جاءنى هذا البيان من الدكتور عبدالجليل مصطفى، عضو الجمعية التأسيسية للدستور، حاملا رؤية واضحة فاضحة حول ما يجرى الآن بخصوص الدستور، وأعتقد أنه من المفيد أن يقرأ الناس البيان كاملا، من دون اجتزاء ولا ابتسار ولا اختصار، وها هو نصا: «يرى أعضاء الجمعية التأسيسية الذين تقدموا بتعديلات يوم 7 نوفمبر 2012 على مختلف نصوص المسودة التى طرحتها إدارة الجمعية بتاريخ 24 أكتوبر إلى الأمين العام للجمعية التأسيسية، أن الخطة المقترحة والبرنامج الزمنى لعمل الجمعية وإنهاء مشروع الدستور فى ظرف أسبوعين سوف تؤدى بالضرورة إلى (سلق) للدستور وتقديم نصوص ركيكة وناقصة سوف تضر بمصالح مصر والمصريين. ومن ثم يرفض هؤلاء الأعضاء هذه الخطة وبرنامجها الزمنى ويطالبون رئيس الجمعية بأن يعطى الأعضاء من مختلف التوجهات السياسية فرصة مناقشة مواد المسودة مع التعديلات المقترحة منهم ومن غيرهم من أعضاء الجمعية ومن القوى السياسية خارجها، مادة مادة، وليس بابا بابا، وأن يتاح الوقت الكافى لمناقشة مفصلة حول هذه المواد. لقد تحمل الأعضاء المشار إليهم مسئوليتهم الوطنية بالإسهام الفعال والإيجابى فى مناقشات الجمعية ولجانها ولن تقبل ضمائرهم الوطنية أن يصدر الدستور بهذه العجلة التى لا تتناسب مع قيمة الدولة المصرية وتراثها الدستورى وهم على استعداد تام للإسهام فى المناقشات الجادة حول المسودة المطروحة للدستور والتجاوب مع الاقتراحات التى طرحت حولها، كما أنهم على استعداد للانسحاب من الجمعية إذا أصر البعض على ملكيتهم للدستور ورفضهم أو خشيتهم من تعديلات غيرهم وذلك حفاظاً على مصداقية الدستور وتحقيقاً لرغبة هذا الشعب العظيم فى دستور ديمقراطى. لقد طلب رئيس الجمعية المستشار حسام الغريانى من الأعضاء تقديم ملاحظاتهم وتعديلاتهم كتابة وحدد موعدا نهائيا هو الثالثة بعد ظهر يوم الأربعاء الموافق 7 نوفمبر 2012 وإذا برسالة تضمنت برنامجاً زمنياً يقترح إنهاء الصياغة يوم 8 نوفمبر أى أن الجدول المقترح أعطى يوماً واحداً لكل هذه التعديلات لتؤخذ أو لا تؤخذ فى الاعتبار الأمر الذى يستحيل حدوثه عملا ومنطقا ويؤكد نية (سلق الدستور)، وهو أمر يمس بمصداقية الوثيقة ومدى احترام المواطنين لها. ليس هذا فقط وإنما يخصص هذا الجدول المقترح خمسة أيام بدءاً من 11 نوفمبر أى أربعة أيام فقط من التاريخ النهائى لتقديم التعديلات المطلوبة بمقتضاها يخصص يوم واحد، أى جلسة واحدة، لكل باب مع تخصيص يومين لنظام الحكم، وهو أمر يستحيل معه إجراء مناقشة جادة لنصوص المسودة التى بلغت أكثر من 230 نصا دستوريا، ويجعل هذه المناقشات ضرباً من العبث، فضلا عن أنه أغفل مناقشة الأحكام العامة والانتقالية على خطورة ما ورد بها من أحكام ونصوص غير مألوفة فى صياغة الدساتير. ولسبب غير مفهوم نص البرنامج على أن تستمر لجنة الصياغة المصغرة والمختارة اختياراً تحكمياً فى العمل على ما سمى بتحسين المسودة التى من المفترض أن توافق عليها الجمعية وفق هذا البرنامج بهذه العجلة دون أن يعود الأمر مرة أخرى للجمعية وليس فى هذا أى ضمانة إزاء احتمال تغيير النصوص التى انتهت إليها الجمعية. وفى النهاية يحدد الرئيس موعدا غايته 19 نوفمبر للتصويت على مسودة نهائية تنتهى مناقشتها قبل نهاية شهر نوفمبر، الأمر الذى يضع النقاش كله تحت سيف مسلط من التواريخ القريبة دون أخذ فى الاعتبار ضخامة عدد مواد الدستور مما يستلزم إتاحة وقت مناسب ونقاش جاد، بل دون أى إشارة إلى أهمية توافق الآراء أو إلى ما تم الاتفاق عليه من عدم التصويت بالأغلبية البسيطة أى 57 صوتاً، خاصة أن الوقت على أهميته ليس هو العنصر الوحيد الذى يجب أن يؤخذ فى الاعتبار فى إصدار دستور للدولة المصرية يعيش عشرات السنين. وعليه يقرر الموقعون رفضهم لأسلوب فرض عنصر السرعة وتفضيله على عنصر الكفاءة والجودة فى دستور مسودته حتى الآن ليست متوازنة ولا متزنة ولا تليق ببلد عظيم كمصر وبشعب عريق ذى حضارة ضاربة فى أعماق التاريخ يستحق دستوراً محترماً ينتظره الكثيرون فى مصر وخارجها وليس مجرد ورقة تكون فى مهب الريح. وسوف يواصل الموقعون اجتماعاتهم لإنقاذ الدستور وضمان احترامه واتخاذ المواقف اللازمة ومعهم عدد من الأعضاء الذين أعربوا عن معارضتهم للمقترح المؤسف الذى أعلنته الجمعية دون تشاور مع أعضائها بل اقتصر التشاور على مجموعة أو اثنتين دون بقية القوى الممثلة لشعب مصر فى الجمعية التأسيسية».