من حق كل إعلامي أن يكون له موقف , طالما أن هذا الموقف يستند إلى حقائق ومعلومات وأدلة ثابتة تعززه , ولكن الذي لا يحق ولا يجوز , هو أن تطغى الأهواء والمصالح الشخصية و"المزاجات" و"النفسيات" الخاصة بالإعلامي على عمله , بحيث تصبح هذه الأهواء هي شغله الشاغل الذي يظهر رغما عنه ويطغى على أي كفاءة مهنية يتمتع بها , وهذا هو ما ينطبق على حالة ليلى سماتي مذيعة قناة "الجزيرة" الرياضية , والتي لم يعد ممكنا السكوت عليها أكثر من ذلك , لأن الأمر بصراحة زاد عن حده! أنا شخصيا لا أشكك في القدرات المهنية العالية التي تتمتع بها هذه المذيعة النشيطة والمثقفة التي تنتمي إلى إحدى دول المغرب العربي الشقيقة , ربما تونس أو المغرب لا أعرف بالضبط , ولكن ما يهمني هنا هو أن جانبا كبيرا من كفاءتها المهنية تهدرها للأسف بسبب هدف استراتيجي معين يبدو أنها وضعته في ذهنها منذ أن بدأت عملها في حقل الإعلام الرياضي , ويلاحظه ويعرفه كل من يتابعها ويتابع ما تقدمه. هذه السيدة للأسف تعتبر أن دول المغرب العربي هي الوحيدة التي "تفهم" في الرياضة وأنها زعيمة الرياضة العربية , وأن هذه الدول هي الوحيدة الجديرة بالاحترام وبحمل لواء الريادة العربية في المجال الرياضي , وهي لذلك تسخر معظم البرامج الرياضية التي تقدمها في هذه القناة لخدمة هذا الهدف ولتوصيل هذا المفهوم ولو "بالعافية"! ويا ليت الأمر اقتصر عند هذا الحد , فالرياضة المغاربية متميزة بالفعل في مجالات عديدة , ولكن الملاحظ أن الأخت ليلى "حاطة مصر في دماغها" منذ فترة , نلاحظ ذلك من خلال تجاهلها التام للأخبار الرياضية البارزة التي تحقق فيها فرق مصرية أو رياضيون مصريون أي إنجازات في نشرات أخبار قناة الجزيرة بصفة عامة , وإبراز أخبار هزائم الفرق المصرية عندما تحدث , بأسلوب مستفز!
"هذه السيدة للأسف تعتبر أن دول المغرب العربي هي الوحيدة التي "تفهم" في الرياضة وأنها زعيمة الرياضة العربية , وأن هذه الدول هي الوحيدة الجديرة بالاحترام وبحمل لواء الريادة العربية في المجال الرياضي". ومن منا لا يذكر ما فعلته هذه المذيعة عندما حضرت إلى القاهرة لتغطية مونديال اليد للكبار عام 1999 الذي استضافته مصر بنجاح منقطع النظير يبدو أنه أغضب ليلى , مما دفعها إلى بث تقرير في اليوم الافتتاحي للبطولة يقطر غيظا وألما , وقالت فيه إن المصريين أرهقوها للحصول على بطاقة الإعلاميين المكلفين بتغطية البطولة , (مع إنها هي الوحيدة التي تحدثت عن مشكلة كهذه وقتها) , وزعمت المذيعة أن هذه المشكلة تلقي الكثير من الشكوك حول قدرة المصريين على تنظيم مثل هذه البطولات العالمية! .. والله العظيم ما زلت أذكر هذه العبارة بالحرف الواحد , وأذكر جيدا كيف قالتها! هكذا بكل بساطة ألقت "كرسيا في الكلوب" , قبل أن تلقي "طقم صالون بحاله" على البطولة نفسها عندما تعمدت مساندة الجمهور التونسي المشاغب الذي اعتدى على الجماهير واللاعبين في مباراة مصر وتونس في البطولة نفسها , حيث بثت تقريرا يفيد ما معناه بأن المشجعين التوانسة هم الأبرياء وأن المصريين هم الذين بدأوا بالاعتداء عليهم! منذ ذلك الحين وأنا أتابع البرامج التي تقدمها هذه المذيعة , وأراها تبذل كل ما في وسعها في كل حلقة من أجل توصيل هدف واحد , وهو أن مصر هذه ليست دولة متفوقة رياضيا ولا تعرف شيئا عن الرياضة , وأن المغرب العربي هو الأول في كل شيء , ولكن إذا لزم الأمر فالخليج يكسب , "كله حسب الظروف" , وأذكر دائما كيف كانت ليلى شرسة وعدوانية وعصبية وهي تحاور شخصيات رياضية مصرية بارزة , وكم كانت وديعة ومسالمة وهي تحاور قريبا القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم! وفوجئنا مؤخرا بأن ليلى هي التي تتولى تغطية دورة أثينا الأوليمبية لقناة "الجزيرة" الرياضية , وبالفعل حدث ما توقعته منذ بداية الدورة , لقد ظلت المذيعة "تطبل وتهلل" في كل تقاريرها للرياضيين العرب المرشحين للذهبيات والفضيات , وتحديدا من دول المغرب العربي , دون أي إشارة إلى مصر ورياضييها المرشحين لنتائج طيبة , وطبعا لم يفتها أن تشير إلى أبطال قطر والسعودية المرشحين للفوز بميداليات في الدورة (رغم علمها بأن ثلاثة أرباعهم مجنسون) , وربما حاول باقي مذيعو القناة الآخرون التعامل مع الحدث بموضوعية , وخاصة المذيع المحترم أيمن جادة الذي اهتم كثيرا بالإشارة إلى الرياضيين المصريين منذ بداية الدورة. ولكن يبدو أن سير الدورة جاء على عكس ما تمنت ليلى , فقد فشل الرياضيون التوانسة والجزائريون فشلا مريعا , وهذا أمر أحزننا جميعا كعرب بالتأكيد , كما لم ينجح من العدائين المغاربة إلا هشام الكروج صاحب ذهبية 1500 متر وحسناء بن حسي صاحبة فضية 800 متر , ولكن جاء تفوق المصارعين والملاكمين المصريين بمثابة الكارثة على بعض الناس , فتوقعت منها , بحكم متابعتي لها , أن تلقي كرسيها الشهير في "الكلوب" , وبالفعل نفذت ليلى ما توقعته باقتدار وبسرعة تحسدان عليهما , فما إن فاز البطل المصري كرم جابر بالذهبية , وما إن حاول المذيع من الاستوديو