شهدت الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور حالة من الجدل والخلاف بين أعضائها حول أحد مواد فصل الأحكام المشتركة ب"الباب الرابع"، والخاص بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وهي المادة (203) ونصها "يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، وهم غير قابلين للعزل، ويُحظر عليهم ما هو محظور على الوزراء". حيث استمر النقاش حول المادة مدة تجاوزت النصف ساعة بعد إن حاول ممثلي حزب الحرية والعدالة حشد الأعضاء للتصويت لصالح موقف محدد، وهو إن لا يتم عزل رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بموافقة ثلثي مجلس الشورى. ليصبح نص المادة: "يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يتم عزلهم إلا بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الشورى، ويُحظر عليهم ما هو محظور على الوزراء." كما تم الإبقاء على نص المادة 201 الأولى من هذا الباب كما هي، في الفصل الأول منه، بعنوان "أحكام مشتركة" ونصها: "تتمتع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، المنصوص عليها في هذا الدستور، بالشخصية الاعتبارية العامة، والحياد، والاستقلال الفني والإداري والمالي. ويجوز، عند الاقتضاء، وبموجب قانون، إنشاء هيئات مستقلة وأجهزة رقابية أخرى، تتمتع بذات الضمانات. ويتعين أخذ رأى هذه الهيئات والأجهزة في مشروعات القوانين المتعلقة بمجالات عملها". أما المادة (202) ونصها: "تقارير الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية علنية، وتنشر على الرأي العام على النحو الذي ينظمه القانون، وتقدم إلى رئيس الجمهورية ومجلسي البرلمان، ويجب على مجلس النواب أن ينظرها ويتخذ حيالها الإجراء اللازم في مدة لا تجاوز تسعين يوما من تاريخ ورودها إليه. وتبلغ الأجهزة الرقابية سلطات التحقيق المعنية بما تسفر عنه نتائج أعمالها من قيام دلائل على ارتكاب مخالفات أو جرائم. وكل ذلك على النحو الذي ينظمه القانون". ودار حولها بعض المناقشات، وقال خالد الأزهري، وزير القوى العاملة، إن هناك حاجة لوجود ضابط على هذه الهيئات إلى جانب الضابط البرلمان أيضا. وأضاف الدكتور محمد محيي الدين أن هذه الهيئات والأجهزة ستقوم باتخاذ الإجراء اللازم من جانبها. وأكد الأعضاء أن مسألة العلنية للتقارير الرقابية معترف بها في كل أنحاء العالم، كما وافق الأعضاء على الإبقاء على مبدأ العلنية في هذه المادة ونشرها على الرأي العام، وبشأن مدة 90 يوما، في ظل أن تقارير الهيئات تصل إلى 1200 تقرير، وعدم تكرار كلمة "على النحو الذي ينظمه القانون"، والإبقاء عليها في الآخر فقط. وحول مدة ال90 يوما، قال الدكتور أحمد دياب إن ذكر المدة يضع قيدا على البرلمان. وقال الدكتور يونس مخيون إن الدستور يوضع لعقود قادمة، وبالتالي يحتاج الأمر إلى وقت. ووافق الأعضاء على أن تكون المدة المحددة في هذه المادة 6 أشهر. واقترح الدكتور محمد البلتاجي إضافة "في خلال شهر من تاريخ الصدور"، بعد عبارة "وتقدم إلى رئيس الجمهورية ومجلسي البرلمان". أما المادة "204" ونصها "يصدر قانون بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي، يحدد الاختصاصات الأخرى غير المنصوص عليها فى الدستور، ونظام عملها، ويمنح أعضاءها والعاملين الفنيين فيها الضمانات اللازمة لأداء عملهم، ويبين طرق تعيينهم وترقيتهم ومساءلتهم تأديبيا وعزلهم وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل استقلالهم". فقد تمت الموافقة على حذف العاملين والفنيين من النص، ليصبح: "يصدر قانون بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي، يحدد الاختصاصات الأخرى غير المنصوص عليها في الدستور، ونظام عملها، ويمنح أعضاءها فيها الضمانات اللازمة لأداء عملهم، ويبين طرق تعيينهم وترقيتهم ومساءلتهم تأديبياً وعزلهم وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل استقلالهم". فيما وافقت الجمعية على بقاء المادة "205" كما هي، ونصها: "تختص المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالعمل على محاربة الفساد، ومنع تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الاستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك، وضمان تنفيذها من خلال الأجهزة المعنية، وفقا لما ينظمه القانون". كذلك بقاء المادة "206" بدون تعديل، ونصها "يتولى الجهاز المركزي للمحاسبات الرقابة على الأموال العامة وحمايتها، والرقابة المالية على الجهات التي يُعهد إليه بها، وذلك على الوجه الذي ينظمه القانون". وبقاء المادة "207" يختص البنك المركزي بوضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وتنفيذها، ومراقبة أداء الجهاز المصرفي، وله وحده حق إصدار النقد، ويعمل على تحقيق استقرار الأسعار وسلامة النظام النقدي والمصرفي، وذلك كله في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة".