرة اليد المصرية، بالظهور في المربع الذهبي لمونديال العالم عام 2001، جعلته أكثر تفهما لاحتياجات الفريق لتكرار مثل هذا الإنجاز، فهو لا يرى أن ما حدث قد يعتبر "طفرة لن تتكرر" في كرة اليد المصرية. وأفصح "نحن نملك عناصر قوية ورائعة في الفرق المصرية، تحتاج الاستقرار والظروف المناسبة لتتألق، فنحن احتجنا سنوات طويلة لنحقق ما حققناه، وتدعيمات ومساندات مستمرة وصبر طويل على الفريق، وهو ما نحتاجه الآن وبشدة" وعن خططه المستقبلية يقول رجب: "هدفي إعداد جيل ذهبي جديد يمثل مصر، وإعادة الأمجاد لكرة اليد المصرية ووضعها في المكانة التي تستحقها، أحلم أن يقترن اسمي بالإنجازات، أتمنى أن أصبح جوهري كرة اليد المصرية". وعن الانتقادات التي طالت توليه المنصب مع صغر سنه ليصبح من أصغر -إن لم يكن بالفعل أصغر- مدير فني قاد المنتخب المصري عبر تاريخه يقول رجب: "طوال حياتي ردي دائماً يكون في الملعب".