تعاون بين القومي للإعاقة والقومي للطفولة لدعم الأطفال ذوي الإعاقة ورفع وعي المجتمع    شمال سيناء تدعم مبادرة «صحح مفاهيمك» كمشروع وطني شامل لتعزيز قيم الانتماء    التعليم تصدر توجيهات جديدة للاستعداد بمرحلة رياض الاطفال    صندوق التنمية الحضرية "500 ألف وحدة سكنية سيتم طرحها خلال المرحلة المقبلة"    أسعار الأدوات المدرسية فى أسيوط غدا الجمعة (تعرف عليها)    محافظ مطروح يستعرض بدء تطوير شرق كورنيش المدينة بالتنسيق مع الإسكان    مصر والإمارات توقعان خمس مذكرات تفاهم استراتيجية لتعزيز التعاون في قطاع الطيران المدني    بين «وَهْمِ الدولتين» وَوَهْمِ «إسرائيلَ الكبرى»..    أمريكا: كشف هوية المشتبه به في حادث مقتل 3 رجال الشرطة في بنسلفانيا    «صاحب الفضل على سلوت مدرب ليفربول» من هو لانجلير المدير الفني الجديد لقطاع الناشئين بالأهلي؟    انطلاق مباراة نيوكاسل أمام برشلونة في دوري أبطال أوروبا    رسميا.. المقاولون العرب يرفض استقالة محمد مكي    السيطرة على حريق مخلفات خلف سنترال رمسيس    النائبة هالة أبو السعد: لا تمييز بين طلاب البكالوريا والثانوية العامة    تأجيل أولى جلسات محاكمة الفنانة شيرين عبد الوهاب في اتهامها بسب وقذف مدير صفحاتها    عودة إلى الجذور    أشرف عبد الباقي: «ظلم ليا تشبيهي بالزعيم عادل إمام»    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم كل ما تحتاج معرفته    من أسرة واحدة.. إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة ملاكي بالإسماعيلية    أحلام الكلب وربيع اليمامة    الهولندي أرت لانجيلير مديرًا فنيًّا لقطاع الناشئين في الأهلي    إعلام غزة الحكومى: 44% من الشهداء فى مناطق يدعى الاحتلال أنها "إنسانية آمنة"    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    ما حكم تبديل سلعة بسلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة أسيوط تجدد تعاونها مع الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية في المجالات الأكاديمية والبحثية    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    بالصور- ضبط مركز صحي غير مرخص تديره سيدة بمؤهل متوسط في بني سويف    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    القنوات الناقلة مباشر مباراة مانشستر سيتي ونابولي في دوري أبطال أوروبا 2025- 2026    ليس صلاح.. كيليان مبابي يتوقع الفائز بجائزة الكرة الذهبية    ماستر كلاس للناقد السينمائي رامي عبد الرازق ضمن فعاليات مهرجان ميدفست مصر    قصة مدينة عملاقة تحت الأرض.. يبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة    بخسارة وزن ملحوظة.. شيماء سيف تخطف الأنظار برفقة إليسا    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    رغم الحرب والحصار.. فلسطين تطلق رؤيتها نحو المستقبل 2050    نائب محافظ الجيزة يلتقى مستثمرى المنطقة الصناعية لبحث المشاكل والتحديات    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    هل تواجد امرأة في بلكونة المسجد وقت العذر الشرعي يُعتبر جلوسا داخله؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ البحيرة: افتتاح 5 مشروعات طبية جديدة بتكلفة 84 مليون جنيه تزامنا مع العيد القومي للمحافظة    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    سرقتها أخصائية ترميم.. الداخلية تتمكن من ضبط مرتكبى واقعة سرقة أسورة ذهبية من المتحف المصرى    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    300 مليون جنيه لاستكمال مشروع إحلال وتجديد مساكن المغتربين في نصر النوبة بأسوان    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    ملك إسبانيا في الأقصر.. ننشر جدول الزيارة الكامل    سرداب دشنا.. صور جديدة من مكان التنقيب عن الآثار داخل مكتب صحة بقنا    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    «أنتي بليوشن» تعتزم إنشاء مشروع لمعالجة المخلفات البحرية بإستثمارات 150 مليون دولار    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    مفوضية اللاجئين ترحب بخارطة طريق لحل أزمة السويداء وتؤكد دعم النازحين    الاحتلال الاسرائيلى يقتحم عدة مناطق فى محافظة بيت لحم    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة طب الأسرة ومركز تنمية الأسرة بقرية بخانس بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المظاهرات «الحرام»!

خيط رفيع.. أبيض أو أسود لا يهم.. لكنه يفصل بكل وضوح بين (الفوضى) والحق فى الاعتصام.. بين (التظاهر) فى الوقائع الجنائية.. بين أن تتمتع بممارسة حقوقك المدنية، وأن تجد نفسك مطاردا بإحدى مواد قانون العقوبات (!!)... وهذا ما بدت عليه الصورة - داخليا وخارجيا - خلال الفترة المنقضية، إذا غابت الضوابط القانونية، فسيطرت على المشهد الوقائع (العبثية)، ثم أن انقطع الخيط (!!) ظهر هذا فى محاولات اقتحام السفارة الإسرائيلية.. وبدت ظلاله فى العديد من الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية.. فمن البديهيات القول إن حق التظاهر مكفول للجميع.. لكن من خلال الشرعية التى كفلتها الدساتير الوطنية لمعظم بلدان العالم.
فالفيلسوف الإنجليزى (جون لوك) كان أن أكد فى مؤلفه الثانى عن الحكومة (فكرة الحكومة بالتوافق أو الاتفاق)، وأن الكائن البشرى يتمتع بحقوق طبيعية منها حق التعبير، وبالتالى حق التظاهر والاعتصام.
ومن خلال النظريات المتلاحقة التى تبنتها الكثير من القوانين فى أوروبا وأمريكا والتى تكرست نتيجة الحروب والانتفاضات الشعبية، لاسيما حروب الاستقلال، تم الوصول إلى اكتساب هذا الحق. ففى بريطانيا، تم وضع الميثاق الكبير عام 1215م، الذى قيد من صلاحيات الملكية المستبدة، تبعه إعلان الاستقلال، لجمهورية الداتش (هولندا - ألمانيا) لعام 1581م، ومن بعدهما إعلان الاستقلال للولايات المتحدة الثلاث عشرة، الذى جرى التصديق عليه فى الكونجرس بتاريخ الرابع من شهر يوليو 1776م، الذى لخص التمثيل الصحيح فى السلطة التشريعية كحق ثابت، ومقاومة الحاكم المستبد، غير القادر وغير المؤهل لحكم شعب حر.
نتيجة لإلغاء الإقطاع فى فرنسا خلال الأحداث التى ترافقت مع انطلاق الثورة هناك فى لعام 1789م، فرض مبدأ التساوى بين المواطنين، وأطلق كل من ميرابو وسياياس إعلان حقوق الإنسان والمواطن، الذى عدد الحقوق الطبيعية غير القابلة للتنازل عنها أو المساومة بشأنها، وأهمها حرية الفرد، الملكية الفردية، والأمن ومقاومة الظلم أو القهر أو الاستبداد.
وأن حق حرية التجمع قد يتضمن حق التظاهر.. لكن لا توجد أى آلية حقوقية أو دستورية تمنح الحق المطلق للتظاهر، إلا أن العديد من لوائح حقوق الإنسان والدساتير تنسب حق التظاهر إلى حرية التجمع أو حرية التنظيم أو حرية الكلام والتى نص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.
وأما على صعيد القانون الدستورى، فقد طغت وتكرست أحكام القانون الطبيعى، بحكم الانتفاضات والثورات المتلاحقة، لاسيما فى دول الغرب، وأصبحت جزءا أساسيا من مقدمات وقواعد الدساتير؛ فى كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن معظم الدول الأوروبية، وتشكل رأس الهرم فيها قواعد ومبادئ الحريات العامة، ومنها وأهمها حق التعبير والاجتماع والانتفاضة بوجه الظلم والاستئثار والطغيان، وبهدف تغيير النظام السياسى أو الانقضاض على الحكومة القائمة، بقصد استبدالها أو إرغامها على تعديل أو تغيير نهجها فى مواضيع محددة، ذات تأثير مباشر إما على حياة ومعيشة المواطن وإما على كرامته وحريته ومعتقده.
ففى فرنسا مثلاً، يتوجب على منظمى المظاهرات للحصول على «التصريح» الخاص بالتظاهر من أقرب قسم شرطة، قبل شهر من موعدها، ويمكن أن تمنعها السلطات فى حالة مخالفتها للدستور.. مثلا إذا كان موضوع المظاهرة يحرض على القتل أو التفرقة العنصرية، ولكن هذا أمر نادر جدا؛ وطبعاً هذا ليس طلبا بترخيص، بل تصريح «declaration» ويمكن معاقبة من يقوم بمظاهرة غير مصرح بها بالسجن 6 أشهر، والغرامة 7500 يورو.
والنقابات بفرنسا، تقوم فى أول السنة بعمل تصاريح لكل أيام السنة مسبقاً، وتوضح متى وكيف وأن يستطيعوا القيام بالمظاهرات؛ الاختلاف بين ما يحدث لدينا والبلاد الأعرق ديمقراطية هو أن تلك وصلت لمرحلة الاستقرار، وبها عقد اجتماعى ودستور منبثق عنه متوافق عليه.
أما فى أستراليا فيخضع المواطن الأسترالى لثلاثة أنواع من القوانين، وهى: القوانين الفيدرالية، والتى تسرى على جميع الشعب الأسترالى، وقوانين الولاية وقد تختلف من ولاية لأخرى، طبقا لسياسة حزب الأغلبية الحاكم فى زمن معين، وتسرى هذه القوانين على أرض هذه الولاية فقط، سواء مقيمين إقامة دائمة، أم مجرد زائرين.
والفئة الثالثة من القوانين هى تلك الصادرة من المحليات، وتختص عادة بأحوال الشارع من نظافة وتشجير وسيارات وركنها وتوفير وسائل نظافة الشوارع وجمع القمامة ولا توجد قوانين فيدرالية تتعلق بالمظاهرات أو الشغب «Riot».. والتى تكون عادة من اختصاصات حكومة الولاية، ومثل هذه القوانين تختلف من ولاية لأخرى طبقاً لسياسة وفلسفة الحزب الحاكم. ولكن عموما، تنقسم القوانين التى تتعلق بالمظاهرات إلى نوعين:
قوانين مكافحة الشعب «Act Riot Control».. وهى القوانين التى يقصد بها حماية الشارع من أعمال الشغب، والتى لا تكون دوافعها سياسية مثل أحداث التصادم بين أنصار فرق كرة القدم فى الشوارع، مما يؤدى إلى إصابة بعض المتظاهرين والجمهور، وحدوث تلفيات للمنازل والمحلات والسيارات.. ويتم توقيع عقوبات رادعة على من يحدث تلفيات، وتزداد العقوبة إذا كان عدد المشاغبين يزيد على 12 فرداً.
والنوع الثانى هو قانون تنظيم المظاهرات
«Assembly and Demonstrations Act»، وهو القانون المنظم لعمليات الاحتجاج والمسيرات السلمية، ويتطلب من منظمى المسيرة أو المظاهرة الحصول على إذن مسبق يحدد خط سير المظاهرة وموعد بداية مسيرتها وتجمعها فى مكان لا يعرقل حركة المرور.
والهدف من التصريح ليس التضييق على المتظاهرين سلميا بل حماية المسيرة من أى جماعات مناهضة ترغب فى التحرش بالمسيرة إذ أحياناً ما يفلت العيار، وتنقلب المظاهرة السلمية إلى شغب.. وفى هذه الحالة تطبق «قوانين الشغب» على الفئة المخالفة، وتوجه لهم تهم تتناسب مع الضرر الناتج عن هذا الشغب.
فى جميع هذه الحالات تكون عربات الإسعاف مرافقة لقوات الشرطة أو قوات مكافحة الشغب «وهى قوات من البوليس المدربة على مقاومة الشغب» حسب الظروف لعلاج من يصاب بإصابات سواء من جانب الأمن أو المشاغبين.
ولكن حالات الشغب نادرة، ولا تحدث إلا فى أيام الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية، حيث ينص قانون ولاية فيكتوريا مثلا على عدم تعاطى الخمر فى حالة التجمعات الكبيرة والتى يصل عددها حوالى 50 ألف شخص فى وسط المدينة فى ليالى رأس السنة.
أما قوانين المحليات فهى تختص عادة بإشغال الطرق والسيطرة على الشغب الذى يحدث فى «المولات» والأماكن المسماة Car Free Zone وهى بعض الميادين الصغيرة التى تمنع السيارات من السير فيها وتخصص للمشاة فقط وبعض الباعة الجائلين حيث توجد المقاهى على الأرصفة وتقوم بعض المجموعات الشبابية بعزف ألحان بآلات موسيقية مختلفة، وبمكبرات صوت يحكم مستواها قانون المحليات كما يعرض بعض الشباب حركات أكروباتية.
فى أوروبا لابد من تحديد مكان محدد للمظاهرة يحيطه السياج ولا يحق لأى متظاهر الخروج عنه والمسيرات المتحركة لها أيضاً مسار متفق عليه سلفا لا يمكن الخروج عنه وفى كل الأحوال هناك توقيتات متفق عليها مسبقاً للمظاهرة وموافقات من الأمن على كل الخطوات السابقة بما لا يؤثر على حياة الآخرين.
ودائماً ما تقترن كلمة التظاهر بكلمة أخرى، هى «سلمى».. إلا أن الجميع يحاول تعريفها بحماية المتظاهرين من قمع السلطة، ويفوتهم ارتباط الكلمة الجوهرى بالتظاهر والتى تعنى التزام المتظاهرين بالقوانين والقواعد العامة خاصة ما يتعلق منها بالحفاظ على الممتلكات والأموال العامة من التخريب أو الإحراق أو السرقة، وبعكسه تتحول أى مظاهرة إلى أعمال شغب تستدعى ردودا عنيفة من السلطة.
وفى حق التظاهر السلمى فى كل الديمقراطيات يتم تقديم المتظاهرين الذين يمارسون التخريب مع قوات الأمن التى تطلق النار إلى المحاكمة وتطبيق القانون على الحالتين.. لأن السكوت عن أى منهما أو كليهما هو دعوة متواصلة لاستعداء كل طرف ضد الآخر.. وسوف تتكرر تلك الحوادث وربما تقود إلى ما لا تحمد عقباه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.