لا تزال الأصوات الإذاعية القديمة عالقة فى الأذهان، حين يجلجل الإذاعى الشهير بكلماته الرنانة «هنا القاهرة»، واليوم الجديد الذى يبدأ غالباً بهذا المقطع الشهير من إحدى الأغانى «يا صباح الخير ياللى معانا»، وغيرها من العبارات الإذاعية التى ارتبطت فى ذهن المستمعين بذكريات جميلة «كلمتين وبس» وإذاعة الشرق الأوسط بأشهر مذيعيها على الإطلاق إيناس جوهر لتخرج كلماتها بصوت يملؤه المرح والدعابة «غمض عنيك وامشى فى خفة ودلع.. الدنيا هى الشابة وانت الجدع». ذلك الجيل الذى ارتبط ماضيه بأصوات «آيات الحمصانى، وإيناس جوهر، وصفية المهندس، وغيرهن من الإذاعيات اللائى شكلن وجدان وثقافة فتيات أخريات، هو نفسه من ساهم فى بناء أجيال أخرى تستعيد برقتها وعذوبتها ثقة المستمع فى الإذاعة من جديد، وهو ما بدأت تلمسه مى ممدوح، الإذاعية الشهيرة بنغم إف إم، التى بدأت حياتها الإذاعية بتقديمها لبرنامج «من خمسة ل سبعة» لينتهى بها المطاف فى «صباح السعادة». مى ممدوح، تخرجت فى آداب فرنساوى جامعة عين شمس، تقول إنها لم تكن تحلم فى يوم أن تصبح إذاعية معروفة لقطاعات كبيرة، لكن اجتهادها وتشجيع زوجها لها جعل منها نجمة معروفة فى أوساط الإذاعة المصرية الجديدة «التلقائية، من أهم صفاتها هكذا مى ممدوح التى تعتبر دعم زوجها من أهم أسباب نجاحها. موضحة أنها لم تكن تتخيل أن يكون حبها ل«أبلة فضيلة، وفؤاد المهندس فى كلمتين وبس»، دافعاً لها فى يوم من الأيام لتصبح إذاعية يحبها المستمعون مثلما أحبت أساتذتها، وتقول: «ماكنتش بحب أعمل أى حاجة فى حياتى غير إنى أسمع الراديو، وكانت علاقتى بالإعلام لا تتعدى سوى سماعى الراديو، وتعلقى به». كما توضح أن دخولها لمجال الإذاعة كان من خلال عملها فى إدارة العلاقات الدولية باتحاد الإذاعة والتليفزيون -همزة الوصل بين ماسبيرو مصر وأى ماسبيرو آخر فى أى دولة- إلى أن تم الإعلان عن بداية محطات راديو جديدة تابعة للمؤسسة، وأنهم يحتاجون إلى عدد من المذيعين والمذيعات، وبالفعل تقدمت فى الاختبارات، وبعدها بدأت دورات تدريبية مع الإذاعيين القديرين «صالح مهران وإيناس جوهر»، مؤكدة أنها تعلمت منهما الكثير فى كيفية تقديم البرامج على الإذاعة وطريقة نطق الحروف، حتى ولو كان الحوار باللغة العامية، مشيرة إلى أن صالح مهران كان يسمعها عدداً من النشرات مختلفة اللهجات لتدريبها على اللغات، قائلة: «هو إنسان عظيم». ولفتت نجمة «صباح السعادة» إلى أنها لم تكن متعجلة على بداية برنامجها فى الإذاعة، بقدر حرصها على التعلم للظهور بشكل محترف، قائلة: «قامت ثورة 25 يناير، وانطلقت موجات إذاعة راديو (نغم إف إم)، وبدأت معها رحلتى الإذاعية، وكانت البداية ببرنامج (من 5 ل 7)، وقت الذروة كما يقال، وتحديداً وقت عودة كل العاملين من أشغالهم، وسط زحمة المواصلات وتعب وإرهاق الشغل، كنت المادة الترفيهية الوحيدة فى يومهم». «الكيمياء»، السر الثانى لنجاح برامج مى ممدوح، مع زميلها حسام عصام، حيث حققا شهرة كبيرة كثنائى إذاعى مميز، فى «من خامسة ل سابعة»، لكن بعد عام تقريباً توقف البرنامج لظروف إنتاجية، وانفصل الثنائى لتقدم «مى» بعدها برنامجاً فى شهر رمضان «رمضانهم وهما صغيرين»، الذى استضافت من خلاله 30 ضيفاً من الإعلاميين كان من أبرزهم «لميس الحديدى، لبنى عسل، شريف عامر، ومعتز الدمرداش». برنامج «صحصح يومك» التجربة الجديدة والمميزة، الذى رسخ اسم «مى ممدوح» معروف لقطاعات كبيرة من المستمعين، بعد أن استمرت فيه لما يقرب من عام ونصف العام، وتقول «مى»: «انطلقت معه تلقائيتى وثقتى بذاتى أكثر والذى كان له تأثير على شهرتى وشعبيتى، حتى قررت الإدارة استبدال البرنامج ببرنامج (صباح السعادة)، الذى يستمر حتى الآن، بذات الميعاد الصباحى من 8 إلى 10». «أنا سكتى حاجات خفيفة، وماليش فى السياسة ولا بفهم فيها، كمان الناس مش مستحملة تسمع أخبار والتعليق عليها من نقاد ومحللين»، ما حاولت تأكيده مى ممدوح، خلال حوارها ل«الوطن»، موضحة أنها دائماً ما تبحث عن الموضوعات المفيدة والاجتماعية فى نفس الوقت، والتعليق عليها من وجهة نظرها، بالإضافة إلى الاستماع لتعليق جماهير الراديو عليها أيضاً: «أنا لا أحب فرض الرأى على جمهورى، فأنا لا أقوم بدور الناصح الأمين، كما يفعل البعض». وتؤكد «ممدوح» أن «صباح السعادة»، البرنامج الصباحى، أعاد جمهور الراديو من جديد بعد أن تراجع بتوقف برامج إذاعة الشرق الأوسط، التى لا يزال متربطاً بها كثير من الأجيال الثمانينات، لافتة إلى أن البرنامج جمهوره أطفال وسيدات ورجال كبار، وهناك مواضيع تستهدفهم جميعهم ولا تخدش حياءهم: «نعلم دور الإعلام الحقيقى وليس مجرد «الشو». كما أن توقيت البرنامج عمل على زيادة المتابعين من 60% إلى أكثر من 90%، فدائماً ما نتلقى رسائل ومكالمات هاتفية بارتباط العديد من المستمعين بنا وأن البرنامج هو ما يجعل يومهم مبهجاً وسعيداً. الطموح والتفاؤل كانا طريق سالى سعيد، مقدمة برنامج «من 7 وانت طالع»، ومع الفنانة رجاء الجداوى «وانتو بصحة وسعادة»، إلى قلب مستمعيها، إذ بدأت خريجة آداب إنجليزى جامعة عين شمس بالالتحاق بفضائية «25 يناير»، إلى أن أغلقت القناة أبوابها فى 2012. تقول «سالى»، إنها من أوائل من تقدموا فى اختبارات إذاعة «90.90»، فتمكنت من اجتياز الاختبارات التى يديرها طارق أبوالسعود، ومن بعدها تقدم البرامج الصباحية العامة، التى تتحدث فى السياسة والثقافة والمشكلات اليومية والفنية، مضيفة أن البداية منذ دقائق الهواء الأولى كانت مع الإذاعى أحمد خيرى، مضيفة أنهما كانا يتمرنان معاً دائماً، وهو الذى جعل بينهما تفاهماً وتقديراً واستمرارية فى العمل حتى الآن. ولفتت «سعيد» إلى أنها تأمل أن تقدم فى الفترة المقبلة برامج بسيطة وتحمل أفكاراً هادفة تفيد المجتمع، مشيرة إلى أنها لا تريد أن تظهر بدور «الناصح الأمين»، بقدر أن تترك مثل هذه البرامج تراثاً جيداً للمستقبل، مثلما حدث فى «كلمتين وبس»، و«سكة السلامة» وغيرهما من البرامج التى ظلت محفورة فى الذكريات. وتوضح أن أسرتها لم تكن راضية عن عملها فى المجال الإعلامى، لكن إصرارها ودعم وتأييد خطيبها الذى يعمل فى مجال التأليف، كان دافعاً كبيراً بالنسبة لها لتتمكن من الاستمرارية والنجاح. فيما تخرجت الإذاعية نيفين محمود، فى كلية طب الأسنان، وقررت أن تمارس هوايتها وهى «الغناء»، والذى بدأته فى إعلانات طارق نور فى التليفزيون، تقول نيفين: «التحدى إنى إزاى أوصل رسالة معينة فى 30 ثانية بالغناء»، والتى حققت من خلالها شهرة على مستوى الإنتاج الصوتى. تضيف «نيفين»، خلال حوارها ل«الوطن»، أنها منذ أن عملت فى مجال الإعلانات قررت أن تنطلق فى المجال الإعلامى، والتى استمرت فيه لسنوات ك«منتجة صوت» معروفة فى الأوساط الإعلانية، إلى أن بدأت فرصة الإذاعة فى الظهور، بدعم من الإذاعى المعروف أسامة منير، الذى شجعها على تقديم البرامج الإذاعية فى راديو الإنترنت «محطة مصر دوت كوم»، لمدة عامين، إلى أن أعلنت شركة «راديو النيل» عن تدشين محطات إذاعية جديدة شبابية. وتقول: «كانت بدايتى فى الإذاعات الأرضية من خلال الشرق الأوسط التى لم أكن أريدها، إلى أن توصلت لطارق أبوالسعود، وأصبحت مديرة الإنتاج الصوتى على مستوى إذاعة (ميجا) كلها، بالإضافة إلى مقدمة برامج»، مضيفة أن من أبرز برامجها «المايك معاك، ألوانك أحلى، وبرامج رمضانية». كما تؤكد «نيفين» أن صوت «أبلة فضيلة» كان له تأثير كبير عليها وعلى مشوارها الإذاعى والإنتاج الصوتى، فتوضح أن الصوت المميز والموهوب هو الذى يفرض نفسه على الجمهور، دون تصنع أو محاولة للتمثيل، لافتة إلى المقومات التى تعتمد عليها فى تقديمها للبرامج حتى ولو كانت مجرد برامج ترفيهية، موضحة أن دعم أسرتها وأصدقائها الدائم هو الدافع الذى يجعلها تجتهد وتتميز فى أعمالها.