قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في حديثه للفضائية المصرية، المقرر إذاعته غدًا الجمعة، إن طريق الدعوة إلى الله لم يحدده النبي ولا العلماء، وإنما حدده القرآن الكريم في نص ٍّصريحٍ، "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ". وأشار إلى أن ليس أمام المسلم إلا وسيلةٌ من 3 وسائلَ يبلِّغ بها رسالة الإسلام؛ "الحكمة التي تعني الحجة والبرهان، ثم الموعظة الحسنة التي تُلين القلوب، ثم الحوار شريطة أن يكون بالتي هي أحسن، فإذا لم يستجب المدعوُّ فدعه وشأنه "إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"، مؤكدًا أنَّ الإسلام لم يضع في أذهان المسلمين في يومٍ ما أن ينشروا دينهم بقوة السلاح؛ لأنَّ الإسلام يؤمن بأنَّ العقائد لا تُفرض، وإنما الاقتناع بالحجة والبرهان. وأكد أنَّ الإسلام حرَّم ترويع الناس أيًّا كانت معتقداتهم، ويكفي في تحريم ذلك قول النبي "منْ أشارَ إلى أخيهِ بحديدةٍ، فإنَّ الملائكةَ تلعنُهُ حتَّى ينتهيَ، وإنْ كان أخاه لأبيهِ وأُمِّهِ". وأضاف شيخ الأزهر، أن الحركات المسلحة، لا تعبر عن روح الإسلام وصحيح الدين، مؤكدًا أن الجهاد في الإسلام كلمةٌ مطلقةٌ تعني بذل المجهود في سبيل الله، فهناك جهاد الشيطان، وجهاد النفس، وذلك بمقاومة الشهوات والميول الشيطانية، وهذا لا يقلُّ شأنًا عن القتال، وهناك جهاد بالحجة والبرهان، وجهاد بالمال، وجهاد بالتَّصدي للفقر، والجهل، والمرض، وصرف الناس عن دين الله؛ لأنَّها تهدم مباشرةً المقاصد الكُلَّية للشريعة الإسلامية. وأشار إلى أن اقتصار الجهاد على حمل السلاح، اختزال للدِّين في جزئيةٍ معينة؛ إذ لا يجوز مقاتلة الأعداء إلا إذا رفعوا السلاح، "وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ"، ولم يقل قَاتِلوا فِي سبِيل اللَّه الَّذِين يخالفونكم في الدِّين، وإنْ كان قتال المخالف للعقيدة موجودًا في كتب مقدسة أخرى. وأوضح الإمام الأكبر، أنَّ الجهاد بمعنى القتال تارةً يكون فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين؛ كصلاة الجنازة، وتارةً يكون فرض عين؛ كالصلاة والصوم، وذلك إذا هجم العدوُّ على بلدٍ مسلمٍ ودخلها، وأمعن في القتل والتخريب والترهيب، فحينئذٍ يكون القتال واجبًا على كلِّ فردٍ مكلَّفٍ من أفراد هذا البلد، وإذا كان للجهاد وزارة للدفاع ترتب أموره، ولديها محاربون مُدرَّبون على مواجهة العدو؛ فإنه في هذه الحالة يكون فرض كفاية. وشدد على ان إعلان الجهادِ وترتيب أموره خاص ٌّ بوليِّ الأمر ومَن يُنيبه، وبمصطلحاتنا الحديثة هو حقٌّ الحاكم على وزارة الدفاع، ولا يمكن في عصرنا هذا إعلان الحرب خارج وزارة الدفاع أو خارج دائرة الحكم، ولا يجوز لأيِّ شخصٍ أو أيِّ جماعة حركيَّة أنْ تُجيِّش جيشًا وتخرج عن هذا النطاق.