عاد الطفل ريموند ف. شينازى، ابن السنوات العشر مع والده من السينما وما إن فتح الباب حتى وجد أمه تصرخ وتبكى قائلة: «لقد صدر أمر من عبدالناصر بطرد اليهود وعلينا أن نغادر مصر حالاً»، عاش الطفل حياة قاسية فى مخيم لاجئين على حدود وطن أبيه الأصلى، إيطاليا، ظل شينازى حتى هذه اللحظة يتذكر مكان ميلاده بالإسكندرية ويطلب من أصدقائه حين يحضر إلى مصر زيارة الحسين، يعرفه الجميع بأنه مخترع السوفوسبوفير (السوفالدى)، ولكن هذا الاختراع مجرد محطة فى رحلة طويلة مليئة بالجهد ومشحونة بالألم والعمل والإصرار، لم يترك ثانية واحدة فى حياته دون نقلة جديدة، لا يستطيع أن يعيش لحظة دون أن يتعلم جديداً، سمعته هنا فى مصر يحكى عن أنه عانى من الملل بعد دراسة العلوم والصيدلة فقرر دراسة الطب!! ولكى نعرف تفاصيل الرحلة الرهيبة الشاقة التى برغم ذلك يحس شينازى بالملل أحياناً منها وهو الذى نشر 480 بحثاً وألّف سبعة كتب وحصل على جوائز تملأ حجرة بكاملها!! درس العلوم والصيدلة والطب واخترع علاجاً للإيدز وفيروس «سى» بداية رحلته كقاهر للفيروسات بدأت ببكالوريوس العلوم عام 1972، والدكتوراه عام 1976 فى الكيمياء من جامعة باث، بإنجلترا، وأنهى فترة الامتياز فى علم الصيدلة بجامعة ييل مع د. بيل بروسوف ثم فى قسم علم الڤيروسات/علم المناعة بجامعة إمورى مع د. أندريه نهامياس، أسس فى البداية شركة «فارماست» للتكنولوجيا الحيوية، التى طورت دواء سوفوسبوفير لعلاج ڤيروس «سى»، والتى بيعت بعد ذلك إلى شركة «جيلياد» التى تملك الحق الحصرى فى تسويق الدواء حالياً، فى صفقة ضخمة تجاوزت 11 مليار دولار، حصل فيها شينازى على 440 مليون دولار نظراً لمجهوده الكبير وإشرافه على تطوير الدواء، ثم أسهم فى تأسيس خمس شركات كلها مهتمة بعلاج الفيروسات للكبد والإيدز والهربس، وقام أيضاً بتطوير دواء «امتريفا» الذى كسب فيه 200 مليون دولار، من أكثر الأدوية رواجاً لعلاج الڤيروس المسبب للإيدز وجزء رئيسى لمركب تروفادا وأتريبلا المستخدمين على نطاق واسع لعلاج الإيدز، استخدم شينازى بعض من الأموال التى جناها من دواء امتريفا فى تأسيس «آر إف إس» للأدوية، والتى تحمل الأحرف الأولى من اسمه، وكذلك هو المؤسس الرئيسى لإدنيكس للأدوية، التى أصبحت أكثر شهرة مؤخراً وتضم من بين مستثمريها صانع الأدوية السويسرى نوفارتس وأسس أيضاً بيوتيكس للأدوية، وما زال شينازى يطمح للمزيد والمزيد من النجاح والاكتشاف والاختراع وقهر الفيروس اللعين المخادع.