سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور| الآلاف من أهالي قرية "أم الزين" وقيادات مديرية أمن الشرقية يشيعون جثمان شهيد الشرطة زوجته: كان حلمنا نعيش مع بعض العمر كله مكناش عارفين إنه قصير كدا.. وعوضنا عليك يارب
"إذا كان الفراق صعبا، فالأكثر صعوبة هو أن يُدفن جثمان من تحب على بعد عدة أمتار منك، وتسير أمامه ليلا ونهارا دون أن تسطيع رؤيته أو محادثته"، هذه العبارة المؤلمة تلخص حال أسرة فهمي عبد الناصر محمد، 26 عاما، أمين الشرطة الذي استشهد مساء أمس، بعد إصابته بالرأس أثناء مطاردة سائق رفض الامتثال للتعليمات، وامتنع عن الخضوع لفحص تراخيص سيارته. البداية كانت عندما تلقى اللواء محمد كمال جلال، مدير أمن الشرقية، إخطارا من مركز شرطة الزقازيق، يفيد أن الشهيد كان ضمن حملة مرورية من قوة إدارة مرور الشرقية أمام جامعة الزقازيق بدائرة مركز شرطة الزقازيق، واستوقف سيارة لكن قائدها لم يمتثل وحاول الفرار، ما أدى إلى اصطدامه بفتاة تصادف مرورها بالشارع، وعلى إثر ذلك قام أمين الشرطة بمطاردة السيارة والتشبث ببابها لمحاولة منع قائدها من الهرب، إلا أنه استمر في الهرب بسرعة جنونية وتعدى على أمين الشرطة بالضرب لإبعاده عن السيارة، وصدمه بعامود إنارة أمام أحد المستشفيات، وأسقطه أرضا، ما أدى لإصابته بكدمات وجروح خطيرة بالرأس وجرح قطعي بالجبهة، وتوفي متأثرا بإصابته. وتمكنت القوات المشاركة بالحملة المرورية من ضبط السيارة مرتكبة الحادث وقائدها بمساعدة الأهالي. وأمرت نيابة مركز شرطة الزقازيق بإشراف المستشار أحمد دعبس المحامي العام الأول لنيابات جنوبالشرقية بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق. "عوضنا عليك يارب"، ظلت هدى نبيل لطفي رضوان، 25 عاما، زوجة الشهيد، تردد هذه العبارة قبل وصول جثمان زوجها من مسشتفى جامعة الزقازيق، داعية له بالرحمة والمغفرة. وظلت هدى والآلاف من أهالي قرية "أم الزين" التابعة لمركز الزقازيق، ينتظرون وصول جثمان زوجها محاولة التماسك، ومكثت بالمنزل أملا في أن تلقي عليه نظرة الوداع الأخيرة، إلا أن ذلك لم يحدث لتفاجأ عند وصول الجثمان بقيام زملائه من أفراد وأمناء الشرطة والأهالي باصطحاب الجثمان للمسجد لأداء صلاة الجنازة عليه مباشرة، والإكتفاء بالمرور بالجثمان من أمام المنزل دون الدخول، لتهرول مسرعة أملا في اللحاق به لتلقي عليه نظرة أخيرة، ولكنها لم تتمكن من اختراق المشهد الجنائري المهيب الذي ضم الآلاف، في مقدمتهم قيادات مديرية الأمن. وقالت الزوجة، وهي منهارة في البكاء "انتوا قولتوا إني هشوفه، ضحكتوا عليا ليه؟ دي آخر مرة استكتروتها ليه مش كفاية هيتدفن جنب البيت ومش هعرف أشوفه تاني". وقالت هدى "تزوجت فهمي منذ 9 أعوام وأنجبنا ثلاثة أطفال، هم رنا 9 أعوام، ومحمد 6 أعوام، وميرنا 5 أعوام". وأضافت أنها تحمل جنينا آخر منذ شهرين، وتصمت قليلا ليتخلل الكلام الدموع التي تتساقط من عينها قائلة "حلمنا نعيش مع بعض العمر كله، مكناش عارفين إنه قصير كده". وأشارت إلى أن آخر يوم رأت فيه زوجها هو صباح يوم الحادث، الاثنين الماضي. وأردفت "فوجئنا بتلقي اتصال هاتفي من أحد زملائه يدعى عبد الفتاح حسن، أمين شرطة، يخبرنا بأن فهمي تعرض لحادث وتم نقله للمستشفى، وأنه بخير ويريد رؤيتكم فقط". وتابعت أنها توجهت بصحبة والده عبد الناصر محمد، عامل، 52 عاما، ووالدته ألطاف إبراهيم السيد، 45 عاما، وطفليها، للمستشفى مهرولين ليصدمهم رؤية زملائه يقفون على باب المستشفى وأمام غرفة العمليات ينخرطون في البكاء لترتعد قلوبهم خوفا وهلعا عليه، وتوجهوا لزملائه بسيل من الأسئلة عن حقيقة ما تعرض له وعن حالته الصحية، ليخبروهم بإنه في غرفة العمليات وسيخرج سريعا. وواصلت أن الخروج لم يكن سريعا وإنما مكث في غرفة العمليات ما يقرب من 8 ساعات وتم وضعه بغرفة العناية المركزة ويخبرهم الأطباء أنه إذا تم شفائه عقب 48 ساعة سيتم إجراء عمليتن جراحيتن له. وأضافت أنها غادرت المستشفى مساء الاثنين وتوجهت للمنزل حتى تتمكن من رعاية أبنائها الثلاثة لتعود مرة أخرى صباح الثلاثاء، وتجد حالته مازالت سيئة للغاية ويطمئنها الأطباء بأنه سيكون بخير، وعادت للمنزل ثانية لتفجأ بناء وفاته ليفقدها ذلك القدرة على الحركة وما أن استعادت قواها مرة أخرى، وأرادت التوجه للمستشفى أخبرها ذويها بأنهم قادمين بالجثمان. "ابني الوحيد مات وولاده اتيتموا من بعده"، ظلت الأم المكلومة تردد هذه العبارة. وقالت "كنت حاسة إن ابني هيموت من أسبوع وعنيا كانت ملياها الدموع ومش راضية تنزل". وفي نفس السياق، أعلن أفراد وأمناء الشرطة في الشرقية استياءهم وغضبهم جراء الاعتداء على زميلهم بهذا الشكل لمجرد أنه يؤدي واجبه. وأعلن أفراد إدارة المرور الاستمرار في الإضراب عن العمل حتى يتم تكريم زميلهم المتوفى، وإقرار قانون يحمي أفراد الشرطة أثناء مزاولة عملهم في الشارع.