على الرغم من أن الفترة التى قضاها أسامة الباز فى قلب غرفة صنع القرار السياسى، فإن السنوات الأكثر أهمية بدأت منذ عام 1998، عندما هبت رياح التغيير على مصر سواء من الداخل أو الخارج، وكان «أسامة» شاهداً رئيسياً على التحولات العاصفة التى طرأت على مستقبل الحكم، من خلال انطلاق عملية التوريث، وحسب ما تقول الإعلامية أميمة تمام زوجة الباز التى عاصرت معه تلك الفترة الحساسة، فإن خيوط اللعبة كانت فى يد سوزان مبارك وزكريا عزمى. وانتهت تلك المرحلة بإقصاء كل الرجال الذين حذروا الرئيس وأسرته من مغبة المضى فى مشروع توريث جمال مبارك. ونتابع هنا ما ترويه أميمة تمام عن أسرار تلك المرحلة. ف«سوزان» هى التى دفعت «جمال» للزواج ليستكمل مظاهر الشكل التقليدى لشخص مرشح للرئاسة، خاصة فى الفترات الأخيرة، وبالأخص منذ عام 2005، فقد كانت أسرة مبارك لديها هاجس كبير بأن هذه هى الأيام الأخيرة فى حياة الرئيس، وخوفهم الشديد من وفاة مبارك جعلهم يدفعون بقوة ملف التوريث واستغلال كل الفرص الممكنة، لدرجة أن مسئولى التليفزيون كانت لديهم تعليمات بوضع جاكيتات سوداء على سبيل الاحتياط، لارتدائها أثناء إعلان خبر الوفاة. وكان السيناريو عقب وفاة الرئيس أن يتولى جمال الحكم على الفور، ولم يكن لديهم أدنى شك من إتمام أمر التوريث، لدرجة أن الدكتور مصطفى الفقى حذرهم أكثر من مرة وبالتحديد «مبارك وجمال»، وأكد لهم أن الشارع المصرى لن يسكت على عملية التوريث، فكان رد مبارك عليه «شارع إيه»، فرد عليه الفقى «الناس اللى فى الشارع»، فقال له مبارك «عرفت الكلام دا منين؟» فقال الفقى «من الجرايد» فرد مبارك «خلاص ما تقراش الجرايد». وصلت أسرة مبارك إلى مرحلة من الثقة والغرور الشديد، فى إتمام عملية التوريث، وكانوا يعتبرون الموضوع واقعاً لا جدال فيه، وكان الخلاف داخل الأسرة فحسب فى كيفية الوصول للحكم، خاصة أن سوزان لم تكن تريد انتظار وفاة مبارك ليتولى «جمال» خلفاً له، وكانت ترى أن يتولى الحكم ومبارك على قيد الحياة، وفى تلك الفترة خرج أسامة الباز بشكل تدريجى من الحياة السياسية، خاصة بعد اختلاف وجهات النظر بينهم. كان الباز دائم التحذير لمبارك من علاقته بحسين سالم وأحمد عز، وقال له فى إحدى المرات إنه ليس من الطبيعى قبول هدايا حسين سالم، التى كانت عبارة عن مجموعة من القصور والفيلات فى شرم الشيخ، إلا أن مبارك لم يستجب للنصيحة. وحاول «الباز» مجدداً أن يحذر جمال مبارك من تزاوج السلطة برأس المال وضم رجال الأعمال إلى الحزب الحاكم بهذه الكثرة، كما حذره من عملية احتكار الحديد، لكن أحداً لم يسمع له. وحاول إقناع مبارك بتحجيم علاقته بحسين سالم حتى لا يتورط فى فساد مالى، لكن فى الفترات الأخيرة كان «مبارك» يستاء من تحذيرات «الباز» له ويغضب، وبدأ بالتدريج يتجنب «الباز» ولا يستمع له.