تعالَ نتفق أولاً.. درس مهم نتعلمه من جرائم وتجاوزات أمناء الشرطة عنوانه «التبرير خسّرنا كتير»، وقوع الخطأ فى حد ذاته ليس جريمة حتى ولو كان تجاوزاً، فالخطأ وارد وكل بنى آدم خطّاء، ولكن التهرب من محاسبة المذنب ومحاولة تبرير جريمته تلك هى المشكلة. الاستمرار فى تبرير أخطاء أفراد الشرطة أو غيرهم يعنى بالتبعية استمرار الناس فى تخزين الغضب، وصدور الناس لم تعد أرضاً براحاً كما السابق، وحادثة واحدة وثانية وثالثة قادرة على أن تشعل غضبهم كما كان المشهد فى الدرب الأحمر أو أمام مديرية أمن القاهرة. هتبرر هتخسر.. هذا هو الملخص المفيد، اعترافك بالمشكلة يعنى اكتساب ثقة الناس فى الشارع والبدء فى مرحلة العلاج وسط مساندة شعبية، أما اللجوء إلى تكرار مصطلح «هذه حوادث فردية»، فلم يعد له قبول شعبى، حتى «الست فردية نفسها» سوف تقول لك: «ارحمونى أنا تعبت معاكم»، العلم نفسه سيكذب قيادات الداخلية إذا أصروا على استخدام لفظ «فردية» لأن الحادث الفردى حينما يتكرر أكثر من مرة يتحول إلى ظاهرة، واقع، حقيقة تستدعى الاعتراف بخطورتها ودراستها ثم علاجها. لم يعد لائقاً أن كل نقد لأخطاء الداخلية أو لمؤسسة من مؤسسات الدولة يكون سبباً فى اتهام صاحبه بأنه إخوان أو 6 أبريل أو طابور خامس، لا يا سيدى سأغلق فى وجهك هذا الباب وأخبرك أن روحى فداء كل ضابط وفرد وأمين شرطة وقيادة فى الداخلية محترمة وتقوم بواجبها فى تأمين هذا الوطن وحمايته من الإرهاب، وأن دم أقل شهيد فى الداخلية أطهر من أطهرنا جميعاً، ولذا لا يمكن السكوت عن ضياع حقهم وجهدهم بالصمت على التجاوزات التى يرتكبها بعض ممن ينتمون لمؤسستهم. وسط محاولات التبرير والنفى، أصدر الرئيس بيانا حول أزمة أمناء الشرطة أكد فيه لوزير الداخلية أن ما يُمنح لأفراد الأمن من سلطات هدفه حماية الناس وخدمة الوطن لا التجاوز فى حقهم، ودعا لإدخال بعض التعديلات والتشريعات الجديدة خلال 15 يوماً من أجل ضبط الأداء الأمنى، هذا البيان الرئاسى يمثل اعترافاً بأزمة حاول كثيرون إنكارها واتهام من يتحدث عنها بأنه يكره مصر، وكلمات الرئيس تعنى أن صوت غضب الناس قد وصل له فقرر أن يتحرك مسرعاً، وتلك هى الميزة الأولى للبيان. فى الفترة المقبلة سيكون الحديث عن هيكلة الداخلية والتشريعات الجديدة، وبغض النظر عن شكل هذه التشريعات أو طبيعتها، لا بد ألا يغيب عامل واحد مهم مع كل خطأ أو تجاوز وهو عامل سرعة الإجراءات للحفاظ على ثقة الناس، فلم يعد مقبولاً أن يتم الضحك على الناس بوعود عن محاكمة أمين الشرطة المخطئ وفجأة يجدونه خارج جدران المحاكمة، وتلك هى المشكلة التى تسببت فى فقدان ثقة الشارع فى أى بيان أو تصريح صادر عن الداخلية أو النيابة، لأن حزمة التجاوزات الأخيرة شهدت خروجاً متتالياً لكل أمين وفرد شرط متهم فى جريمة. مثلاً.. فى 18 فبراير 2016 تم إخلاء سبيل أمين الشرطة المتهم فى واقعة التعدى على سيدة والتحرش بها بالقرب من مترو عزبة النخل بضمان وظيفته. وفى 11 فبراير 2016 تم إخلاء 9 من أمناء الشرطة المتهمين فى واقعة الاعتداء على أطباء المطرية من سراى النيابة بضمان الوظيفة. وفى 7 فبراير أخلت نيابة كوم حمادة بالبحيرة سبيل أمين الشرطة المُتهم بالاعتداء على إحدى الممرضات. وفى 6 يناير تم إخلاء سبيل أمين شرطة بوحدة مرور البساتين بعد اتهامه بالحصول على الرشوة. وفى 28 ديسمبر 2015 تم إخلاء سبيل أمين الشرطة المتهم بقتل خالد أبودية.