يرتبط العصر الحديث للفكر الأخلاقى بالفيلسوف الألمانى «إيمانويل كانط» (1724-1804) حيث رأى «كانط» أن مبادئ السلوك والأخلاق لا تتجزأ، وأنها يجب أن تكون قابلة للتطبيق فى كل المجتمعات، وفى جميع الأوقات والأحوال، ويرى «كانط» أن الناس جميعاً لديهم ضمير أخلاقى Moral-Consciousness وينبع هذا الضمير من استجابة الإنسان لفعل الصواب، فالضمير هو الذى يوجهنا نحو اتباع الواجب، ويجب معاملة الفرد باعتباره غاية وليس وسيلة. ويرى «كانط» أن الإنسان لا بد أن يعمل بمقتضى الواجب بغض النظر عن النتائج، ومن هنا تبدو أهمية الأخلاق حين ينشأ الصراع بين الواجب والهوى، ويعرّف «كانط» الواجب بأنه «السلوك الذى يحترم العقل، ويحترم القانون». أى أن الواجب لا يستند إلى العاطفة أو الوجدان، ولا إلى الميول أو الرغبات مهما كانت نبيلة وسامية. فى عام 1776، تم إعلان استقلال المستعمرات الأمريكية عن الحكم البريطانى بعد أكثر من خمس سنوات من الحروب الطاحنة، وأدى إعلان الاستقلال إلى تأسيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفى عام 1789 تأسست الحكومة الأمريكية وتم إعلان الدستور الذى اعتمد على الكثير من أفكار الفيلسوف «جون لوك» من حيث تحديد سلطات الدولة التى تكونت من الحكومة التى تدير الجانب التنفيذى بقيادة رئيس الدولة، والكونجرس الذى يصدر التشريعات والقوانين، والسلطة القضائية التى تقودها المحكمة الدستورية العليا للولايات المتحدةالأمريكية، وعندما صدر الدستور الأمريكى لم يذكر أى شىء عن حقوق الإنسان ومن بينها حق التعبير والكتابة عن الأحداث مما جعل موافقة بعض الولاياتالأمريكية على الدستور مشروطة بوضع تعديلات لحماية حرية الأفراد. وبعد عامين من قيام الحكومة الفيدرالية الأمريكية عام 1789 وضع الكونجرس عشرة تعديلات على الدستور عُرفت باسم «وثيقة الحقوق» Bill of Rights وتستهدف هذه التعديلات منع الحكومة المركزية من التدخل فى الحقوق الشخصية والطبيعية للمواطنين، ومن بينها التعديل الأول الذى يحول دون ممارسة الكونجرس لسلطات تؤدى إلى تقييد حرية التعبير أو حرية الصحافة. وفى فرنسا، نهض فلاسفة القرن الثامن عشر من أمثال «فولتير» و«مونتسكيو» و«جان جاك روسو» بعبء الدفاع عن الحرية فى مختلف ميادينها، ومنها حرية الرأى والتعبير محاولين إسناد هذه الحريات على أفكار من القانون الطبيعى، وفكرة العقد الاجتماعى للتدليل على التصاقها بالإنسان، وأنه مولود بها، وهى سابقة على الدولة - وفى ظل الصيحات التى نادى بها الفلاسفة خلاصاً من الكبت والقهر الذى فرضته السلطة والكنيسة على المواطنين، خرجت الثورة الفرنسية عام 1789 لتعلن على العالم تحرير الإنسان متخذة من أفكار الفلاسفة الذين سبقوها هدياً لرفع الظلم والقهر الذى ران على الإنسان طوال العصور الماضية، وكانت الثورة الفرنسية حدثاً ضخماً تحوَّل ولاء الإنسان بموجبها من الدين ممثلاً فى الكنيسة ورجالها إلى المواطن متحرراً من هذا القيد، ونص إعلان حقوق الإنسان فى فرنسا عام 1789 على «حرية نشر الأفكار والآراء» وجعلها من الحقوق المقدسة للإنسان. وقد أدى التطور السريع لوسائل الاتصال خلال القرن العشرين، وشيوع الأفكار والحركات التحررية فى أصقاع شتى من المعمورة، وما صحب ذلك كله من عمليات القمع والقهر الذى تعرضت له أوروبا فى ظل الأوضاع النازية والفاشية، والويلات التى نتجت عن الحربين العالميتين، وما تمخضت عنه أفكار الفلاسفة والعلماء على مر العصور، أسفر ذلك كله عن صدور الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948 بعد ميلاد الأممالمتحدة، وينص هذا الإعلان فى مادته التاسعة عشرة على أن «لكل فرد الحق فى إبداء آرائه دون تدخَّل، وأن لكل فرد الحق فى حرية التعبير، بما فى ذلك حرية استقاء المعلومات أو الأفكار من أى نوع، وتلقيها، ونقلها بغض النظر عن الحدود الجغرافية، وقد جاء اعتراف الأممالمتحدة بالحريات والحقوق السابقة مقترناً باعترافها بحقوق الشعوب فى تقرير مصيرها، أى أن إقرار الحقوق الفردية على المستوى الدولى، جاء مصاحباً للاعتراف بالحقوق الجماعية لأبناء الوطن الواحد.