تحقيقات موسعة مع مدير مدرسة متهم بالتحرش بطالبة بالقليوبية، والعقوبة قد تصل للسجن المشدد    وكيل التعليم بالإسكندرية للمعلمين: استثمروا التكنولوجيا لتقديم خدمة تعليمية أفضل    بنشترى عيش.. محافظ بور سعيد يفاجأ بطالبتين خارج المدرسة ويحيل المديرة للنيابة    النائب محمد حلاوة: نعمل على دعم الصناعة والصادرات الفترة المقبلة    وزير التعليم يتفقد انتظام الدراسة بالشرقية    بمناسبة اليوم العالمي للغة الإشارة.. تشغيل 72 مركزا لغويا على مستوى الجمهورية.. دمج 587 طالبا من الصم وضعاف السمع بكليات التربية النوعية ب 13 جامعة خلال 2025    4 جنيهات تراجعا في البلدي، سعر الفراخ اليوم الثلاثاء (آخر تحديث)    أورنچ بيزنس شريك التكنولوجيا الرسمي لمعرض «سيتي سكيب مصر» 2025    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العامة في ميناء دمياط    إزالة ل27 حالة تعدٍ بمركزي فايد والقنطرة غرب    موسكو تعلن تأجيل وإلغاء 200 رحلة جوية بسبب هجوم بالطائرات المسيرة    أمريكا تمنع الوفد الإيراني المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة من التسوق في نيويورك    إعادة التاريخ إلى مساره الصحيح.. ماذا قال أبو الغيط خلال كلمته بمؤتمر حل الدولتين في نيويورك؟    حقيقة اقتراب إمام عاشور من الرحيل عن الأهلي    محافظ بني سويف يلبي طلب عروسين من الصم والبكم بحضور زفافهما    إحالة تشكيل عصابي تخصص في السرقة بأسلوب استدراج الشباب في القاهرة للجنايات    إصابة 9 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بالشرقية    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    محضر رسمي يتهم مدير مدرسة بالتحرش بطالبة داخل مصلى في شبين القناطر    الداخلية تكشف ملابسات تعدي سائق أجرة على مسن بالشرقية    وزيرة التضامن تتابع تجهيزات مستشفى عبلة الكحلاوي ل"ألزهايمر وكبار السن"    مهرجان القاهرة للمونودراما يكرم اسم الفنان لطفي لبيب    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    الأوبرا تعلن تفاصيل الدورة 33 لمهرجان الموسيقى العربية.. الأحد المقبل    محافظ أسيوط يشهد احتفالية تكريم المتفوقين من أبناء دار الصفا لرعاية الأيتام    عادات قد تفسد ليلتك.. لماذا تستيقظ بين ال2 و3 فجرًا؟.. (العلم يفسر)    ليفربول بدون محمد صلاح.. تشكيل الريدز المتوقع أمام ساوثهامبتون بكأس كاراباو    بتكلفة 28 مليون جنيه.. وزير التربية والتعليم ومحافظ الشرقية يفتتحان مدرسة تعليم أساسي    إجراءات مشددة لتأمين مباراة الزمالك والجونة في استاد القاهرة الليلة    ميدو يهاجم رابطة الأندية بسبب مباراة الزمالك والجونة    وزيرة الخارجية البريطانية تشن هجوما جديدا على نتنياهو بسبب أطفال غزة    صور الأقمار الصناعية.. فرص ضعيفة لأمطار خفيفة على هذه المناطق    «كفاية حيرة كل يوم».. أفكار «لانش بوكس» صحي للأطفال    نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع الحادي والثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    مواعيد مباريات الثلاثاء 23 سبتمبر - الأهلي والزمالك.. وبيراميدز ضد أهلي جدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    هيئة الاستثمار: تقرير "جاهزية الأعمال" يعتمد على ثلاث ركائز رئيسية    سيدات الشرقية يستقبلن وزير التعليم بالزغاريد.. والوزير يشيد بنظام البكالوريا    وزير الصحة يتابع معدلات تنفيذ 29 مشروعًا في 12 محافظة    وكيل صحة سوهاج ل "أهل مصر": تشغيل مسائي للعيادات بالمستشفيات العامة والمركزية    أونروا: 12 منشأة تابعة لنا بمدينة غزة تعرضت لغارات إسرائيلية خلال أسبوع    التقويم الهجري.. كل ما تحتاج معرفته عن شهر ربيع الآخر    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    مصادر طبية: 5 شهداء بينهم 3 أطفال بغارة إسرائيلية على منزل بمخيم الشاطئ غربي غزة    أسعار البيض اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر    كونتي: نابولي ليس معتادًا على ضغوط ومجهود المنافسات الأوروبية    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    تشغيل أول وحدة مناظير مسالك بمستشفى أسوان التخصصي    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    صدمة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 في مصر وعالميًا    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    عليك مكافأة نفسك.. حظ برج الجدي اليوم 23 سبتمبر    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



++«أم أحمد»: «لما شفت ابنى بيشيلوه وبينقلوه للإسعاف وجسمه مش متقطع روحى رجعتلى»
نشر في الوطن يوم 18 - 11 - 2012

تتذكر آخر قبلات حصلت عليها من ولدها ذى الوجه الناعم، والملامح البريئة، وأنامله الرقيقة وهى تعطيه «سندويتشاته»، ونصائحها له، بأن يأكلها. لم تكن تعلم «أم أحمد» وهى تحاول إيقاظ ولدها فى السادسة صباحا، قبل أن يصل أتوبيس المدرسة، أنها تعده لاستقبال الموت، فكانت مبتسمة فى وجهه، لأنها ترى ابنها يبدأ يوما جديدا فى مستقبله المشرق الذى تنتظره ليصبح داعية إسلامياً مشهورا، لكن ما لبث أن تبدد ذلك الحلم الجميل إلى كابوس فى أقل من دقائق.. لا نسمع سوى صرخات عشرات الأمهات ونظرات تغمرها الحسرة.. أمهات متشحات بالسواد، كن يحلمن ببناتهن يرتدين الفستان الأبيض يوم زفافهن، دموعهن لا تفارق خدودهن، وأخريات ينظرن لأولادهن ولا يظهر من أجسادهم سوى أعينهم، «الشاش» غطى أجسادهم الصغيرة، وخراطيم طبية معلقة، وأناملهم الرقيقة كانت سبيلهم الوحيد للتعبير عما يريدونه، لعدم قدرتهم على الكلام.
والدة أحمد سعد، الطالب فى الصف الثالث الابتدائى بالمعهد الأزهرى، رغم إصابة ولدها بشرخ فى الجمجمة ونزيف فى البطن، واستئصال فى الطحال، بصوت متقطع لا يكاد يخرج من فمها «بحمد ربنا إن ابنى متحولش لقطع لحم، زى زمايله». تروى والدة أحمد آخر الجمل التى قالها «أنا عاوز أتغدى النهاردة محشى، لما أرجع تكونى جهزتيه».
كان أحمد ضمن 70 زهرة من زهور المعهد، الذين راحوا ضحية الحادث الأليم، وعلمت أمه بالحادث من خلال أحد جيرانها الذى سمع بالحادث. «أول ما سمعت الخبر مكنتش مصدقة، إنى هلاقى ابنى لسه عايش».
يفتح «أحمد» عينيه لأول مرة منذ أن دخل المستشفى، ويطلب من أمه أن يشرب ماء، فتسأل الأم الطبيب عن ذلك، يرفض رفضا باتا بسبب النزيف الذى أصابه، لتبكى الأم متنهدة، «حتى المياه اتحرم منها، بسبب إهمال الحكومة».
لم يستطع التحدث سوى بضع كلمات التى قالها بالكاد، «مش عارف محمد صاحبى اللى قاعد جنبى وبنلعب مع بعض راح فين».
ويروى ما استطاع تذكره قبل الحادث «أنا كنت قاعد جنب الشباك واتخبطت فى الإزاز»، ولم يستطع استكمال حديثه مرة أخرى.
ورغم أن المعهد اللى فيه خاص، إلا أنه مصاب بإهمال شديد، «الأتوبيس فيه سبعين طفل، مقعدين الأطفال فوق بعض»، ولم يقتصر الإهمال على التعليم فقط، بل امتد لأغلب القطاعات. «بسبب عامل مزلقان اللى نام وساب شغله، موت سبعين طفل»، تكاد الأم لا تصدق ما حدث «أول ما وصلت مكان الحادث كنت بصرخ ومش شايفة قدامى غير دراع ورجل وقطع لحم لأطفال، مش لاقية حتى جثث»، ترفع يديها لتحمد ربنا، «أول ما شفت ابنى بيشيلوه وبينقلوه للإسعاف وجسمه مش متقطع روحى رجعتلى».
«حسبى الله ونعم الوكيل فى المسئولين»، جملة تكاد تتردد كل بضع ثوانٍ، من أهالى المصابين الذين بلغوا 16 مصابا.
فى السرير المجاور بنفس حجرة العناية المركزة التى يرقد فيها أحمد، كان أحمد خلف، طالب بالصف الأول الابتدائى، المغيب تماما عن الحياة، مصاب بشرخ فى الجمجمة وكسور فى عظامه فى أنحاء متفرقة من جسده، يجلس والده بجانبه، والدموع تنهال من عينيه وتجرى فى تجاعيد وجهه، ويقول «أنا بحرم نفسى علشان أوفر له مصاريف المعهد، علشان يتعلم وميشوفش الذل اللى أنا شفته، تكون دى النهاية». ويضيف «كنت أسيبه جاهل كان أفضل لى».
ويواصل والد أحمد والدموع فى عينه «الرعاية الصحية بالمستشفى غير متوفرة، حتى أبسط الأدوات الطبية، الدكاترة مكانوش لاقيين شاش ولا قطن، ولا حتى سراير، علشان يوقفوا خراطيم الدم اللى طالعة من ابنى، ووصلت درجة الإهمال بالمستشفى إلى عدم وجود أطباء استشاريين، وكان أغلبهم أطباء «امتياز»، وطرد رئيس الوزراء، رد فعل طبيعى من الأهالى، ولادنا ماتوا بسبب إهمالهم»، ويشير إلى الملاءة التى تغطى ابنه وهى مغطاة بدمائه، «لو كان ابنه فى موقف ابنى، كان عمل أكتر من كده، لكن ابنه عايش أحسن من ابنى، ومش بيتعرض للخطر ويعدى على مزلقان».
ما أشبه الليلة بالبارحة، الحكومة الجديدة لم يختلف أداؤها عن النظام السابق، بمجرد علم إدارة المستشفى بتفقد هشام قنديل، رئيس الوزراء، للمصابين، سرعان ما تبدد الحال «بدءوا يهتموا بأولادنا، ويطلبوا أدوية من مستشفيات تانية».
يشعر خلف بحزن كبير كلما تذكر كلمات ابنه، وهو يطلب منه ألا يذهب للمدرسة يومها، حتى يلعب مع زملائه «يا ريتنى كنت سمعت كلامه، على الأقل مكانش حصله ده».
قطع حديث خلف، وصول وفد من مشيخة الأزهر، ووزارة الأوقاف للمستشفى، لتفقد حالة الأطفال المصابين، وبعد خروج الوفد قال بصوت تغلب عليه الحسرة «ده اللى بناخده منكم، تزوروا وبس، لكن تصلحوا مافيش».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.