الأول من يونيو.. يستعد "عمر" وصديقيه صهيب وإسراء لقضاء "فسحة" كانوا خططوا لبرنامجها مسبقًا، سيتوجهون إلى كورنيش النيل للتنزه، ومنه إلى أحد المولات لتناول العشاء وبعدها سيعودون إلى المنزل، لكن اليوم لم ينته كما خططوا له، وانتهى بكابوس لم ينته حتى اللحظة. عمر محمد علي، شاب هادئ "مالوش في السياسة"، يحب المرح ويخطط لحياته جيدًا فهو يعمل مهندس تخطيط في وزارة الانتاج الحربي، بحسب حديث شقيقته "سارة" ل"الوطن"، والتي لاتزال تتذكر تفاصيل ذلك اليوم جيدًا: "عمر خرج مع صحابه إسراء الطويل وصهيب سعد عشان يتفسحوا لكن الفسحة أتقلبت غم ومانعرفش حاجة عنهم لحد دلوقت". في الثامنة والنصف من ذلك اليوم، استقبلت "سارة" شقيقة "عمر"، مكالمة من أخيها ليؤكد لها أنهم تناولوا العشاء، وهم الآن في طريقهم إلى المنزل، لكنهم لم يعودوا حتى اليوم، فبعد هذه المكالمة أغلقت الهواتف الخاصة بعمر وإسراء، تقول "سارة": "فضلنا مستنينهم لحد تاني يوم العصر لكن بدون فايدة". بعد ليل طويل لم تذق فيه عائلة "عمر" طعم النوم، سمعت "سارة" ووالدتها من بعض المقربين في العائلة، أن هناك حوالي 15 شخصًا ألقي القبض عليهم في كمائن بين المعادي وقصر النيل، وهم الآن في قسم المعادي، فكّرت "سارة" وقتها أنه ربما يكون شقيقها وأصدقاءه ضمن هؤلاء، وعلى الفور جلبت محام واتجهت إلى القسم برفقة إخوة "صهيب وإسراء" أصدقاء عمر، وقبل أن تتوجه خاطبت شركة الاتصالات لكي تحدد آخر مكان تواجد فيه شقيقها عن طريق تعقب هاتفه، وبالفعل أكدت الشركة أن شقيقها موجود في محيط قسم المعادي. بمجرد وصولها، إلى قسم المعادي استقبلها اثنين من أمناء الشرطة: "سألونا أنتو رايحين فين قالنالهم جايين ندور على أخوتنا"، بدأ أمناء الشرطة يتذكرون هيئة الشباب الذين حضروا أمس إلى القسم ضمن المقبوض عليهم، حتى تذكروا جيدًا صورة عمر وأصدقاءه، وأكدوا لسارة ورفاقها أن عمر بالفعل جاء أمس القسم، بحسب ما تروي شقيقة عمر ل"الوطن". الموقف اختلف كثيرًا بعد دخول سارة ورفاقها إلى القسم، حيث أكد مأمور القسم والضباط هناك أن عمر لم يدخل القسم أمس: "قالولنا منعرفش عنهم حاجة واسمهم مش متسجل يبقى ماجوش القسم"، خيبة أمل أصابت إسراء ورفاقها، لكن في أثناء خروجهم من القسم، سألوا أمناء الشرطة عمّا إذا كانوا متأكدون من حضور عمر وأصدقاءه أمس، ليخبرهم أمناء الشرطة أن المعلومة أكيدة، وما دامت أسماءهم ليست مسجلة في القسم، فهم الآن في مبنى الأمن الوطني الملاصق لقسم المعادي، وهو بحسب سارة مبنى محصن وممنوع دخوله تحت أي ظرف. مضى على اختفاء عمر وزملاءه 8 أيام، لا يعرف أهله عنه شيء حتى اللحظة، وهم لا يملكون الكثير للقيام به إلا الدعاء والمساندة عن طريق تدشين هاشتاج خاص به بعنوان "الحرية للي مالهومش فيها"، فبحسب أخته فإن "عمر" لا يعرف شيئًا عن السياسة، وخلال هذه الفترة كان هاتف "عمر" يفتح ويغلق لدرجة أن والداته استقبلت مكالمة منه في فجر أحد الأيام، لكن بمجرد أن ردت على المكالمة، لم يجيبها أحد وأغلق الخط. وتقدمت العائلة ببلاغ للنائب العام، وحاولت أن تحرر محضرًا في قسم 15 مايو بحلوان، حتى لا يفصل من عمله في الإنتاج الحربي بحجة أنه منقطع عن العمل، إلا أن رئيس المباحث رفض تحرير محضر، "طلب يشوف الأكونت بتاع عمر ودخل لقاه last seen على ال whatsapp من يومين، فقال لماما ابنك يا إما طفشان يا ممسوك دوري عليه في الأقسام، وماكنش عايز يعمل محضر"، بحسب رواية سارة، لكن مع ضغط العائلة والمحامين اضطر رئيس المباحث لتحرير محضر، وقال: "فوتوا علينا بكرة خدي رقم المحضر"، لكن في اليوم التالي أخبرهم القسم أن الشخص الذي يحرر المحاضر ليس موجودًا، ولم يتسلموا رقم المحضر حتى الآن.