ردود أفعال متباينة لحقت آخر قرارات النائب العام المصرى عبدالمجيد محمود بغلق وحظر المواقع الإباحية عن مصر، بين مؤيد يرى فيها سبباً فى انتشار حالة الفراغ الأخلاقى فى المجتمع المصرى، وزيادة معدلات التحرش، ومعارض يرى أن القرار له تبعاته السلبية على الحريات الشخصية من ناحية، أو إعطاء المواقع الإباحية أولوية كان من الأفضل أن تكون لتصحيح الوضع الاقتصادى للشباب، أو أنه قرار قد يتسبب فى زيادة معدلات الانحراف الجنسى والتحرش أكثر. «القرار صائب، ولكن يلزمه خطوات أخرى تدعمه» هذا ما أوضحته الدكتورة سوسن فايد، خبيرة علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، وأضافت قائلة «من الممكن أن يكون هناك رد فعل عنيد فى البداية يبديه المقبلون على المواقع الإباحية، لكن على المدى البعيد سيكون هناك انسحاب للسلوك غير السليم، وأرجو الجهات الأخرى خصوصاً الجهات الرياضية فى المدارس أو مراكز الشباب، وكذلك المراكز الثقافية أن تنشط فى هذه الفترة، لتشكيل ثقافة مضادة تجتذب الشباب إليها؛ لتغيير ثقافتهم المصرة على الإقبال على هذه المواقع، وتعيد رسم أولوياتهم، وثقافتهم بحيث يستفيد منهم المجتمع ويكون للقرار أثره الإيجابى فى تقليل معدلات الانحراف الجنسى، والتحرش». وعلى النقيض، الدكتور أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسى قال إنه «لا يمكن أن تدار الأخلاقيات والأفكار بواسطة القانون، فهناك قانون بإعدام القتلة، ولكن لم يتوقف القتل فى العالم، يجب أن نأخذ الموضوع بعمق ونرى لماذا يلجأ الشباب للمواقع الإباحية، لأسباب نفسية كثيرة فالشاب يمتلك طاقة ونشاطاً جسدياً وجنسياً، إذن لا بد من قنوات بديلة لتفريغ هذه الطاقة». يعدد عكاشة القنوات البديلة التى يمكن أن نمتص من خلالها الطاقة الجنسية والجسدية لدى الشباب فيقول «عادة ما تلجأ المدارس الأجنبية إلى زيادة جرعة الرياضة لامتصاص جزء من هذه الطاقة، كما يمكن امتصاصها عن طريق دمج الشاب فى النشاط السياسى، والعقائدى، أو من خلال الثقافة والنقد الفكرى، والفنون والأدب، وبعد ذلك نحاول إيجاد حلول لتأخير سن الزواج، والبطالة والفقر وعدم القدرة على الزواج». كيف يمكن أن يؤثر القرار على المقبلين على تلك المواقع؟ يجيب الدكتور أحمد عكاشة «لا شك أن القانون سيؤدى للتقليل من مشاهدة هذه المواقع، ولكنه لن يحل المشكلة الأساسية التى هى مشكلة اجتماعية نفسية بخلاف نقص الموارد عند كثير من الشباب، لأن غالبية من يرى هذه المواقع هو من الشباب المحروم من امتصاص الطاقة الداخلية». أما الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ علم النفس، فيرى للقرار تأثيرات منها أن «المقبلين على هذه النوعية من المواقع لن يأبهوا، وسيلجأون إلى طرق أخرى للتنفيس عن طاقتهم الجنسية المكبوتة، لأن الجنس سواء كان بالفكر أو بالفعل لا بد له من مخرج، وقد تكون البدائل المتوقعة عن المواقع الإباحية متمثلة فى الاعتداءات الجنسية وازدياد عدد العلاقات غير المشروعة والتحرش الجنسى، وبيوت الدعارة». ويرجع عبدالمحسن سبب زيادة معدلات الإقبال على المواقع الإباحية بين الشباب المصرى إلى أن «قطاع الشباب يعانى كبتاً جنسياً بسبب تأخر سن الزواج، وعدم وجود ظروف مالية واقتصادية تسمح بالزواج المبكر، والبطالة ومشكلات الفقر وسوء الأحوال الاقتصادية». أما بقية القطاعات غير الشابة التى تقبل على المواقع الإباحية فإنها تقبل على هذه النوعية من المواقع بسبب «الاستمالات الجنسية التى تبثها وسائل الإعلام المختلفة التى لها دور كبير فى إثارة الفتن من الناحية الجنسية، والاستمالات الجنسية فى المسلسلات والإيحاءات الجنسية فى الإعلان، خصوصاً إعلانات المقويات الجنسية، وحالة الانفلات الأخلاقى، وقصور دور الواعظين الدينيين فى هذا المجال، وعدم تطبيق الدين بصورته النافعة، فى حين يتم الاعتماد على جوانب الدين الشكلية، أو تلك التى تهتم بالمظهر على حساب الجوهر». «المجتمع كذلك سيتأثر كثيراً لهذا القرار» تقول الدكتورة سوسن فايد، مضيفة أنه «ربما كان فى القرار انحياز واضح للمجتمع، ولكنه مأخوذ بغير رؤية مستفيضة لما قد يترتب عليه من آثار سلبية، وعدم تأهيل المجتمع لقبول القرار بالشكل الكافى وحل مشكلاته التى دفعت كثيرين إلى هذه المواقع يدفع المجتمع أكثر إلى الانزلاق فى الإباحية».