تنسيق الثانوية العامة 2025 الجيزة للناجحين في الشهادة الإعدادية (رابط التقديم)    استعلم عن نتيجة تنسيق رياض الأطفال ب الجيزة 2025.. الرابط الرسمي والمستندات المطلوبة    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    الحكومة السورية تتفق مع وجهاء السويداء على تسليم السلاح وحل الفصائل    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    تعليق مثير للجدل من رئيس قناة الأهلي الأسبق على بيان الاتحاد الفلسطيني بخصوص وسام أبو علي    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    مصدر أمني: فيديو سرقة حديد أسوار الطريق الدائري بالجيزة قديم واتُخذت الإجراءات القانونية في حينها    نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. تفاصيل التصحيح وموعد الإعلان الرسمي    بدون عكاز.. تامر عاشور يشارك أنغام الغناء في افتتاح مهرجان العلمين الجديدة    ياسر صبحي نائب وزير المالية للسياسات المالية في حواره ل"البوابة نيوز": استقرار نسبي في الأسعار بدعم السياسات المالية والنقدية.. والبيئة الاستثمارية تزداد صلابة    مستقبل وطن بسوهاج يطلق خطة دعم مرشحيه لمجلس الشيوخ ب9 مؤتمرات    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    أستراليا: تسليم أوكرانيا 49 دبابة أبرامز ضمن حزمة مساعدات عسكرية    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    مطران نقادة يلقي عظة روحية في العيد الثالث للابس الروح (فيدىو)    كيف تضمن معاشا إضافيا بعد سن التقاعد    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    زوج البلوجر هدير عبد الرازق: زرعت كاميرات بالشقة وصورتني دون علمي وضربتها علشان بتشرب مخدرات    تطورات جديدة في واقعة "بائع العسلية" بالمحلة، حجز والد الطفل لهذا السبب    "صديق رونالدو".. النصر يعلن تعيين خوسيه سيميدو رئيسا تنفيذيا لشركة الكرة    تحت شعار كامل العدد، التهامي وفتحي سلامة يفتتحان المهرجان الصيفي بالأوبرا (صور)    من المستشفى إلى المسرح، حسام حبيب يتحدى الإصابة ويغني بالعكاز في موسم جدة 2025 (فيديو)    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    شرط يهدد صفقة بيراميدز المنتظرة    في أول تعليق لها.. رزان مغربي تكشف تفاصيل حالتها الصحية بعد حادث «سقوط السقف»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    سعر المانجو والموز والفاكهة ب الأسواق اليوم السبت 19 يوليو 2025    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    رد رسمي من الزمالك بشأن غياب فتوح عن معسكر إعداد الفريق    انتهت.. عبده يحيى مهاجم غزل المحلة ينتقل لصفوف سموخة على سبيل الإعاراة    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية ببداية الأسبوع السبت 19 يوليو 2025    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    انتشال جثة شاب غرق في مياه الرياح التوفيقي بطوخ    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    أبرزها الزنجبيل.. 5 طرق طبيعية لعلاج الصداع النصفي    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندي: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    خبير اقتصادي: رسوم ترامب تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتفاقم أزمة الديون    ماركوس يبحث مع ترامب الرسوم الجمركية الأمريكية على الصادرات الفلبينية    اليمن يدعو الشركات والمستثمرين المصريين للمشاركة في إعادة الإعمار    كسر بماسورة مياه الشرب في شبرا الخيمة.. والمحافظة: عودة ضخ بشكل طبيعي    أنغام لجمهورها بالعلمين الجديدة: انتوا بتدوني قوة وصحة وبتوهبولي الحياة.. صور    مي عمر جريئة وريم سامي بفستان قصير.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    المخرج خضر محمد خضر يعلن ارتباطه بفتاة من خارج الوسط الفني    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    ب37.6 ألف ميجاوات.. الشبكة الموحدة للكهرباء تحقق أقصى ارتفاع في الأحمال هذ العام    ما حكم رفع اليدين بالدعاء أثناء خطبة الجمعة؟.. الإفتاء توضح    "الدنيا مريحة" .. أسعار السيارات المستعملة مستمرة في الانخفاض| شاهد    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي فرط صوتي    اليوم.. الاستماع لمرافعة النيابة في قضية «مجموعات العمل النوعي»    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    أصيب بنفس الأعراض.. نقل والد الأشقاء الخمسة المتوفين بالمنيا إلى المستشفى    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعاً «سايكس - بيكو»
نشر في الوطن يوم 06 - 06 - 2015

فى عام 1916، اتفقت إنجلترا وفرنسا على اقتسام الممتلكات العربية للدولة العثمانية بعدما اختار العثمانيون الانحياز إلى الجانب الخطأ فى الحرب العالمية الأولى. اتفق الدبلوماسيان الفرنسى جورج بيكو والبريطانى مارك سايكس على مستقبل المنطقة، فرسما حدوداً لم تكن موجودة، وأنشآ دولاً جديدة، فكان أن ظهرت لأول مرة فى التاريخ دول تحمل أسماء العراق وسوريا ولبنان والأردن، أما فلسطين فقد ظل وضعها غامضاً بين طموحات اليهود ومقاومة العرب ومخططات البريطانيين وترددهم، حتى آلت إلى المصير الذى وصلت له اليوم.
رفض العرب التقسيم الاستعمارى للمنطقة، ورفضوا معه الدول الجديدة التى منحها لهم المستعمر تحت رعايته ووصايته، وظلت هذه الدول الجديدة فى العقل السياسى العربى كيانات مصطنعة صنعها الاستعمار لتعزيز مصالحه، وبقى العرب ينظرون إلى هذه الدول باعتبارها كيانات معدومة الشرعية لا تستحق البقاء.
تزعمت التيارات الوحدوية العربية حملة التشكيك فى شرعية الدول العربية، كل الدول العربية، وليس الدول التى تأسست بموجب اتفاقية «سايكس - بيكو» فقط. حلم الوحدويون العروبيون بدولة عربية موحّدة تشمل كل العرب تحت حكمها، ودخلت أحلامهم حيز الاختبار عندما حكموا العدد الأكبر من الدول العربية الرئيسية فى الخمسينات والستينات وما بعدهما. حكم الوحدويون العرب سوريا والعراق، كما حكموا مصر وليبيا والسودان، ووجدوا دعماً قوياً وحكومات متعاطفة مع أفكارهم فى الجزائر وشمال اليمن وجنوبه، وانتشر مؤيدوهم فى كل بلاد العرب، فكانوا التيار الأيديولوجى الأهم فى العالم العربى طوال عقود ثلاثة، بما فى ذلك الفترة التالية مباشرة لرحيل الاستعمار والحصول على الاستقلال، فكان التيار القومى العربى هو المؤسس الأهم لدولة ما بعد الاستعمار المستقلة فى العدد الأكبر من بلاد العرب الرئيسية، وهو أيضاً التيار الذى يتحمّل المسئولية الأكبر عن كل خطايا الدول العربية وإخفاقاتها.
حاول القوميون العرب تطبيق أحلامهم الوحدوية، ففشلوا فشلاً ذريعاً، مثل تأسيس دولة الوحدة بين مصر وسوريا فى عام 1958، فى ذروة صعود التيار الوحدوى، ووجه انهيارها فى عام 1961 ضربة قاصمة له. واصل الوحدويون العرب الكلام عن الوحدة العربية، لكنهم امتنعوا عن تكرار المحاولة، متذرّعين بكل ما أمكن من أعذار. صراعات القوميين العرب كانت أهم أساليبهم لتجنُّب تكرار تجربة الوحدة الفاشلة، دون أن يكفوا عن الكلام عن الوحدة. الصراعات بين «عبدالناصر» و«البعث»، وبين «البعث» فى العراق و«البعث» فى سوريا فى جوهرها لم تكن أكثر من مجرد مناورات لخلق أعذار تبرّر تهرّب الوحدويين من الوحدة التى جربوها ثم انقلبوا عليها.
تخلى القوميون العرب عن حلم الوحدة عملياً، لكنهم تنافسوا فى إظهار الإخلاص لها عبر المبالغة فى إظهار الحماس للوحدة والتطرّف فى نزع الشرعية عن الدول القائمة. أسس القوميون العرب للازدواجية فى السياسة العربية، حيث القادة والدول يقولون شيئاً فيما يفعلون شيئاً آخر، وأسهموا بنجاح منقطع النظير فى تحويل الأفكار والأيديولوجيات إلى أشياء نظرية منبتة الصلة بالواقع، وفى تفريغها من كل محتوى مفيد، فذهبت كل الأفكار وكل الأيديولوجيات، وليس فقط أفكار القوميين العرب، ضحية لهذه الألاعيب، ولم يبق من مصداقية سوى لكلام الله المقدس فقط، فكان صعود الإسلاميين والدواعش.
اختلف القوميون العرب والإسلاميون فى كل شىء، عدا رفض الدولة العربية القائمة وحرمانها من الشرعية. رفض الوحدويون العرب الدولة العربية لأنها تقسم العرب، ورفضها الإسلامويون، لأنها تقسم المسلمين. الصراعات الدائرة فى العراق وسوريا الآن هى أحدث محاولات الإسلاميين لوراثة التيار القومى العربى المهزوم، أما النتيجة المؤكدة لصراعاتهم وفشلهم فهى انقسام الدول العربية التى طالما رفضوها معاً.
وعدنا القوميون العرب والإسلاميون بالوحدة، لكنهم لن يورثونا سوى دول أصغر بكثير من تلك التى تركها لنا الاستعمار. لم نعد بعيدين عن ذلك اليوم الذى سنرى فيه دولاً مستقلة للأكراد والشيعة والعلويين وعدة دول متصارعة للمسلمين السنة محل العراق وسوريا الحاليتين. عندما نرى ذلك الكابوس وقد تحقق على الأرض سنندم كثيراً على دول «سايكس - بيكو» التى ورثناها عن الاستعمار، تماماً كما يندم كثير من الفلسطينيين الآن على قرار التقسيم الذى بات حلماً بعيد المنال.
لا أظن أن العراق أو سوريا قادرتان على البقاء دولتين موحدتين بعد كل الدمار الذى حدث، والدماء التى سالت، والكراهية التى تم زرعها فى النفوس. عندما يتقاتل السنة والشيعة فى العراق ويتبادلون التكفير والحرق والتفجيرات، وعندما يقوم الأكراد فى العراق بحرق معسكرات لجوء السنة الذين نزحوا إلى كردستان بحثاً عن الأمن، وعندما ترفض سلطات بغداد دخول اللاجئين السنة من أهل الرمادى إلى بغداد، وتتركهم فريسة لوحشية «داعش»، فإن هذا بلد لا يمكن لأهله أن يتعايشوا مرة أخرى، ولا يمكن له استعادة وحدته ثانية. عندما يرفض أكراد سوريا محاربة «داعش» قبل الحصول على ضمانات للاستقلال الذاتى من بقايا حكومة دمشق، وعندما يركز ما بقى من نظام الأسد البعثى ذى الأصول القومية العربية دفاعاته حول إقليم العلويين الساحلى والطرق التى تربطه بدمشق، فإنه يعلن بهذا تسليمه بانتهاء سوريا الموحدة، وتسليمه بسوريا المنقسمة طائفياً وعرقياً.
لم يرضَ القوميون العرب والإسلاميون بدولة المواطنين التى كانت ممكنة، وأرادوا استبدالها -هذا بدولة العرب، وذاك بدولة المسلمين- فأورثونا دول الطوائف والعرقيات المتناحرة. نجت مصر من مصير دول المشرق المظلم، وعليها أن تستعد -ومعها من بقى من دول العرب- للتعامل مع العالم العربى فى خريطته الجديدة. قد نواصل الحديث عن الاستقرار والوحدة فى سوريا والعراق، وهذا جيد من باب الكياسة واللياقة، ولكن علينا ألا نصدق أنفسنا، وأن ننتقل بسرعة لمرحلة البحث عن الأمن والمصلحة فى عالم ما بعد «سايكس - بيكو».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.