سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«أم أسعد»: «أنا أزلم من 100 زلمة».. وأقنع «النسوان» بالنزول للجبهة «بشرى» زوجة وأُم ل3 أطفال استُشهد أخوها على يد شبيحة الأسد فدشّنت أول كتيبة نسائية لدعم الثورة
تحمل سلاحاً بيمناها، وبيسراها تُعد الطعام لزوجها ولثلاثة من أطفالها، أكبرهم لا يتجاوز عمره السنوات الثمانية. تذهب فى الصباح للمرور على منازل شهداء الجيش الحر، والنازحين من أبناء مدينة حلب إلى منطقتها «حيرتان» للاطمئنان عليهم ومعرفة متطلباتهم وإيصالها من خلال كتيبتها النسائية إلى كتيبة الأقصى الإسلامية الداعمة لها. «بشرى كعكة» سيدة ثلاثينية تحدت الصعاب والمشكلات التى واجهتها منذ خروجها إلى الثورة، فى ريف حلف، خصوصاً بعد مقتل أخيها على أيدى شبيحة النظام الأسدى، وهو ما جعلها تذهب إلى رياض الأسعد، رئيس ومؤسس الجيش السورى الحر فى تركيا وتطالبه بتسليحها هى أو الشباب من أبناء منطقتها، خصوصاً أن أغلبهم يسقطون فى مواجهة الجيش الأسدى، نظراً لعدم توافر السلاح من ناحية، وعدم وجود معسكرات تدريبية فى الريف تعلِّم الشباب فنون القتال. استقبلها الأسعد، فقالت له «بدى سلاح»، فرد عليها: «مافيش رجال عشان تمسكى سلاح؟»، فردت عليه: «أنا أزلم من مية زلمة عندك لحد ما قدرت أوصل لك هون». شعرت «كعكة» أن الأسعد يستهزئ بها ولن يتقبل فكرة أن تمسك السيدات سلاحاً لكى تقف إلى جوار الجيش الحر على جبهات القتال. بدأ عقلها يفكر «كيف أقنع النسوان بالنزول إلى الجبهة للقتال؟ هل ألبس النسوان رجالاً وأوقفهن ورائى ونشكل كتيبة؟». التحديات التى واجهتها «كعكة» حتى بعد مقتل أخيها دفعتها إلى تشكيل كتيبة نسائية على أرض الواقع، ووجدت بين النساء من استحسن الفكرة وشاركن معها، وظهر ذلك من خلال مقطع فيديو ظهر فيه ما يقرب من 15 سيدة يُعلنّ تدشينهن كتيبة القاسم لحرائر حلب وريفها. انتهت «كعكة» من تدشين كتيبتها، وبقيت أمامها مشكلة التسليح، فذهبت هذه المرة إلى القائد العسكرى فى حلب، فلم تتمكن من مقابلته إلى أن زار منطقتها «حيرتان» ووقفت وسط الرجال وطلبت منه التسليح، فأخبرها بأنه لا يملك تسليحاً كافياً. فى البداية طلب منها الموجودون عدم التحدث، إلا أنها أبت ووجهت حديثها للقائد: «ليش عم بتستثنوا النساء، إنت ما بتعرف إن هذه البطن جابت أبطال، إنت ما بتعرف إن أم لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كانت امرأة، وأم لسيدنا عيسى كانت امرأة». كلماتها نالت إعجاب الموجودين، لدرجة جعلت أحد الرجال، يُدعى عبدالرحيم كريم يعطيها بارودته، ومن وقتها وهى لا تتركها ولكن لا تعلم ماذا تفعل بها، خصوصاً أن أغلب السوريين لا يتقبلون فكرة أن تنزل المرأة إلى الجبهة، قائلة: «الإمكانيات ضعيفة، وأغلبهم هنا يرفضون لأنى امرأة، ويجوز رب العالمين مأخرنى لبعدين، أنا على استعداد أكمش السيدات الشبيحات، أنا طلعت لله، إحنا إن شاء منتصرين». ما زالت «بشرى» تتذكر أول يوم شاركت فيه فى الثورة، وكان منذ عام تقريباً عندما التحقت بمظاهرة كان ينظمها الشباب، وكان عددهم لا يتجاوز ال300 شاب، مرددة: «مشاركتى فى الثورة كانت فجأة بعدما رأيت الجيش الأسدى وشبيحته يحرقون المنازل، ويستهزئون بالصلاة، غيرتى على دينى هى اللى جعلتنى أشارك، نزلت وكنت لابسة جلباب ما حدا عرفنى، وأول ما نزلت على الساحة، صرخ الرجال وقالوا زغرتوا يا رجال، معنا حريم، وزغرتوا الرجال». الواقعة الثانية التى شاركتْ فيها «كعكة» كانت أثناء عودتها من حلب ووجدت الشباب يقطعون طريق «غازى عناب حيرتان» لأن الشبيحة قبضوا على شاب يُدعى «مصطفى صطوف» معروف عنه أنه مغنى للثورة السورية، إضافة إلى ضربهم شيخاً كبيراً على رأسه، فما كان منها إلا أنها هتفت ضد الأسد: «الله سوريا والأسد جرثومة فيها.. يا الله ويا جبار تعدم ها الكافر بشار، ليش خايفين على ولادكم، ما أغلى من أطفال درعا، وبيوتكم ما أغلى من بيوت أهل حمص، قتلوا القاشوش، وأخدوا صطوف». تضحك «بشرى»: «هنا حسيت أن الأمن هياخدنى، بس هما كان بدهم يهدوا الدنيا والمظاهرات، وبعدها زوجى قالى ضلى فى البيت، لأن اسمك نزل على الإنترنت، قلت له إنت بدك هيك ماشى، وما سمعت له كلمة، وقلت لنفسى هلا ما أطلع، وبعدين أبقى أطلع». أكثر ما يؤلم «بشرى» هو مقتل أخيها على أيدى شبيحة النظام، وإلقائه على الطريق بجوار مقلب للقمامة، قائلة: «أخى التحق بالجيش الحر فى صلاح الدين، وكنا باركين فى ضيعتنا، بدُّه ينزل على حلب، قلت له يا أخوى لا تنزل، بدِّى أنزل على رياض الأسعد عشان أطلب منه سلاح يسلحنا، لا تستعجل لا تروح»، إلا أنه رفض، وقال لها: «بدِّى أنزل، شغلتك فاضية، أنا بقالى 3 أيام باشوف فى منامى أنى عم باطير، وفى ناس بتتطلع فيه وعم باضحك». تستطرد «كعكة» حكايتها: «بعد 3 أيام نزل على حلب، وهو نازل على طريق الليرمون طلع له حاجز للجيش النظامى فيه شبيحة، وعلويين، نزِّلوا أخويا وفتشوا فى التليفونات، فوجدوا على تليفونه رسالة قصف القاصر، والخطيار والله يلحق بشار فيهم»، لينهالوا عليه ضرباً أمام الشباب، بعدها أخدوه على الجوية، عذّبوه وضربوه بالبارودة على وجه، ورابطين رأسه برابطة سوداء، وإن هو من تنظيم القاعدة الإرهابيين حتى دمه لسه عليها، أنا تركتها حتى أمسك شبيحة وأخنقه بيها». ومن وقتها و«كعكة» تنزل المظاهرات وتخاطب الناس بالجهاد ضد الجيش الأسدى وشبيحته، مرددة: «فى البداية كانوا يتفاجأون من نزولى، وكل لما أنزل عدد الشباب بيزيد، كانوا بيجوا يتفرجوا علىّ فى الأول، وكان خطابى ليهم لا تقولوا بدِّنا حرية، قولوا بدنا إعلان الجهاد». تتابع بشرى: «نزلت معاهم مرتين وقت ما ادخل الجيش، وكان معى وقتها سلاح (موبكشا) و4 طلقات فقط، وتانى مرة نزلت من غير سلاح وكان الشباب بدّهم ينسحبوا قُلت لهم يرجعوا، خُفت لاحسن يحصل زى المرة اللى فاتت لما انسحبوا ووقع 9 شباب يحرقوا القلب، بس دول كانوا أول شباب يقعوا عندنا فى الثورة». وحول مدى تقبُّل أطفالها الثلاثة فكرة الكتيبة وحمل السلاح قالت «كعكة»: «ولادى ثوار ما شاء الله عليهم، يعنى هما بيصيروا كتيبة لوحدهم، ساعات كتير باتركهم لحالهم فى البيت، وأنزل المظاهرات أو أتركهم عند جدتهم، ولما باخرج بيكونوا عارفين راحة وين، وبيقولوا لى يا ماما ربنا يحميكى». أخبار متعلقة: «الوطن» على خط النار وجبهات القتال فى «حلب» قائد المجلس العسكرى لحلب ل«الوطن»: موقف «مصر الثورة» ليس على قدر الدماء التى سفكت في سوريا