عندما تكون هناك عائلة تشبه وطناً نعرفه أو كنا نعرفه وليس ما نعيشه الآن، فهى عائلة تستحق الإشادة وخاصة عندما تكون نموذجاً للطبقة الوسطى التى تآكلت فى مصر، ففقد الوطن الاتزان فهى حالة خاصة ومميزة. الطبقة الوسطى فى مصر أصبحت فى حالة يتم وهى الطبقة القادرة على رفع سقف الطموح لكل من يملك الإمكانيات والإرادة والإصرار على التفوق. هذه العائلة تعيد للطبقة الوسطى رونقها، فرغم كل النجاح فهم يتمسكون بالانتماء إليها بكل مظاهر حياتهم وأدائهم الاجتماعى لم يتنصلوا من تقاليد هذه الطبقة وطريقتها فى التعامل فالمظاهر المغرية لم تسرقهم. هذه العائلة عن قصد أو بدون قصد جميع أفرادها لديهم إعلاء لقيمة التخصص والتعمق فيه والإخلاص له وعائله العدل هى هذا النموذج فقد تخصصت فى صناعة فن السينما والتليفزيون عرفهم المجتمع من خلال فنان فى التمثيل هو سامى العدل وبحكم شخصيته الودودة والمنفتحة على الآخرين خلق حوله دوائر كثيرة من العاملين فى هذه الصناعة مهد لأشقائه الدخول كل فى مجاله حسب ما يمتلك من مهارة وموهبة وبعد سنوات أصبحت مؤسسة هذه العائلة تضم شاعراً وكاتباً موهوباً من أنجح الأسماء فى الشعر الغنائى والتأليف التليفزيونى والسينمائى هو د. مدحت العدل وفى مجال الإنتاج السينمائى أصبح اسم محمد العدل سراً من أسرار النجاح، فهو صاحب وجهه نظر فى الفن والسياسة والشأن العام، وقام بإحياء صناعة السينما بعد فترة من الموات وقدم أعمالاً متميزة أعادت الحياة لهذه الصناعة وقدم وجوهاً شابة وراهن عليهم فأصبحوا نجوماً منهم هنيدى والسقا ومنى زكى وغاده عادل وفتحى عبدالوهاب وهانى رمزى وقائمة طويلة، بينما الشقيق الثالث جمال العدل استطاع توظيف مهاراته الشخصية الخاصة والتى تجمع بين حنكة التعامل التجارى وبين العين والرؤية الفنية التى جعلته إن لم يكن أهم، فهو من أحد أهم منتجى الدراما التليفزيونية، والذى استطاع إضافة نقلة نوعية على مستوى الدراما والتكنيك، كما أنه استطاع التصدى فى أصعب أربع سنوات مرت على مصر بعد 25 يناير، ومؤكد هناك كثيرون لا يعلمون أن مسلسل تحت السيطرة الذى يكاد أن يكون هناك إجماع على أنه أقوى مسلسل فنى تم التفكير فيه منذ 8 سنوات كاملة مع المؤلفة مريم نعوم والمخرج تامر محسن وأجرى عليه بحثاً علمياً وميدانياً شاقاً ودقيقاً. إنتاج جمال العدل على مدار السنوات العشر الأخيرة على قدر ما كان مساحة جديدة لإطلالة نجوم كبار لم يجدوا طموحهم وفرصهم فى السينما صاحبة الحال المتغير، فقد فتح الباب لأكثر من جيل وأصبح لدينا عشرات الوجوه الجديدة كل عام هو أيضاً صاحب مغامرة فنية ومالية، فمع انبهار الجمهور بالدراما التاريخية السورية والدراما التركية قام بصنع تكنيك لا يقل إن لم يزد على هذه الدراما وهو أيضاً نوع من المنتجين يفهم جيداً أهمية تفاصيل العناصر الفنية الأخرى من art dirctor ومديرى التصوير ومخرج ومهندس الديكور وبالتالى أصبحت الأعمال تنتح بأسمائهم قبل النجوم وأصبح هناك كاملة أبو ذكرى، مريم نعوم ومهندس الديكور شيرين فرغل مع آخرين. الخلاصة أن جهد مؤسسة هذه العائلة يصب فى صناعة مهمة وبالتالى فى صالح المجتمع وهم نموذج للقطاع الذى يبنى ولا ينهب ويقيم صناعة حقيقية ومستمرة، وهذا نادراً فى القطاع الخاص هذه العائلة عن قصد أو غير قصد تتمسك بالتقاليد الكلاسيكية الجميلة للعائلة المصرية. الدوائر الاجتماعية لكل شخص فى هذه العائلة تلتقى بالدوائر العائلية للآخرين وترجم هذا فى مظهر بسيط وهو عزاء سامى العدل فهو ليس أشهر فنان ورغم ذلك الأعداد التى حضرت الجنازة والعزاء ربما لم يشهدها أى موقف مماثل لأكبر النجوم فى تاريخ مصر هنا تبرز فكرة قوه الرابطة الاجتماعية واتساع الدوائر الاجتماعية لهذه العائلة. من المفارقات أيضاً فى هذه العائلة رغم شهرتها بالانتماء للزمالك إلا أنهم كالمجتمع المصرى نصفه يشجع الأهلى والآخر يشجع الزمالك فسامى وجمال ومدحت من كبار الزملكاوية، بينما الشقيق الأكبر رمزى ومحمد أهلاوية كبار. عائلة العدل حالة تستحق التوقف عندها والإشادة بها، لأنهم أصبحوا نموذجاً نادر لمصر التى كانت قبل أن تظهر العائلات التى تتصارع على اقتسام الثروة والوطن وظهور أغلبية فى القطاع الخاص تقوم على كسب كل شىء ويخسر المجتمع أى شىء وقبل أن يتحول رجال الصناعة والتجارة إلى أن يطلق عليهم الوصف الهلامى غير المفهوم رجل أعمال. العدل عائلة تشبه وطناً كنا نعرفه وكان أفضل وأرقى.