وقبل منتصف الليل من كل يوم وبعد صلاة التراويح يأتى موعد (الغبقة) وهى وجبة بين الفطور والسحور، تعد لها الولائم والعزائم فهى تقريباً الأكلة الرئيسة، حيث إن الفطور يكون سريعاً وعلى عجل للحاق بموعد صلاة العشاء والتراويح، ويكون طعام الغبقة غالباً (المحمر) وهو سمك الصافى المقلى مع الأرز البسمتى المحلى، إما بإضافة السكر أو بدبس التمر. وكانت للبحرين خاصة ودول الخليج عامة، عادات تراثية قديمة بعضها ما زال قائماً للآن وبعضها اندثر وانقرض، ومن تلك العادات كانت (دقّ الحَبْ) وهو تجهيز القمح للطهى، حيث تستعد نساء البلاد قبل رمضان بفترة لتوفير كميات كبيرة من الحب المجروش (القمح) لصنع الهريس، وهى أكله عبارة عن لحم مطبوخ يعجن جيداً مع حبوب القمح الناضجة ثم يوضع لتزيينه الدهن العدانى (نوع من السمن) فى وسط الطبق، أما الآن فيشترى جاهزاً للطهى مباشرة. ومن الاستعدادات الرمضانية القديمة جداً، (تجهيز أوانى الطهى النحاسية)، وكان يوكل لهذه المهمة «صفار القدور» أو مبيض النحاس وكان الصفار يجوب الطرقات والأحياء منادياً بصوت مسموع جهورى: «صفار القدور»، أما أبوطبيلة (أو المسحراتى) فكان يستلم وردية الليل فيدور موقظاً النيام لتناول السحور، وكان أهل الحى يقدمون له الأرز والسكر والطحين. وعند لحظة رفع أذان المغرب فى الشهر الفضيل، يجب أن يكون طبق الشوربة جاهزاً وبقربه التمر والقهوة العربية، ومن ثم يذهب الرجال إلى المسجد لأداء صلاة المغرب، وعند عودتهم يتناولون طعام الفطور مع أسرهم من الهريس والثريد واللقيمات (لقمة القاضى)، وبعد صلاة العشاء يحلو الجلوس إلى العائلة الكبيرة والصغيرة للسمر والتسلية ويكون حاضراً فى هذه الجلسات كضيف أساسى الحلوى البحرينية الرائعة، أنا شخصياً من مدمنيها وهى عبارة عن خليط من النشا والسكر والدهن والزعفران والهيل وماء الورد والجوز أو اللوز، وبعد تجهيزها توضع فى أوانٍ معدنية كبيرة أو فى علب بلاستيكية وتصنع تحديداً فى المنامة أو المحرق (لهذا تسمى بالحلوى المحرقية) أو الحلوى البحرينية مثلما يسميها أبناء الخليج، وكذلك هناك السمبوسة الحلوة والرهش (الحلاوة الطحينية). ويستعد البحرينيون فى الأسبوع الأخير من شهر رمضان لاستقبال عيد الفطر بالملابس الجديدة وصناعة الحلوى لتقديمها لضيوفهم ليلة العيد المبارك، وتتربع حلوى القدوع على عرش مائدة العيد فهو الصحن الكبير والمحبب للضيوف، ويقدم بصحبة القهوة والشاى فى صباح أول أيام العيد، ويكون ذلك الساعة العاشرة صباحاً تقريباً، ويقدم أيضاً طبق الأرز والدجاج وهى عادة بحرينية تقوم بها الأُسر بدلاً من الغذاء، ويجتمع أفراد العائلة مع أقاربهم لتناول طعام الغداء فى أيام عيد الفطر المبارك فى بيت الوالد فى أول يوم العيد وتقدم إليهم الحلوى، أما الأطفال فيطوفون من بيت إلى آخر فى الفريج (الحىّ) يغنون فى صحبة جميلة: «عيدكم مبارك.. عساكم من عوّادة» وبهذه الكلمات يعايدون الحى، والحى يجود بالعملات الفضية أو الورقية ومن ثم ينطلق الأطفال لشراء ألعاب العيد أو حلوى العيد من البقالات. وفى البيوت تلبس النساء الدراعات الجديدة، والرجال الأثواب البيضاء الزاهية وتتعطر المنازل بالبخور وتفوح رائحة ماء الورد والزعفران والهيل من كل شىء، أما فى منزل أسرتى ذى رائحة التفاح فالوضع به بعض الاختلاف.. تابعوا الحلقة المقبلة من المنزل ذى رائحة التفاح.