فى وقت الأزمات والفتن يلجأ الإنسان إلى الله تعالى أكثر من أى وقت. ويُمنى نفسه بالجزاء الجميل فى الآخرة. وهذا مما يصرف الناس عن الانشغال بالمادة فقط أو بالصراع لا غير. رزقنا الله تعالى جميعاً الجنة. الجنة وما أدراك ما الجنة (فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر). هل رأيت الجنة؟؟ عندما يرى الإنسان حديقة فى هذه الدنيا يشعر بالراحة أكثر من مشاهدة الصحراء الجرداء، وخاصة إذا كان من سكان العشوائيات أو القبور. فما بالك بجنة رب العالمين؟ مما جاء فيها من أقوال: يأكل أهل الجنة فيها ويشربون، ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يبولون، ولكن طعامهم ذاك جشاء كرشح المسك. يلهمون التسبيح والحمد، كما يلهمون النفَس. قال وفى حديث حجاج «طعامهم ذاك». وفى رواية: بمثله، غير أنه قال: ويلهمون التسبيح والتكبير، كما يلهمون النفس. المصدر: صحيح مسلم. مفتاح الجنة: الجنة مفتاحها (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، (والأعمال الصالحة) هى أسنان المفتاح التى بها يعمل، وأول من يدخلها (سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)، بعد أن يشفع للمؤمنين بدخولها. أبواب الجنة: «وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا»، «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ» (سورة الزمر). وأبواب الجنة ثمانية وقيل أسماؤها: باب محمد صلى الله عليه وسلم. (باب التوبة - باب الصلاة - باب الصوم وهو باب الريان- باب الزكاة - باب الصدقة - باب الحج والعمرة - باب الجهاد - باب الصلة). درجات الجنة وغرفها: والجنة درجات أعلاها الفردوس الأعلى وهو تحت عرش الرحمن جل وعلا ومنه تخرج أنهار الجنة الأربعة الرئيسية: (نهر اللبن - نهر العسل - نهر الخمر - نهر الماء). وأعلى مقام فى الفردوس الأعلى هو مقام الوسيلة، وهو مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن سأل الله له الوسيلة حلّت له شفاعته، صلى الله عليه وسلم، يوم القيامة. ثم غرف أهل عليين، وهى قصور متعددة الأدوار من الدر والجوهر، تجرى من تحتها الأنهار يتراءون لأهل الجنة، كما يرى الناس الكواكب والنجوم فى السماوات العلا. وهى منزلة الأنبياء والشهداء والصابرين من أهل البلاء والأسقام والمتحابين فى الله. وفى الجنة غرف من الجواهر الشفافة، يُرى ظاهرها من باطنها وهى لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام. ثم باقى أهل الدرجات وهى مائة درجة، وأدناهم منزلة من كان له مُلك مثل عشرة أمثال أغنى ملوك الدنيا. وللجنة أنهار وعيون، تنبع كلها من الأنهار الأربعة الخارجة من الفردوس الأعلى، وقد ورد ذكر أسماء بعضها فى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة منها: - نهر الكوثر وهو نهر أُعطى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجنة، ويشرب منه المسلمون فى الموقف يوم القيامة شربة لا يظمأون من بعدها أبداً بحمد الله تعالى، وقد سُميت إحدى سور القرآن باسمه، ووصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن حافتيه من قباب اللؤلؤ المجوّف، وترابه المسك، وحصباءه اللؤلؤ، وماءه أشد بياضاً من الثلج، وأحلى من السكر، وآنيته من الذهب والفضة. - نهر البيدخ وهو نهر يُغمس فيه الشهداء، فيخرجون منه كالقمر ليلة البدر، وقد ذهب عنهم ما وجدوه من أذى الدنيا. - نهر بارق وهو نهر على باب الجنة، يجلس عنده الشهداء، فيأتيهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً. - عين تسنيم وهى أشرف شراب أهل الجنة، وهو من الرحيق المختوم، ويشربه المقربون صرفاً ويُمزج بالمسك لأهل اليمين. - عين سلسبيل وهى شراب أهل اليمين، ويُمزج لهم بالزنجبيل. - عين مزاجها الكافور وهى شراب الأبرار. وجميعها أشربة لا تُسكر ولا تصدع ولا تُذهب العقل، بل تملأ شاربيها سروراً ونشوة لا يعرفها أهل الدنيا، يطوف عليهم بها ولدان مخلدون، كأنهم لؤلؤ منثور بكؤوس من ذهب وقوارير من فضة. وطعام أهل الجنة من اللحم والطير والفواكه، وكل ما اشتهت أنفسهم (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ). هل بعد هذا الجزاء من جزاء؟ وهل بعد هذا الإكرام من إكرام؟ وهل بعد هذا من صراع فى الدنيا أو عليها؟ هذه كلها أوضاع وأمور يفكر فيها الإنسان العاقل المتزن الذى لا يعيش دنياه كما تعيش بعض المخلوقات الأخرى، والذى لا يعيش دنياه فى الفساد وللفساد، وفى الإثم والعدوان، والحمد لله تعالى الذى يُرينا آياته العظيمة فى بعض خلقه. نعم المال للصالح للرجل الصالح، وبئس المال الفاسد للرجل الفاسد. يقول الله تعالى (وقل اعملوا)، وبيّن لنا طريق وطريقة العمل وكيف يكون. فمن تجاوز ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه، ولكن هناك وقتاً لا ينفع فيه اللوم، ولا حتى التوبة، وذلك حين الغرغرة. والعاقل لا ينتظر تلك اللحظة أبداً. ندعو الله تعالى المغفرة للجميع. والله الموفق.