تامر حسني يحيي حفلًا غنائيًا مميزًا بالجامعة البريطانية في مصر    مصر وقبرص تنفذان التدريب المشترك "بطليموس 2025".. صور    المجلس القومي لحقوق الإنسان يوافق على استقالة مشيرة خطاب ويكلف محمود كارم بالرئاسة    مدبولي: مواردنا الدولارية من السوق المحلية تغطي احتياجات الدولة للشهر الثالث على التوالي    50 منفذًا تموينيًا متنقلًا في دمياط خلال أيام عيد الأضحى    متحدث الوزراء: سنواجه أي زيادات غير مبررة بالأسعار.. ونستورد 400 ألف طن لحوم لتغطية احتياجاتنا    استشهاد معتقل من غزة في سجون الاحتلال الإسرائيلي    تعرف على تشكيل الإسماعيلي في مواجهة سيراميكا بنصف نهائي كأس عاصمة مصر    الوداد المغربى يستعجل رد الزمالك على عرض صلاح مصدق    حبس متهمين بسرقة المساكن بأسلوب كسر الباب في الأميرية    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفياتها خلال عيد الأضحى    محمد بن رمضان يعيد أمجاد هانيبال مع الأهلي.. من هو وما قصته؟    بمناسبة عيد الأضحى، حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن 22 زميلًا محبوسًا    بوتين: لتحقيق أهداف العملية العسكرية يجب استخدام جميع الوسائل    الصور الأولى من كواليس فيلم السادة الأفاضل    «معنى الرجولة و الشهامة».. كريم محمود عبد العزيز يحتفي بميلاد والده    دعاء يوم التروية لغير الحجاج .. اللهم إنى أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل    مروان عثمان يقود هجوم سيراميكا أمام الإسماعيلي في نصف نهائي كأس الرابطة    وفد من الأزهر والأوقاف والكنائس يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد الأضحى    نجم الزمالك السابق: وسط الملعب كلمة السر في مواجهة بيراميدز    قرار عاجل من الزمالك بفسخ عقده لاعبه مقابل 20 ألف دولار    بعد اهتمام برشلونة والنصر.. ليفربول يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    عودة خدمات تطبيق انستا باي بعد توقف مؤقت نتيجة عطل فنى    دى لا فوينتى قبل قمة إسبانيا ضد فرنسا: لا نمل من الفوز ولدينا دوافع كبيرة    جثة الخلابيصي تثير الذعر في قنا.. والأمن يتحرك لحل اللغز    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    حنان مطاوع: يشرفني تقديم السيرة الذاتية ل سميحة أيوب    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    تأكيدا ل «المصري اليوم».. أيمن منصور بطل فيلم آخر رجل في العالم (البوستر الرسمي)    محمد رمضان يقترب من الانتهاء من تصوير «أسد»    اتفاق تعاون بين «مصر للمعلوماتية» و« لانكستر» البريطانية    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    هل تُجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة؟.. «الأزهر للفتوى» يرد    محافظ المنيا: جادون في استرداد الأراضي وتطبيق القانون بكل حسم    رئيس هيئة الاعتماد يعلن نجاح 17 منشأة صحية فى الحصول على اعتماد "جهار"    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    مدبولي: الإعلان عن إطلاق المنصة الرقمية لإصدار التراخيص خلال مؤتمر صحفي    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    صلاح عبدالله يستعيد ذكرياته مع سميحة أيوب في مسرحية رابعة العدوية    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصمة جديدة لمصر.. ولكن!
نشر في الوطن يوم 24 - 04 - 2015

مرة أخرى أعود إلى الكتابة عن العاصمة السياسية والإدارية الجديدة لمصر. كتبت مرة قبل أن تتخذ مصر قرارها الأخير بإنشاء العاصمة الجديدة وأعود إليها اليوم بعد أن نفذ السهم وصار إنشاؤها مسألة وقت يبدو أنه لن يطول، خصوصاً والجهة القائمة بالتنفيذ مشهود لها بالسبق والسرعة وكفاءة الإنجاز. ومدينة دبى، درة الخليج، مثال يتألق ويبهر، وسابقة جديرة بأن تُحاكى أو تستلهم. لست من المعارضين لعاصمة جديدة، كنت فى يوم من الأيام وما زلت من أشد المتحمسين لها وأكثر المعارضين لأى «عمليات تجميل إضافية» للمرأة التى شاخت ولم تعد «المساحيق» تكفى لسد أخاديد الزمن التى حفرت وجههاً طولاً وعرضاً وعمقاً! وكان آخر هذه المحاولات «لترميم» القاهرة القديمة وتجميل «وجهها المشدود» هو ما عرف فى عام 2010 ب«المخطط الاستراتيجى للقاهرة 2050» والذى لم يكن إلا اجتهاداً مشكوكاً فى نجاحه لإجراء تحسينات موقوتة للمدينة الكوزموبوليتانية المرشحة للانفجار. وكانت النتائج المتوقعة للمخطط الذى أدركته وأدركت مصر معه عناية الله وثورة 25 يناير 2011، مأساوية وهى إعادة إنتاج الأزمات نفسها التى تعانيها المدينة التاريخية ويكابدها سكانها المختنقون فيها وبها.
وللتاريخ فإن «المخطط» كان التفافاً شيطانياً على مقترح تقدمنا به فى 2009 بإنشاء عاصمة إدارية وسياسية جديدة لمصر، بعد أن تجمعت كل الأسباب والنذر التى تحتم الخروج سريعاً -وقبل نزول كوارث لا تحمد عقباها- من نفق القاهرة الضيق! وقتها كنت مديراً لمركز الدراسات المستقبلية بمجلس الوزراء، ونقل إلينا الصديق الدكتور ماجد عثمان رئيس مركز المعلومات الأسبق رغبة الحكومة آنئذ فى إنشاء عاصمة إدارية جديدة، وهى رغبة أوحت بها إلى الحكومة زيارة قام بها الرئيس مبارك إلى الصين وجد فيها الصينيين يعدون العدة للبدء فى مشروع «بكين 2040» بعد أن وصلت العاصمة القديمة بكين إلى حدودها القصوى. فى الدراسة التى أعددناها عن العاصمة الجديدة لمصر فى 2050 كان الرأى الذى انتهيت إليه وعدد من الخبراء المرموقين فى تخطيط المدن، أن العاصمة الجديدة يجب أن تنشأ بمنأى عن نفوذ العاصمة القديمة وبريقها، وأن تفلت من «مجال جاذبيتها» الذى لا يقاوم.
لقد أصبحت القاهرة عاجزة عن الوفاء بمتطلبات «جودة الحياة» بمقاييس هذا القرن، من ظروف معيشية مقبولة وأمان وراحة وبيئة صالحة للعيش والعمل والترفيه لساكنيها ومرتاديها، وتقديم الخدمات الذكية التى تسهل الاتصال الداخلى والخارجى، وتوفر الوقت والجهد، والتى تجتذب رؤوس الأموال ومقار الشركات العالمية والفئات الأذكى للسكن بها. كان من الضرورى التفكير فى عاصمة جديدة لمصر تكون جزءاً لا يتجزأ من الرؤية المستقبلية لمصر فى 2030. فالكثافة الحالية للقاهرة هى أضعاف ما يجب أن تكون عليه ليمكن للإنسان المصرى أن يحيا حياة كريمة. ومعظم الأزمات التى نتخبط فى حبائلها فى المعمور المصرى هى نتيجة مباشرة لهذه الكثافة، من تكدس وتزاحم واختناق مرورى وعشوائية فى البناء، وتآكل الأرض الزراعية والتلوث البيئى، مع ما يسببه كل ذلك من أضرار صحية ونفسية، وخسائر اقتصادية ووقت مهدر ونفقات هائلة لعلاج المشكلات التى يخلفها التكدس، والتكاليف الاجتماعية لأخلاق الزحام كالعصبية والعنف والجريمة وأطفال الشوارع.
كانت الفلسفة وراء تطوير القاهرة بخفض كثافتها والقضاء على التكدس ترتبط على المدى البعيد باستئصال المشكلة من جذورها، بدلاً من الاستمرار فى إهدار المال لإصلاح آثارها وترقيع ثوبها، وهو ما يعنى ضرورة إنشاء عاصمة سياسية جديدة، مع الإبقاء على القاهرة، بكل ثقلها التاريخى والوجدانى، عاصمة ثقافية وسياحية، الأمر الذى يمكن من توزيع الاستثمارات والخدمات خارج القاهرة إلى مناطق أخرى أقل نمواً وتطوراً فى مصر. أما إنفاق المزيد من المال لتحسين القاهرة دون نقل العاصمة فسيكون سبباً فى زيادة المشكلة لا حلها، حيث إن تحسين بيئة القاهرة العمرانية وتحويلها إلى مدينة مريحة سيكون نتيجته جذب المزيد من السكان لالتهام هذا التحسن. وهذه الحلقة المفرغة يستحيل كسرها إلا بتوقف هذا «التحيز الحضرى» للقاهرة وتمييزها عمرانياً وتنموياً على غيرها من المدن فى الخدمات والاستثمارات، وخلق مراكز جذب أخرى، ونقل العاصمة الإدارية والسياسية من القاهرة إلى موقع جديد، يبعد عنها بمسافة كافية تضمن إفلاتها من تأثير جاذبيتها الشديدة، بل وتوفير مجموعة من «العواصم الوظيفية» ذات وظائف متنوعة تجتذب الاستثمارات وتخلق فرص العمل. ونحن لسنا استثناءً من دول كثيرة نقلت عواصمها لأسباب مختلفة كالبرازيل وتركيا وباكستان ونيجيريا وغيرها.
لا اعتراض على إنشاء عاصمة جديدة لمصر، ولكن ليس على مرمى حجر من العاصمة القديمة، وإلا تحولت مع الزمن والتوسع العمرانى السريع إلى ضاحية جديدة من ضواحى القاهرة. والموقع المقترح على طريق السويس الذى تقطعه السيارة فى أقل من ساعة يتعارض ومتطلبات الموقع الأمثل للعاصمة الجديدة، وأهمها أن يكون هذا الموقع بعيداً عن المدن الكبيرة سريعة النمو كالقاهرة والإسكندرية، وأن يقع على أحد محاور التنمية المستقبلية، بالقرب من مدن متوسطة أو صغيرة يسمح بنموها نتيجة التنشيط المتبادل. ولنا فى جامعات الدلتا عظة وعبرة، وخصوصاً تلك الجامعات القريبة من القاهرة مثل بنها والسويس والزقازيق التى تخلو من الحياة ويتوقف نشاطها الأكاديمى بعد الساعة الثانية ظهراً، حيث يعود أساتذتها ومنتسبوها -بعد دوام قصير- من حيث أتوا، إلى القاهرة أو فندقهم الكبير! لا خلاف إذن على عاصمة جديدة لمصر، لكن هل يمكن قبل أن يسبق السيف العزل أن نعاود التفكير فى موقعها المقترح؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.