ربما يكون الدربي الأكثر هدوء في بريطانيا "دربي الأصدقاء" كما يطلق عليه البعض، لكن "دربي ميرسيسايد" الذي يجمع ليفربول وإيفرتون يبقى أحد أقوى وأقدم وأشهر الدربيات في تاريخ الكرة الإنجليزية. ليفربول يستقبل جاره وغريمه إيفرتون في دربي وقمة جديدة بين فريقي مدينة ليفربول على ملعب أنفيلد في الثانية إلا الربع (بتوقيت القاهرة) من ظهر السبت في افتتاح الجولة السادسة للدوري الإنجليزي الممتاز. دربي ميرسيسايد هو الأطول وجودا في الكرة الإنجليزية على مستوى الدرجة الممتازة والتي يلتقي بها الفريقان بشكل مستمر منذ موسم 1962-1963، أطول من أي دربي آخر. دربي ميرسيسايد تسمية "دربي ميرسيسايد" تعود لمقاطعة ميرسيسايد التي تضم مدينة ليفربول مقر الفريقين. بداية القصة تأسس نادي إيفرتون عام 1878، وبدأ في خوض مبارياته على ملعب أنفيلد اعتبارا من عام 1884. في ذلك الوقت كان الملعب ملكاً لرئيس النادي جون هولدينج. هولدينج كان عضوا بحزب المحافظين، فيما كان أغلب أعضاء مجلس إدارة إيفرتون أعضاء بالحزب الليبرالي، ليبدأ خلاف سياسي ومالي بين هولدينج وإدارة إيفرتون. الخلاف بلغ ذروته عام 1892 حين قررت إدارة إيفرتون ترك ملعب أنفيلد الذي يمتلكه هولدينج وتأسيس ملعب جديد هو جوديسون بارك. وكان رد هولدينج بترك رئاسة النادي وتأسيس نادي جديد في ملعب أنفيلد، نادي ليفربول. ومباشرة انقسم سكان المدينة بين ليفربول وإيفرتون، فانضم المحافظون لتشجيع ليفربول فيما مال الليبراليون لإيفرتون. بل وتدخل الدين حين كان أغلبية أعضاء إيفرتون من الكاثوليك فيما مال البروتستانت أكثر لليفربول. لكن الأمر لم يستمر طويلاً مثلما هو الحال بين رينجرز وسيلتيك في اسكتلندا مثلاً، لتصبح جماهير الناديين من كل الفئات السياسية والدينية دون تفرقة. دربي الأصدقاء أغلب عائلات مدينة ليفربول تضم مشجعين لكلا الفريقين معا، لذا يطلق على المباراة "دربي الأصدقاء". مباراة ليفربول وإيفرتون هي إحدى الدربيات التي لا يتم فيها فصل جماهير الفريقين ويسمح لهما بالجلوس سوياً، وهو أمر نادر الحدوث في انجلترا. المسافة بين الناديين لا تتجاوز ميلا واحدا في شمال ليفربول، ويفصل بينهما فقط حديقة "ستانلي بارك". وبالرغم من بعض الخلافات السياسية والدينية بين ظهرت بين جماهير الفريقين في بداية نشأتهما إلا أن كل هذه الأمور انتهت مع الوقت. ونجحت إدارتا الناديين في إنهاء الانقسام الديني والسياسي بين جماهيريهما بالحفاظ على علاقات طيبة وقوية مع الجميع. خلال مباراة نهائي كأس الرابطة 1984 والتي جمعت ليفربول وإيفرتون على ملعب ويمبلي، قامت جماهير الفريقين معا بهتاف شهير في تاريخ الكرة الإنجليزية.. "ميرسيسايد ميرسيسايد.. هل تشاهديننا يا مانشستر؟" العلاقة توترت قليلا عقب "مأساة هيسيل" عام 1985، والتي أدت لحرمان الأندية الإنجليزية من البطولات الأوروبية لخمس سنوات بسبب عنف جماهير ليفربول أمام يوفنتوس الإيطالي في نهائي دوري الأبطال. سبب التوتر أن إيفرتون كان بطلاً للكأس في هذا الموسم وكان سيشارك أوروبيا في الموسم التالي لولا ليفربول. لكن مأساة أخرى عادت لتجمع الناديين سريعا، كارثة هيلسبروه 1989 والتي أدت لمصرع 96 مشجعا لليفربول وحدت المدينة. وقامت جماهير الفريقين بتعليق أوشحة ليفربول وإيفرتون عبر حديقة ستانلي بارك وعلى طول المسافة بين الناديين وبين ملعبي أنفيلد وجوديسون بارك. في دربي 2006، ارتدى قائد ليفربول ستيفن جيرارد ولاعب إيفرتون جيمس بيتي الرقم 08 بدلا من 8 على ظهريهما، في إشارة لاحتفال الفريقين باختيار مدينة ليفربول عاصمة للثقافة الأوروبية عام 2008. وفي عام 2007 وبعد مقتل الطفل ريس جونز (11 عاما) وهو أحد مشجعي إيفرتون في حادث سرقة، قامت إدارة ليفربول بدعوة أسرة الطفل لحضور مباراة لليفربول في دوري أبطال أوروبا. وقامت بإذاعة أغنية "زي كارز" الشهيرة لنادي إيفرتون بملعب أنفيلد لأول مرة قبل أغنية "لن تسير أبدا وحدك" التي يشتهر بها ليفربول. وفي أغسطس 2012 وحين صدر القرار النهائي في مأساة هيسلبروه، قام نادي إيفرتون بتحية ضحايا ليفربول ال96 قبل مباراته أمام نيوكاسل بالدوري. حين دخل أرض الملعب طفلان يرتديان قميصا ليفربول وإيفرتون والرقمين 9 و6، بينما هتفت جماهير إيفرتون "لم يكن عدواً.. لقد كان صديقي" في إشارة لجماهير ليفربول التي قضت في هذا الحادث. عنف الحاضر منذ انطلاق بطولة الدوري الإنجليزي بمسمى الدوري الإنجليزي الممتاز، أصبحت مباراة ليفربول وإيفرتون هي الأكثر عنفا داخل أرض الملعب. والمباراة التي ظهرت فيها أكبر عدد من البطاقات الحمراء في حقبتي التسعينيات والألفية الثالثة، ليتحول دربي الأصدقاء إلى دربي البطاقات الحمراء. بيل شانكلي المدرب التاريخي الذي قاد ليفربول بين عامي 1959 و1974 له جملة لا ينساها أبدا عشاق الريدز، "في مدينة ليفربول يوجد فريقان فقط لكرة القدم.. ليفربول، ورديف ليفربول".