كشف تقرير مركز التسليح البريطانى أن الصواريخ المضادة للدبابات (م.د.) التى يستخدمها تنظيم «داعش» صنعت من طرف شركة «MBDA»، وهى شركة متعددة الجنسيات، لها مقرات فى العديد من الدول الأوروبية. وهذا النوع من الأسلحة أرسلته السعودية إلى الجيش السورى الحر لقتال القوات النظامية. وطمس تنظيم «داعش» الأرقام التسلسلية فى بعض الأسلحة التى استولى عليها أو اشتراها من المهربين، حرصاً على عدم إظهار الدول التى جاءت منها، وفقاً لمركز أبحاث التسلح، وحصل التنظيم على أسلحة إيرانية، وفقاً لجهاديين، فى الفترة بعد عام 2006، التى شهدت ظهور الصحوات (القبائل السنية التى حاربت التنظيم فى العراق)، وخلال حربه مع الجيش الأمريكى. ويعد سلاح «التفخيخ» أو «الانغماسيين»، كما يسميهم «داعش»، ويعنى الانتحاريين الذين يفجرون أنفسهم فى مواقع عسكرية، أهم الأسلحة لدى التنظيم، إذ إن هؤلاء يوفرون على التنظيم الدخول فى عمليات هجوم مباشرة مع خصومهم، ما يسهل لهم من عمليات الاستيلاء سواء على الأرض أو السلاح. وداخل التنظيم «مفرزة من الانغماسيين»، أى كتائب من الانتحاريين، يقدمون أنفسهم، ويسجلون أسماءهم فى هذه الكتائب، ولدى التنظيم وزارة للتفخيخ، تعتمد على التخطيط لزرع «المفخخات» كما يسمونها. ومن خلال الانتصارات الميدانية الكبيرة التى حققها تنظيم «داعش» فى سورياوالعراق يتضح أن لديه خططاً واستراتيجيات محددة ومدروسة، إلى جانب التسليح، وأنه لا يتحرك بشكل عشوائى، إنما بدراية ومعرفة جيدة بالأوضاع الميدانية والسياسية، فلدى التنظيم قيادات فى الجانب الاستراتيجى، خاصة فيما يتعلق بالخطط العسكرية والحرب الإعلامية، وحتى فى مجال الجغرافيا والأماكن التى يمكن أن يتحرك فيها هذا التنظيم والأهداف المؤذية للخصم سواء فى سوريا أو العراق، حيث لديه خطة للتمدد على الأرض، أو الجغرافيا الواحدة، واتضح هذا بعد 10 يونيو الماضى وما أطلق عليه استراتيجية هدم الحدود بين العراقوسوريا، وتحديداً فى منطقة الموصل، والتمدد باتجاه الرقة وحلب ودير الزور. وتعد «حروب العصابات» الاستراتيجية العسكرية للتنظيم، وتبدأ بالهجوم بالصواريخ طويلة المدى، على الأهداف المرصودة إحداثياتها بدقة، يعقبها هجوم بالانتحاريين، ما يؤدى لارتباك خصومهم، ويسهل على «المترجلين»، أى الذين يحملون أسلحة على الأرض ويدخلون فى عمليات مواجهة مباشرة، مهاجمة خصومهم فى ظل حالة الارتباك التى يعانون منها. وصنف عبدالعزيز المقرن، القيادى السابق فى القاعدة، فى كتابه «الدليل العملى لحرب العصابات»، مراحل حروب العصابات، ويعتبر الدليل الاستراتيجى والتكتيكى ل«داعش» وغيرها، من العازمين على «نظام إسلامى بحت خال من العيوب والعناصر الكفرية» والذى كتب بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، على ثلاث مراحل، هى «الاستنزاف» أو (الدفاع الاستراتيجى)، و«التوازن الاستراتيجى النسبى»، و«الفتن والاضطرابات السياسية الداخلية للنظام المتواطئ». ويؤكد «المقرن»، فى كتابه، أنه يجب على المرء أن ينتبه إلى أن هذه المراحل ليست قالباً جامداً، لكنها قابلة للتكيف مع الظروف فى المنطقة. أما عن المرحلة الأولى، فهى عن طريق تنفيذ عمليات مفاجئة ومذهلة، والتى سوف تخلق تأثيراً إيجابياً. ويستخدم الإرهابيون تلك الهجمات بوصفها أداة للتوظيف ووسيلة لتقديم دفعة معنوية للجهاديين المحتملين. وأما عن المرحلة الثانية، فتبدأ عندما «يتمكن الجهاديون من بناء جيش والسيطرة على المناطق التى استطاعوا انتزاعها من النظام الحالى». ويقول «المقرن»: «سيكون على المجاهدين إقامة معسكرات القاعدة، والمستشفيات، والمحاكم الشرعية، ومحطات البث، فضلاً عن نقطة انطلاق للجيش والسلطة السياسية». وأما فى المرحلة الثالثة، التى يصفها «المقرن» ب«المرحلة الحاسمة»، يقوم الإرهابيون باستخدام جيش تقليدى لإطلاق هجمات دراماتيكية. ويشرح «المقرن» تلك المرحلة بقوله: «من خلال استخدام المجاهدين لتلك القوات التقليدية، سوف يبدأ المجاهدون بمهاجمة المدن الصغيرة واستغلال تلك النجاحات والانتصارات فى وسائل الإعلام من أجل رفع معنويات المجاهدين والشعب بصفة عامة، وتحطيم معنويات العدو»، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما تفعله «داعش» فى العراقوسوريا. ويضيف: «السبب فى اختيار المجاهدين للمدن الصغيرة هو أنه عندما ترى قوات العدو سقوط تلك المدن فى أيدى المجاهدين سيؤدى ذلك إلى انهيار معنوياتهم، وسوف يقتنعون بأنهم غير قادرين على التعامل مع المجاهدين».