أشد الأمراض الإنسانية، وأفتكها غباء الروح، وأكبر الجرائم تأثيرًا في تاريخ البشر، هى جريمة قلب الحقائق، فأفدح الأمور التي تُصيب المرء بالحزن والتآسي علي من تجادله، هو الفهم المغلوط، وأصعب القرارات أن تجادل مع السطحيين وأصحاب الفهم قصير المدى. منزل الأميرة نزلي فاضل 1899 في جلسة من جلسات الصالون الثقافي للأميرة نازلي فاضل، الذي كان يضم العديد من المثقفين والكتاب، دار النقاش حول كتاب "تحرير المرأة" ل"قاسم أمين"... اعتبر أمين أن تحرر المرأة في ذلك الوقت، مما كانوا يعانون منه، يبدأ بخلع الحجاب وكانت المرأة في بداية القرن العشرين، تعاني من اضطهادًا بالغًا، إذ أن التعليم كان حكرًا على الرجال، والقلة القليلة من الفتيات، اللاتي سافرن للخارج، كما كان الحال بالنسبة للأميرة نازلي فاضل، التي كانت تظهر في صالونها الثقافي، بدون حجاب، الزي السائد في ذلك الوقت. ما قصده أمين في كلامه على تحرير المرأة هو إصلاح الوضع الذي تعيش فيه، أي إحداث تغيير في العادات والتقاليد، وإعادة النظر في فهم الشريعة الإسلامية لجهة نصوصها المتصلة بالنساء، فضلاً عن رفع يد الجهل عنهن، وإنهاء عهد استبداد الرجال بهنّ، وتنهض هذه الدعوة الجديدة على قاعدة الترابط بين صلاح وضع الأمة وصلاح حال المرأة. ... أحيانا تجبرنا أخلاقنا، على أن نستمع لبعض أصوات الحمقى عام 2000 بدأ النقاش الذي لا أستطيع محوه من ذاكرتي إلى الأبد؛ نقاش حول (المسموح والممنوع )، أتذكر صوت أمي نبرته الرقيقه والهائدة، وبابتسامتها المعتادة بدأت تشرح وتجيب على تساؤلات كانت تؤرقني، كلماتها لا تُنسي: "أنتِ الآن مسؤولة أمام الله عز وجل، في كل تصرفاتك، قد تتغير معالم جسمك نتتيجه التغيرات الهرمونية، وكل هذا لا يدعو للقلق فاجئتني فيما بعد بأنني لابد وأن ارتدي الحجاب، وحينما طرحت علي الفكرة، بادرتها متسرعة: "الحجاب!.. بس أنا لسة صغيرة"، فا بتسمت وقالت "تعالي ورايا المطبخ". كان الجدال في بداية القرن العشرين، حول الحجاب، ممكناً، بل أنه كان قضية بحق، تستحق النقاش، ومواجهة "الظلامية"، إذ أن خلعه ارتبط، بتحرير المرأة من كل قيود التطرف، وإعطائها الحق، في التعليم والعمل، غير أن ذلك أصبح الآن، متاحاً، المنادين بالحجاب، ما هم إلاّ مجموعة من "الشوفانيين"، المزايدين، الذين يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، يريدون أن يقدموا أنفسهم، للنظام، أي نظام، وطرج خلع الحجاب، ما هو إلاّ انتهازية مكشوفة، ولا قيمة لها، دعاوى التحرر المنادية بخلع الحجاب، تتعارض في ذاتها بمفهوم الحرية، فكل مواطن بأن يعيش بما يناسبه، دون متسخة على مستوى المضمون والرائحة. في المطبخ جلبت أمي تفاحتين، بدأت بتقشير واحدة ووضعتها في طبق، والثانية كما هي، وأكملنا النقاش، بخصوص إرشادات خاصه بالبلوغ وبعد مرور نص ساعه تقريبا ، قالت: "لو خيرتك أن تأكلي إحدي التفاحتيتن ستختارين أي واحدة؟، تمعنت بالتفاحتين، فقلت لها أختار الصحيحة المغلفة بقشرتها، التي لم تقشر بعد، وقالت إذن أنت اخترتي الحجاب بإرادتك الكاملة. ما بين يوم والثاني كانت -أمي- تؤكد علي أن كل شخص سوف يحاسب بمفرده على تصرفاته، وأني مسؤولة وحرة في هذا الاختيار دون قيود. صحيح أنه لا قداسة للأفكار والمعتقدات البشرية، لكنه لا تفريط في الحرية الشخصية، والعُري علامة التخلف والرجوع بفكر الانسان إلى العصور الأولى، أنا فتاة تحب الاستماع الي أفكارها جيدًا، في الوقت نفسه لا أدع نفسي ابتعد كثيرًا عما يخبرني به القلب، لا أعتبر نفسي ملتزمة تمامًا بكل الأمور الجيدة وكل تعاليم الدين أو موجبات الطاعة، أرتدي ما أجد نفسي فيه من الملابس، أضع بعض مساحيق التجميل كنوع من الاعتياد، أعيش حياتي على هامش من الخطأ ومساحة من البقاء في حيز الصواب، لا أعرف ما هي كل الامور الجيدة في الحياة، لكن على الاقل أحاول البقاء قريبة من الطاعه والصلاح، وإن كانت الخيارات المطروحة كثيرة فحتمًا سأختار الحجاب، ليس فقط لكوني أحبه ولكن أيضًا لأني وإن كنت لا أستطيع الالتزام بكل حذافير الدين فعلى الأقل لا أريد الرجوع خطوة للوراء. لهذه الأسباب ارتدي الحجاب أشد الأمراض الإنسانية، وأفتكها غباء الروح، وأكبر الجرائم تأثيرًا في تاريخ البشر، هى جريمة قلب الحقائق، فأفدح الأمور التي تُصيب المرء بالحزن والتآسي علي من تجادله، هو الفهم المغلوط، وأصعب القرارات أن تجادل مع السطحيين وأصحاب الفهم قصير المدى. منزل الأميرة نزلي فاضل 1899 في جلسة من جلسات الصالون الثقافي للأميرة نازلي فاضل، الذي كان يضم العديد من المثقفين والكتاب، دار النقاش حول كتاب "تحرير المرأة" ل"قاسم أمين"... اعتبر أمين أن تحرر المرأة في ذلك الوقت، مما كانوا يعانون منه، يبدأ بخلع الحجاب وكانت المرأة في بداية القرن العشرين، تعاني من اضطهادًا بالغًا، إذ أن التعليم كان حكرًا على الرجال، والقلة القليلة من الفتيات، اللاتي سافرن للخارج، كما كان الحال بالنسبة للأميرة نازلي فاضل، التي كانت تظهر في صالونها الثقافي، بدون حجاب، الزي السائد في ذلك الوقت. ما قصده أمين في كلامه على تحرير المرأة هو إصلاح الوضع الذي تعيش فيه، أي إحداث تغيير في العادات والتقاليد، وإعادة النظر في فهم الشريعة الإسلامية لجهة نصوصها المتصلة بالنساء، فضلاً عن رفع يد الجهل عنهن، وإنهاء عهد استبداد الرجال بهنّ، وتنهض هذه الدعوة الجديدة على قاعدة الترابط بين صلاح وضع الأمة وصلاح حال المرأة. ... أحيانا تجبرنا أخلاقنا، على أن نستمع لبعض أصوات الحمقى عام 2000 بدأ النقاش الذي لا أستطيع محوه من ذاكرتي إلى الأبد؛ نقاش حول (المسموح والممنوع )، أتذكر صوت أمي نبرته الرقيقه والهائدة، وبابتسامتها المعتادة بدأت تشرح وتجيب على تساؤلات كانت تؤرقني، كلماتها لا تُنسي: "أنتِ الآن مسؤولة أمام الله عز وجل، في كل تصرفاتك، قد تتغير معالم جسمك نتتيجه التغيرات الهرمونية، وكل هذا لا يدعو للقلق فاجئتني فيما بعد بأنني لابد وأن ارتدي الحجاب، وحينما طرحت علي الفكرة، بادرتها متسرعة: "الحجاب!.. بس أنا لسة صغيرة"، فا بتسمت وقالت "تعالي ورايا المطبخ". كان الجدال في بداية القرن العشرين، حول الحجاب، ممكناً، بل أنه كان قضية بحق، تستحق النقاش، ومواجهة "الظلامية"، إذ أن خلعه ارتبط، بتحرير المرأة من كل قيود التطرف، وإعطائها الحق، في التعليم والعمل، غير أن ذلك أصبح الآن، متاحاً، المنادين بالحجاب، ما هم إلاّ مجموعة من "الشوفانيين"، المزايدين، الذين يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، يريدون أن يقدموا أنفسهم، للنظام، أي نظام، وطرج خلع الحجاب، ما هو إلاّ انتهازية مكشوفة، ولا قيمة لها، دعاوى التحرر المنادية بخلع الحجاب، تتعارض في ذاتها بمفهوم الحرية، فكل مواطن بأن يعيش بما يناسبه، دون متسخة على مستوى المضمون والرائحة. في المطبخ جلبت أمي تفاحتين، بدأت بتقشير واحدة ووضعتها في طبق، والثانية كما هي، وأكملنا النقاش، بخصوص إرشادات خاصه بالبلوغ وبعد مرور نص ساعه تقريبا ، قالت: "لو خيرتك أن تأكلي إحدي التفاحتيتن ستختارين أي واحدة؟، تمعنت بالتفاحتين، فقلت لها أختار الصحيحة المغلفة بقشرتها، التي لم تقشر بعد، وقالت إذن أنت اخترتي الحجاب بإرادتك الكاملة. ما بين يوم والثاني كانت -أمي- تؤكد علي أن كل شخص سوف يحاسب بمفرده على تصرفاته، وأني مسؤولة وحرة في هذا الاختيار دون قيود. صحيح أنه لا قداسة للأفكار والمعتقدات البشرية، لكنه لا تفريط في الحرية الشخصية، والعُري علامة التخلف والرجوع بفكر الانسان إلى العصور الأولى، أنا فتاة تحب الاستماع الي أفكارها جيدًا، في الوقت نفسه لا أدع نفسي ابتعد كثيرًا عما يخبرني به القلب، لا أعتبر نفسي ملتزمة تمامًا بكل الأمور الجيدة وكل تعاليم الدين أو موجبات الطاعة، أرتدي ما أجد نفسي فيه من الملابس، أضع بعض مساحيق التجميل كنوع من الاعتياد، أعيش حياتي على هامش من الخطأ ومساحة من البقاء في حيز الصواب، لا أعرف ما هي كل الأمور الجيدة في الحياة، لكن على الاقل أحاول البقاء قريبة من الطاعة والصلاح، وإن كانت الخيارات المطروحة كثيرة فحتمًا سأختار الحجاب، ليس فقط لكوني أحبه ولكن أيضًا لأني وإن كنت لا أستطيع الالتزام بكل حذافير الدين فعلى الأقل لا أريد الرجوع خطوة للوراء.