■ يا مصر، يا رمز توحيد الله وعبوديته فى غابر الزمان، فإدريس عليه السلام هو أول من دعا إلى التوحيد على ضفاف النيل. ■ يا مصر، يا من تطهّر نيلك وشرُف بأن حملت مياهه الرائعة مهد نبى الله موسى وهو طفل رضيع. ■ يا مصر، يا من لم تعرف الجفاء والغلظة، فعزيز مصر قال لامرأته عن يوسف الطفل الذى لا يعرفه «أَكْرِمِى مَثْوَاهُ» لأنها دوماً أرض التحضر التى لا تعرف الجفاء أو الغلظة.. وامرأة فرعون ملأ العطف الربانى قلبها فقالت عن موسى الرضيع: «قُرَّةُ عَيْنٍ لِى وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً».. ولولا فضيحة زليخا لدى نساء المدينة الهامسات ما طلبت سجن يوسف، وصدق من قال: «فلما فُضحت فجرت»، ورغم ذلك كان سيدنا يوسف يستغفر لها فى السجن.. وهى ندمت على فعلتها واعتذرت له بعد خروجه من السجن. ■ مصر التى استقبلت يعقوب (إسرائيل) عليه السلام وأولاده استقبالاً رائعاً وأكرمت مثواهم. ■ مصر هى التى احتضنت اليهودية بداية من يعقوب عليه السلام وحتى موسى وهارون عليهما السلام.. مئات الأجيال من بنى إسرائيل عاشوا فى مصر.. لم يظلمهم أهلها ولكن ظلمهم «فرعون موسى» فقط الذى خاف من نبوة موسى على ملكه. ■ يا مصر، يا من احتضنت اليهودية والمسيحية والإسلام والأنبياء جميعاً فى حين أن تل أبيب قتلت أنبياءها ونكلت بهم فقتلت أشعياء وزكريا وذبحت الحصور يحيى عليهم السلام. ■ يا مصر، أنت التى احتضنت المسيح وأمه مريم العذراء حينما هربوا من مكر اليهود والرومان.. واحتضنت «مرقص» أهم وأبرز حوارى المسيح. ■ يا مصر، يا من فتحت ذراعيك لعمرو بن العاص ومن معه من الصحابة. ■ ويا من رحبت بآل البيت الذين فضّلوك على غيرك.. وآثروك على مكةوالمدينة لأنهم رأوا الأمن والأمان والحنان. ■ وأنت التى قال عنك نوح عليه السلام محدثاً ابنه فى سفر التكوين: «يا بنى، أسكنتك أم البلاد وأصلها». ■ يا مصر، اللسان العربى لم يستقم إلا بك وفيك بعد أن أعوجّ فى كل مكان. ■ يا مصر، القرآن نزل فى مكة وطُبع فى تركيا وقرئ فيك بأعذب أصوات العباقرة مصطفى إسماعيل ورفعت وشعيشع وعبدالباسط والطبلاوى والمنشاوى والحصرى وغيرهم. ■ يا مصر، أنت التى بشّر بقدوم الإسلام إليك محمد (صلى الله عليه وسلم) ووصى بها: «سيفتح الله عليكم أرض مصر فاستوصوا بأهلها خيراً». ■ أنت بلد الملوك العظام كأحمس ومينا دعاة الوحدة والتوحيد. ■ يا مصر، أنت الدولة الوحيدة التى لم تتغير حدودها منذ أن خلقها الله كما قال العلامة حسين مؤنس والعالم يتغير حولها.. وكأنه يقرأ الماضى والحاضر والمستقبل وهو الذى مات منذ قرابة 30 عاماً. ■ يا مصر، يا من انتصر بك قطز وبيبرس فى عين جالوت على التتار الطغاة.. ويا من انتصر بك وبجنودك البواسل الناصر صلاح الدين على الصليبيين وحرر بهم القدس الشريف. ■ يا مصر، أنت قبلة التصوف فى العالم وملجأ أبوالعباس المرسى وذو النون المصرى والبدوى والشاذلى. ■ يا مصر، أنت موطن الفقهاء العظام الشافعى والليث بن سعد وابن دقيق العيد.. والعز بن عبدالسلام والسيوطى وعلى زين العابدين.. والشيوخ العظام الشرقاوى والسادات والمراغى والطهطاوى ومحمد عبده والخضر حسين والشعراوى وعبدالحليم محمود. ■ ووطن الأدباء العظام مثل العقاد والمازنى وطه حسين وجورجى زيدان. ■ وملهمة الشعراء العظام شوقى وحافظ ومحرم وحسن إسماعيل وهاشم الرفاعى. ■ يا مصر يا «خزائن الأرض» كما قال يوسف الصديق، فكيف أصبحت عالة على الآخرين.. تتسولين الناس وخزائنك ملأى؟! ■ وكيف أصبحت طاردة لأبنائك يبحثون عن لقمة العيش حتى لو كانت مغموسة بفقد الكرامة والأمان أو محفوفة بالمخاطرة.. ألا تذكرين يوم كنت سلة غذاء الإمبراطورية الرومانية وكيف أنقذت الخلافة أيام عمر بن الخطاب فى عام الرمادة؟! ■ يا مصر، ألا تذكرين شوارع القاهرة والإسكندرية التى كانت تُغسل مرتين يومياً.. والآن كل شوارعك ملأى بالزبالة وتعج بالفوضى، والباعة الجائلون احتلوا كل شبر فيك! ■ يا مصر، أنت من أمة «اقرأ» وليس من أمة «ارقص» أو «حشش» أو «مارس الجنس دون زواج شرعى».. هل تقبلين ما يراد لك من منكر وفاحشة وأنت رمز الفضيلة والعلم والدين؟ ■ هل ترضين بسبّ العلماء والأئمة الأربعة، فلو علم الشافعى أنه سيُشتم هكذا فى مصر ما جاء إليك ولا دُفن فيك! ■ يا مصر، يا مثوى ومأوى العلماء والفقهاء وطلاب العلم.. كيف لا يأتيك اليوم هؤلاء ويذهبون إلى بلاد أخرى.. كانت الأزهر وجامعة القاهرة أرقى جامعات المنطقة العربية.. والآن خرجت كل الجامعات المصرية من التصنيف العالمى! ■ كيف ترضين يا مصر أن تكون لإسرائيل كل عام 5 جامعات فى التصنيف وأنت لا شىء؟! ■ كيف ترضين ألا تكون لك قناة إخبارية قوية يثق العالم بتميزها ومهنيتها؟! ■ كيف لا يحصل أى فيلم مصرى على أى جائزة عالمية لسنوات طويلة؟! ■ كيف طغت المناطق العشوائية على كل شىء.. كيف تمتلئ شوارعك بالدماء وتُسمع فيها التفجيرات كل حين؟! ■ كيف لا تستطيعين سياسة كل فصائل الوطن بحيث لا يُقصى أحد ولا يطغى أحد؟! ■ كيف نحافظ على الأمن القومى دون أن يكون لدينا 30 ألف سجين سياسى؟! ■ يا مصر، كيف تستوردين القمح حتى الآن ولديك أعظم أنهار الدنيا والجنة؟! ■ كيف لا تزرعى طعامك وتصنعى سلاحك وحتى المادة الخام للدواء لم تصنعيها حتى اليوم؟! ■ ماذا دهاك يا مصر يا أم البلاد.. أيرضيك حالك وحال أولادك الذين يتصارعون أكثر مما يأتلفون، ويتشاتمون أكثر مما يتصافحون، ويثأرون أكثر مما يصفحون، ويلهون أكثر مما يعملون، ويعبثون أكثر مما يعبدون، ويطمعون أكثر مما يزهدون، فهل من سبيل لعودة.. أم قد عز التعافى؟!