ينشق السكون عن شاب عشرينى، وهو يتحرك بصعوبة على سلالم منزله فى منطقة الزاوية الحمراء، لا تكاد قدماه تقويان على حمله من عناء العمل، يسمع صرخات تنبعث من شقته فى الطابق الثامن كلما اقترب منها، تحرك مسرعاً ليجد شقيقه الأكبر يضرب والديهما اللذين رفضا إعطاءه نقوداً لشراء المخدرات، وقف «شريف محمد» 26 سنة، أمام شقيقه «خالد» محاولاً منعه من مواصلة الاعتداء على والديهما، فنال نصيبه هو الآخر من الضرب، واستمر الطرفان فى تبادل الضرب بالأيدى وسط صرخات والدتهما التى حاولت الاستغاثة بالجيران لكن بلا فائدة، وبينما كان الأب يحاول فض المشاجرة أسرع أحدهما للمطبخ وأمسك بالسكين وسدد بها عدة طعنات فى جسد شقيقه فسقط على الأرض غارقاً فى دمائه وفارق على أثرها الحياة داخل مستشفى باب الشعرية. دماء الضحية التى سالت بغزارة أصابت القاتل بحالة من الذهول، جعلته يمسك السكين ويطعن به نفسه محاولاً الانتحار حتى سقط بجانب جثة شقيقه مصاباً بإصابات بالغة، فأسرع الأهالى بنقله إلى مستشفى باب الشعرية لإسعافه فأجريت له الإسعافات الأولية وتم تحويله إلى مستشفى الزيتون التخصصى لاستكمال علاجه. الحزن الشديد سيطر على الأب والأم اللذين شاهدا الجريمة داخل المنزل، وانتهت بموت ابنهما الصغير «شريف» الذى تدخل لمنع شقيقه الأكبر خالد من ضربهما، فالحسرة تملكت من الأم التى أصيبت بحالة من الانهيار العصبى نقلت على أثرها إلى المستشفى فهى فقدت فلذة كبديها أحدهما غيبه الموت والثانى يواجه مصيره المجهول خلف غياهيب السجن. فى الغرفة رقم 527 بمستشفى الزيتون التخصصى يرقد المتهم «خالد محمد» 28 سنة، لتلقى العلاج تحت حراسة الشرطة التى تحفظت عليه عقب الجريمة، وعقب استقرار حالة المتهم بدأ فى الحديث لرئيس مباحث الزاوية الحمراء بقوله: «يا ريتنى كنت مت وارتحت من الدنيا ومرارها، أنا مش عارف إزاى قتلت أخويا الصغير، أنا كنت عاوز أخليه يبعد عنى لكنه مسكنى لما حاولت أسيب البيت وأمشى، لكن الشيطان أغوانى ولما جريت ناحية المطبخ لقيت السكين فضربت أخويا بيها فى إيده فحاول ياخدها منى، فخفت أحسن يقتلنى فضربته بالسكين فى بطنه وصدره لحد ما وقع على الأرض، لما شفت دم أخويا بيتصفى على الأرض صعب علىَّ قوى وساعتها الدنيا اسودت فى وشى فقررت الانتحار عشان أستريح من الدنيا واللى فيها»، بهذه الكلمات واصل المتهم شرح تفاصيل الجريمة لرجال المباحث وأنه يتعاطى المخدرات منذ قرابة عامين، وأنه حاول الابتعاد عنها لكنه فشل بسبب أصدقاء السوء، وأن المخدرات كانت سبباً فى جلب المصائب إليه وتدمير حياته بداية من الاستهتار فى العمل ما تسبب فى طرده من ورشة النجارة التى كان يعمل فيها، وعندما ضاقت الدنيا فى وجهه كان يجبر والده على أخذ جزء من معاشه لشراء المخدرات، وفى يوم الواقعة ذهب إلى والده وطلب منه 100 جنيه، فرفض والده الاستجابة لطلبه، وحاول طرده من المنزل، لكن المتهم رفض الانصراف وانهال على والده ضرباً بالأيدى مستغلاً عدم وجود شقيقه، واستمر فى الاعتداء على والديه حتى حضر شقيقه الأصغر «شريف» وحاول التصدى له ومنعه. واصل المتهم اعترافاته أمام نيابة الزاوية الحمراء، برئاسة المستشار حسن زكى، بقوله إنه لم يكن يقصد الانتقام من شقيقه وقتله، وإن المشاجرة بينهما استغرقت قرابة 10 دقائق تبادلا خلالها الضرب بالأيدى، وعندما حاول الانصراف عندما شاهد والدته تبكى بشكل هستيرى حزناً على ما يحدث، لكن شقيقه أمسك به محاولاً دفعه خارج المنزل، الأمر الذى تسبب فى إصابته بحالة من الغضب الشديد، فتحرك بسرعة ناحية المطبخ وأمسك بالسكين وسدد به عدة طعنات فى جسد شقيقه حتى سقط على الأرض غارقاً فى دمائه قبل أن يحضر أحد من الجيران. اللواء خالد عبدالعال، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، تلقى إخطاراً بالواقعة من مأمور قسم شرطة الزاوية الحمراء، يفيد بمقتل شاب على يد شقيقه عقب نشوب مشادة كلامية بينهما داخل منزل أسرتهما، تطورت إلى اشتباك بالأيدى واستخدام سلاح أبيض «مطواة» وطعن المتهم «خالد. م» شقيقه «شريف. م»، ما أسفر عن وفاته داخل سيارة الإسعاف قبل وصوله إلى المستشفى، بينما أصيب القاتل بجرح غائر فى بطنه عندما حاول الانتحار عقب الواقعة. المستشار تامر الدمرداش، مدير نيابة الزاوية الحمراء، انتقل إلى مكان الحادث وأجرى معاينة ميدانية لمسرح الجريمة، كما انتقل إلى المستشفى وناظر جثة المجنى عليه وتبين وجود 6 طعنات فى البطن والصدر واليدين أدت لتعرضه لنزيف داخلى حاد تسبب فى وفاته، واستمع لأقوال والدى القتيل والمتهم اللذين شرحا تفاصيل الجريمة أمام مدير النيابة، الذى قرر حبس المتهم على ذمة التحقيقات وطلب تحريات المباحث حول الواقعة، وانتدب الطب الشرعى لتشريح الجثة لبيان أسباب الوفاة.