محافظ الغربية يستدعى سيارة إسعاف لمسنة تعثرت بعد الإدلاء بصوتها أثناء جولته الميدانية    محافظ الدقهلية يتفقد لجان جولة الإعادة لانتخابات النواب بمركز ومدينة أجا    وزير العمل يبدأ زيارته إلى إيطاليا بلقاءات مع قيادات شركات التوظيف والتدريب    زراعة الشيوخ تكرم رئيسها ووكيلها بالفصل التشريعى الأول    4 إصابات بالرصاص خلال اقتحام الاحتلال لنابلس واعتقالات في طولكرم    256 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لتسليمها للجهات الفلسطينية    الجيش السوداني يجهز قوة كبرى لتحرير كردفان ودارفور بدعم حلفاء لتعزيز توازن القوى    ليفاندوفسكي يرحل عن برشلونة ويحدد وجهته القادمة    الانطلاق غدا| مواعيد مباريات الجولة الثانية ل «كأس عاصمة مصر»    شوبير يكشف مفاجآت الأهلي: بلعمري قريب..وحمدان على قائمة الأولويات    القبض على 4 متهمين لقيامهم بتوجيه الناخبين بالدقهلية    السجن المؤبد لشاب قتل آخر بمطواة داخل سوق ماشية في قنا    ياسمينا العبد ل ست ستات: ميد تيرم عمل من الشباب للشباب ويحمل رسالة أمل    الزعيم عادل إمام يغيب عن عزاء شقيقته إيمان    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهي عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    ترامب يحذر من تراجع الدعم لإسرائيل داخل الكونجرس الأمريكي    ضبط 3 أشخاص في دار السلام بالقاهرة بحوزتهم مبالغ مالية تمهيداً لتوزيعها على الناخبين    الداخلية تكشف حقيقة إجبار سيدة على ترك مسكنها بالبحر الأحمر    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    مدير تعليم سوهاج يتناول وجبة الإفطار مع طالبات مدرسة الأمل للصم (صور)    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تضامن المنوفية: تسليم 46 مشروع إنتاجي لتمكين المرأة الريفية    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    الأمطار وراء تأخر فتح لجنتين بالتل الكبير لمدة 20 دقيقة بالإسماعيلية    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    عراقجي: نؤكد ضرورة تعزيز العلاقات الإيرانية الروسية في المجالات كافة    باسل رحمى: دورات تدريبية للمواطنين على إقامة مشروعات جديدة    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    سوريا.. الأمن يوقف متورطا بجرائم حرب زمن النظام المخلوع    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    مع بدء التصويت بانتخابات الاعادة للمرحلة الثانية .. حزب العدل يتقدم ب 7 شكاوي للهيئة الوطنية للانتخابات    عاجل- الأرصاد السعودية تحذر: أمطار ورياح شديدة على منطقة حائل    "الكهرباء" توقع عقدًا جديدًا لتعزيز كفاءة الشبكة القومية الموحدة    النائب أيمن محسب: الخروقات الإسرائيلية تهدد استدامة وقف إطلاق النار وتعرقل المرحلة الثانية من الاتفاق    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    باريس سان جيرمان يصطدم بفلامنجو في نهائي كأس إنتركونتيننتال 2025 بالدوحة    بدء التصويت في أول أيام جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    كامل أبو علي ينصح حسام حسن: تجاهل السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق البشرى والسادات
نشر في الوطن يوم 10 - 11 - 2012

فى لحظات التساؤل وإعادة البناء تكثر الأسئلة المتصلة بالماضى، ويبحث الناس عن «أحكام» بشأن هذا الماضى، وبخاصة إذا كانت فروع الشجرة تمتد لقلب المشهد الراهن، حيث أطلقت الثورة مسارى حوار متقاطعين، حوار حول المستقبل وجدل حول الماضى. وكما يقول المثل: «فى الليلة الظلماء يُفتقَدُ البدر». لكن ما يفتقده المصريون فى الدوار السياسى التالى للثورة ليس بدراً بل «بدور».
وكما تنشغل النخبة بنماذج يمكن أن تكون ملهمة كالنموذج التركى أو الماليزى، كذلك يحنون لأشخاص، يمثل كل منهم سلة خيارات. والبعض يراهم طوق نجاة فى لحظة صنعت الجموع فيها التغيير ولم تجد من يمسك زمام القيادة. وهكذا عاد الحديث -فى مسار جدل فرعى- حول الماضى بنموذجيه المختلفين إلى حد التضاد شبه التام: جمال عبدالناصر وأنور السادات.
وفى حوار مع الإعلامى أحمد المسلمانى فى برنامجه «الطبعة الأولى» قدم المستشار طارق البشرى تقييمه كمؤرخ ومفكر لتاريخ مصر المعاصر، وجاء تقييمه لعصر السادات حافلاً بما يستحق التعليق. ولولا أننى عايشت مؤلفات الرجل، فضلاً عن حوارات معه فى منزله، أثناء تأليف كتابى عنه لكنت شعرت بالدهشة بل ربما الصدمة!
طارق البشرى أطلق جملة أحكام على الرجل وعصره تكشف عن تحيزات هى أقرب إلى «القناعات المسبقة»، وينطبق هذا أيضاً على العبارات القليلة التى قالها عن الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل. ومما قاله البشرى أن رجال عبدالناصر اتفقوا على السادات بأمل السيطرة عليه، وهذا صحيح، لكنه أضاف أن السادات بعد أن أطاح بخصومه لم يكن لديه رؤية سياسية سوى هدم ما بناه عبدالناصر، فى سياساته الاجتماعية ورؤيته للعلاقات الدولية، وكأن الرجل حكم مصر مدفوعاً -فقط- بالرغبة فى مخالفة عبدالناصر.
وهذا طبعاً فضلاً عن أن انتصار أكتوبر كان استثماراً لجهود عبدالناصر، أما قرار الحرب والتحول الاقتصادى (الانفتاح الاقتصادى)، فليس سوى جزء من مشروع إعادة عقارب الساعة للوراء، حتى «مذبحة القضاء» تحدث عنها البشرى بلهجة مخففة وكأنها لم تكن إحدى أكبر خطايا عبدالناصر.
أول ما يستحق التعليق فى تقييمات طارق البشرى أنها ليست سوى إعادة صياغة أكثر صقلاً لرؤية التيار الناصرى، وهى رؤية لا تكاد تكون لها صلة بالموضوعية والإنصاف. والسادات فى المقام الأول ضحية جموح يسارى تعكسه تقييمات البشرى الذى حمل معه القسم الأكبر من انحيازاته كيسارى سابق لم تخلصه المراجعة الفكرية من السمات الرئيسة لهذا المزاج السياسى، مع ميل واضح إلى المحافظة. وهذا مزاج معظم النخبة، وهم يتعاملون مع السادات بطريقة يلخصها قول الإمام على «إذا أقبلت الدنيا على رجل أعارته محاسن غيره.. وإذا أدبرت الدنيا عن رجل سلبته محاسن نفسه»!
ومن المفارقات أن تقييم البشرى لعبدالناصر هو -بالضبط- الوجه الآخر للعملة، فقد نظر المستشار طارق البشرى لعبدالناصر ب«عين الرضا» ونظر للسادات ب«عين السخط»، فلم ير أياً منهما لا بعين المؤرخ ولا بعين المفكر.
وعندما يبحث المصريون عن رمز يلخصون به خياراً ممكناً فى مسار المستقبل الذى يتشكل، فيجب استشعار القلق من ظهور اسم جمال عبدالناصر، فرغم النكسة، والانتهاك الأسطورى لحقوق الإنسان، ومذبحة القضاء، ورغم تشييد «دولة المخبرين» المسماة «التنظيم الطليعى»، ورغم القمع المنظم للجميع، وضمن ذلك أعضاء مجلس قيادة الثورة أنفسهم، و.. .. .. يرى البعض عبدالناصر «طوق نجاة» وخياراً للمستقبل!!!
والقضية هنا ليست السجال ولا الرغبة فى الدفاع عن السادات، وهى كذلك ليست تفنيد خطاب المفتئتين عليه -وهم «كُثرُ»- بل القضية هى المعايير التى نقيِّم بناء عليها ما مر، فهذه المعايير هى أول ما سيحدد وجهة المستقبل.
وما شهده حكم السادات من انتصار عسكرى وتحول اقتصادى واتفاق تسوية لولاه لكانت سيناء الآن كالجولان، معالم واقعية سياسية عجز عبدالناصر عن امتلاك شجاعة اتباعها، فهو بحث عن زعامة شعبوية انتهت -بعد سنوات من الكلام عن فلسطين- إلى النكسة وتوقيع «مبادرة روجرز». أما مبارك ففشل فى الاستمرار فيها، وبالتالى شوهها.
عفواً سيادة المستشار.. واسمح لى أن ألخص تعقيبى على رأيك فى السادات مستعيراً عنوان كتاب للمستشرقة الألمانية الشهيرة الراحلة سيجريد هونكة: «السادات ليس كذلك»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.