أطباء انتقدوا واقعهم الأليم بمؤلفات ساخرة وصفحات على «فيس بوك» يجلس فى غرفة معقمة، يرتدى «بالطو» أبيض، يعلق السماعة فى عنقه، وقبل أن يتحرك نحو المريض بابتسامة، يصدمه الواقع، يفيق ليجد حلمه الجميل تحول إلى واقع مزعج. هذا هو حال الأطباء فى أغلب المستشفيات والوحدات الصحية الحكومية، فبعد رحلة طويلة يقطعها طالب الطب تبدأ بمجموع 99%، مروراً ب 6 سنوات دراسة وسنة «امتياز»، وانتهاء بقيده طبيباً بنقابة الأطباء، يجد نفسه مكبلاً بمجموعة قيود منها ضعف الإمكانيات وقلة الدخل والإهمال، وتكون حكمة «شر البلية ما يضحك» هى بداية مرحلة جديدة فى حياة أطباء قرروا أن يخوضوا عالم الطب بالسخرية من واقعهم. «الوحدة الصحية يا حضرات هى المكان الوحيد فى الكون اللى فيه المرضى (اللى مش تعبانة) بتيجى تكشف على حاجات (مش بيشتكوا منها)، ودا عشان ياخدوا المضاد الحيوى اللى بيحبوه ببلاش، وهى أيضاً المكان المفضل لعشاق المراهم؛ حيث إن الوحدة الصحية فيها مرهم عين ومرهم جلدى ومرهم حروق مغارة على بابا، يعنى بالنسبة للمواطن المصرى اللى بيحب يعالج أى حاجة بنظرية كل ما تدهن أكتر فرصتك فى الشفا تكتر»، هكذا دون الدكتور أحمد عاطف، مشكلة يواجهها طبيب الوحدة الصحية بشكل ساخر على صفحته على موقع «فيس بوك»، التى وصل عدد متابعيها إلى 44 ألفاً. لم يقتصر الأمر على مواقع التواصل الاجتماعى، بل وصل إلى كتب ألفها أطباء للتعبير عن واقعهم الأليم، منها «يوميات دكتور نبطشى»، للدكتور محمد فؤاد أبوالعز، أخصائى أمراض القلب، تناول فيه مجموعة من المواقف الكوميدية فى المستشفيات الحكومية والخاصة تحدث بين الأطباء والمرضى ليضم الكتاب «كل ما يمكن أن تتخيله وما لا يمكنك أن تتخيله»، على حد وصفه. «رحلتى من الطب إلى الألش».. كتاب ساخر لطبيب الأسنان الشاب محمد جمال، حاول من خلاله طرح المواقف التى تعرض لها خلال دراسته فى كلية الطب وحتى عمله كطبيب امتياز. محمد ناجى، أيضاً عبر عن صدمته من حال مهنته كطبيب للأسنان من خلال كتابه الساخر «أشيك واد فى شبرا»، الذى يتناول حياة طبيب امتهن 7 وظائف: «أول حاجة لفتت نظرى لما اتخرجت إنى كنت فاكر أن هيبقى معايا فلوس كتير ما أنا دكتور بقى.. بس للأسف عندنا دكاترة كتير بيوتهم بقت أولى بيهم». «الخروج من كلكعة المجال الطبى والأبحاث العلمية» كان هدف الدكتور محمد عطية نجم، مؤلف كتاب «جمهورية الميكروباص»، بعد أن اتجه إلى الكتابة الساخرة ليعالج السلبيات المنتشرة فى المجتمع المصرى وتحويلها إلى إيجابيات يمكن للمواطن تقبلها والتعايش معها، فيسعى لتفريغ طاقته السلبية لأخرى إيجابية ساخرة تصل للجمهور وتجعلهم يستجيبون للتغيير المجتمعى. أما بالنسبة لمجاله العلمى فحدث ولا حرج: «حال العلم بمصر وحده ساخر لنفسه». الكاتبة الدكتورة سلمى عبدالوهاب، مؤلفة المجموعة القصصية «إزيك يا دكتورة»، طرحت كتاباً يضم مجموعة متنوعة من القصص القصيرة الاجتماعية والواقعية. «سلمى» قررت ترك عالم الطب بعد أن قضت ما يقرب من سبع سنوات فى الدراسة والعمل كطالبة «امتياز»، بعد أن فوجئت بحقيقة المنظومة الصحية، فالواقع كان أصعب من أن تتعامل معه، خاصة تعامل المرضى مع الأطباء وقلة الموارد والإهمال الذى تعانى منه المستشفيات ويصيبها بشلل كبير، وتجاهل وزارة الصحة للتجاوزات التى تحدث للأطباء. الطبيبة الأديبة لم تستطع الاستمرار ولا التعامل مع الوضع بطريقة ساخرة مثلما يفعل زملاؤها فقررت ترك المهنة نهائياً.