كانت ولا تزال مصر هى الداعم الأول للقضية الفلسطينية، منذ النكبة الأولى فى 1948، حيث تحتل مصر مكانة كبيرة لدى الفصائل الفلسطينية تجعلها موضع احترام من القوى الإقليمية وأحد أهم الوسطاء، تبذل كافة الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وحسب خبراء ومحللين سياسيين فإن مصر قدمت الكثير منذ اندلاع الأزمة الحالية فى قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، بداية من محاولة إدخال المساعدات الغذائية والإنسانية عبر معبر رفح، وبعد تعنت الجانب الإسرائيلى لجأت إلى عمليات الإنزال الجوى، كما استقبلت عدداً كبيراً من المصابين لعلاجهم بشكل مجانى فى المستشفيات المصرية. الدكتور محمد غريب، أمين سر حركة «فتح» بمصر، قال ل«الوطن» إن الجهود المصرية المبذولة لدعم القضية الفلسطينية واضحة للجميع، وهى ليست وليدة الأزمة الأخيرة، بل منذ بداية الصراع الفلسطينى الإسرائيلى منذ أكثر من 80 عاماً، مشدداً على أن مصر شريك نضال ولها مواقف كثيرة تدعم القضية الفلسطينية ككل، وقطاع غزة فى الأزمة الأخيرة على وجه الخصوص: «منذ بدء الحرب على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضى، كانت مصر من أوائل الدول العربية والغربية وعلى رأسها قائدها الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى تنادى بالوقف الفورى للعدوان، ولم تدخر جهداً لتثبت موقفها الصلب ضد محاولة التهجير القسرى لشعب غزة». وتابع: «الجهود الدبلوماسية بدأت منذ اللحظات الأولى ما بين عقد أول مؤتمر دولى فى نفس الشهر الذى بدأ فيه العدوان، لمحاولة تهدئة الأوضاع فى قطاع غزة، وطالبت بضرورة وقف إطلاق النار»، وأكد «غريب» أن مصر استغلت ثقلها الإقليمى ومكانتها الدولية فى الحراك السياسى والدبلوماسى بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، فضلاً عن تظاهرات المصريين فى الشوارع لإعلان تضامنهم مع الشعب الفلسطينى فى غزة، ومقاطعة كل ما له علاقة بالاحتلال الإسرائيلى، أو يقدم الدعم له، وانتشرت أعلام فلسطين وخريطتها فى كل أنحاء مصر. وأوضح أن مصر قامت بإدخال المساعدات الإنسانية والدوائية والطبية إلى القطاع، بالإضافة إلى إدخال آلاف الجرحى للعلاج فى مستشفياتها، ومنذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلى على غزة وهناك مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات القادمة من مصر إلى غزة، وفتحت مطار العريش لاستقبال المساعدات، واستقبال جرحى العدوان والأطفال الخدج، وغيرها من المساعدات التى أكدت وقوف مصر سنداً ودعماً للفلسطينيين. وأكد بركات الفرا، السفير الفلسطينى فى مصر سابقاً، أنّ مصر هى الداعم الأول للقضية الفلسطينية، وهى تستغل قوتها الدبلوماسية وثقلها الإقليمى للوصول إلى التهدئة ووقف التصعيد، مضيفاً أن مصر شاركت فى إعادة إعمار قطاع غزة عدة مرات، بعد عدوان الاحتلال، ومنذ اندلاع الأزمة الأخيرة تعمل كوسيط لمحاولة تهدئة الأوضاع فى غزة، والتوصل لاتفاق ينتهى بوقف إطلاق النار فى القطاع، موضحاً أن مصر باعتبارها الأقرب للقطاع، كانت سباقة لتقديم المساعدات الإنسانية والغذائية، ورأينا الشاحنات والسيارات تصطف أمام المعبر، وحتى بعد تعنت الاحتلال لجأت مصر إلى عمليات الإنزال الجوى: «مصر فتحت أبواب مستشفياتها لعلاج أهالى قطاع غزة، وربطت خروج المصابين من مزدوجى الجنسية بإدخال المساعدات، حتى تقدم أقصى درجات المساعدة والدعم لأهالى قطاع غزة». وكشف الدكتور أحمد العنانى، الباحث فى العلاقات الدولية، وعضو مجلس الشئون الخارجية، أن مصر تحاول من خلال دورها كوسيط فى المفاوضات التى تجرى حالياً بشأن العدوان على قطاع غزة، الوصول إلى قرار وقف إطلاق النار، مؤكداً أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أعلنها بشكل صريح أن مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية، وأضاف أن الموقف المصرى ثابت تجاه القضية الفلسطينية منذ بدء العدوان على قطاع غزة، وفتحت معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية، التى قُوبلت بتعنت شديد من قوات الاحتلال الإسرائيلى، مؤكداً أن مصر لم تيأس حتى استطاعت إخراج الحالات المصابة وعلاجها داخل المستشفيات الحكومية بشكل مجانى بالكامل. وأضاف أن الجهود المصرية على المستوى الدولى منذ اليوم الأول للأزمة لم تتوقف، حيث استضافت مصر عدداً من وزراء خارجية الدول، وعقدت مؤتمرات قمة ونجحت فى استمالة بعض الدول لصالح القضية الفلسطينية، وطرحت تصورات وحلولاً شاملة لوقف التدهور القائم لتحسين الوضع فى قطاع غزة، وضمان التدفق الآمن والسريع لدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، ومارست مصر ضغوطاً دولية مكثفة لتمريرها خاصة فى بداية الأزمة، حيث حرصت على استدامة العمل فى معبر رفح على الرغم من الصعوبات والتعنت الإسرائيلى، إلى جانب استغلالها مكانتها الإقليمية فى محاولة تهدئة الصراع، وحل القضية والاعتراف بسيادة الدولة الفلسطينية وفق المقررات الشرعية الدولية.