المحاولات المستمرة من التيارات الإرهابية لاختراق المجتمع المصرى ومحاولة تحطيم وحدته وتكاتفة وثباته تبوء جميعها بالفشل، وكان واضحاً جلياً آخر تلك المحاولات من قبل تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابى، الذى أصبح تابعاً أميناً لتنظيم من يطلقون على أنفسهم الدولة الإسلامية «داعش» الذى أسفر عن تفجير مجموعة من الكمائن والنقاط الأمنية فى سيناء خلال الأيام الماضية، وتصدى لهم أفراد وضباط الجيش المصرى بكل بسالة وافتداء، وكان الهدف الرئيسى من وراء ذلك هو إلحاق مصر بفرق الدول التى «سقطت» فى أيادى المتطرفين، بإعلان الشيخ زويد إمارة إسلامية ورفع أعلامهم عليها، لتكون بؤرة جذب وإيواء لأفراد تلك الشراذم من شتى بقاع الأرض، وتتحول إلى شوكة فى ظهر الدولة المصرية وسبب لإعادة غزو أراضى سيناء من قبل المهزومين من العدوان القريب والبعيد جغرافياً. ونعلل من ذلك أن سيناريو تقسيم مصر ما زال يسيطر على أحلام البعض ممن يظهرون لنا تحت أى مظلة والحاملين لأى اسم كان، ولذلك الذى يجب أن نعمل على دراسته الآن وبأقصى سرعة ويجب أيضاً أن يكون هو الملف العاجل على مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسى حتى لا تسقط الدولة فيما يخطط لها هو كيفية قيام تلك العناصر بالتجمع والتنسيق والتسليح والتحرك والتنفيذ! وصحيح أن الدولة تصدت لمحاولاتهم وألحقت بهم الخسائر وما زالت تعمل على مطاردتهم ولكن كان يجب على الدولة أن تكون على علم بأدق التفاصيل السابقة وإحباط كل ما يجرى لنتفادى سقوط المزيد من الجرحى والشهداء من أبنائنا على أرض سيناء. وما حدث يوضح لنا أن «داعش وأنصار بيت المقدس» وما بينهما من مجموعات وتيارات الإسلام الراديكالى التى تعتمد نفس الفكر المتطرف الذى شرعه فى ستينات القرن الماضى «سيد قطب بقسمة المجتمع للكفر والإيمان»، استطاعت اختراق ثغرات تغافلت عن سدها الإدارة الأمنية للدولة المصرية، وبالتأكيد أن جانباً من تلك الثغرات يمثل نسبة البطالة التى أصبحت مرتفعة بين شباب أهالينا فى سيناء، خاصة بعد تهجير مئات الأسر من الشريط الحدودى وهدم ما به من منازل، وأيضاً هدم المئات من الأنفاق التى كانت تدر دخلاً كبيراً للبعض، وطرحى لذلك ليس تبريراً لمنطق الإرهاب أو مطالبة الدولة بعدم تطبيق القانون على أراضيها، ولكن كان يجب على الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب بحث ودراسة معاناة تلك الأسر وشباب سيناء ومحاولة سد ثغرات يمكن أن يتسرب منها الإرهاب الذى يقف على الشريط الحدودى لمصر مدعوماً من أجهزة استخباراتية عالمية وترسانة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة، وأموال تستطيع شراء بعض النفوس الضعيفة دينياً واجتماعياً ووطنياً. وبالتالى فالعقلية الأمنية للدولة المصرية تحتاج إلى تنشيط مكثف لأجهزة المعلومات التى على ما يبدو أنها أصيبت بالتخمة، فتركت أيضاً تنظيم داعش الإرهابى ومن بايعوه من التنظيمات الأخرى يعمل على تجنيد المفصولين من رجال القوات المسلحة المصرية ليكونوا ضمن أخطر الأدوات التى يستخدمها هؤلاء التكفيريون لضمان أعلى نسب نجاح لخطط وعمليات الإرهاب التى نفذوا بعضها، والدليل على ذلك نجاحهم فى اغتيال النائب العام «هشام بركات» عن طريق «هشام عشماوى» الذى قيل إنه العقل المدبر لحادث الاغتيال، وقيل أيضاً إن سبب حظر النشر فى القضية هو كونه ضابط جيش سابقاً. وربما تكون ظاهرة الإنكار وعدم الحرية فى تداول المعلومات التى على ما يبدو أن العقلية الأمنية لم تتخلص من منهجية تطبيقها «حتى بعد ثورتين» سبباً رئيسياً فى سقوط المزيد من الشهداء من أبنائنا فى الأجهزة الأمنية المختلفة، خاصة بعد استغلال الدولة لكل ما يجرى لمحاولة وضع قيود جديدة وظالمة على حرية الصحافة والإعلام بما ورد بشأنها فى بنود قانون الإرهاب الجديد المخالف للدستور فيما يخص الصحافة والإعلام، والذى لن يخدم إلا صالح الإرهاب فقط.