«كلمنى عن الحشيش!».. . انفجر صديقى ضاحكاً على الجانب الآخر من المكالمة الهاتفية لأنى داهمته بهذا السؤال خبط لزق، وبما أنه صيدلى، فربما اعتقد أننى أشاور عقلى على كَبَر وأبحث عن ديلر.. مما دفعه إلى الرد بشىء من الألش قائلاً: «طلبك مش عندى يا سى مزاجانجى». تجاوزت الألشة بصعوبة، ثم أعدت عليه السؤال ولكن بمزيد من الإيضاح.. فأنا أريد أن أعرف أكثر عن التأثير الكيميائى للحشيش، لعلى أجد فى ذلك ما يفسر ارتباطه بالكثير من الأنشطة الإبداعية عند الكثير.. خاصة الفنانين. إنه لم يعد مجرد موضة ومزاج تفاريحى عند الموسيقيين فى مصر والوطن العربى وحتى على مستوى العالم.. وإنما أصبح نمط حياة وسلوكاً اعتيادياً بل وضرورة من وجهة نظر الكثير منهم، بل أصبح الغريب هو من يسعى وراء الإبداع دون مساعدة من مصدر الإلهام ومسكّن الآلام.. السيجارة البنى! تحدث صديقى بشكل علمى عن المكونات والتأثير وما إلى ذلك، كما تحدث عن تحريمه دينياً وقانونياً كإحدى المواد المخدرة الممنوعة فى معظم دول العالم.. ولفت نظرى حقيقة أن جسم الإنسان يفرز مادة تسمى «أناندامايد» والاسم فى اللغة الهندية القديمة يعنى «أمين السعادة»، وهى عبارة عن ناقل عصبى من نفس فصيلة القنبيات وهى المواد الفعالة فى نبات الخشخاش أو القنب، أو الحشيش يعنى.. هذه المواد هى المسئولة عن الإحساس بالسعادة والانتشاء.. ويستطيع الجسم إفرازها بشكل طبيعى وبجرعات على قدر الاحتياج، فتسمح له بأن يعيش نفس لحظات الصفاء النفسى والإبداع التى يمكن أن يعيشها بالأنفاس وقعدات المزاج! فقط تحتاج لمعرفة كيفية تحفيز هذه المواد فى الوقت والمكان الذى تريد. هنا تذكرت «كينان» وهو مغنى كندى ذو أصول أفريقية، يغنى ويكتب ويلحن موسيقى الريجى والهيب هوب التى تشتهر بعلو مزاج فنانيها، حتى إن تعاطى الماريجوانا أصبح جزءاً لا يتجزأ من صناعتها.. كينان حاصل على عدة جوائز عالمية، كما حققت أغنيته «Wavin' Flag» نجاحاً ساحقاً وطافت أرجاء الدنيا بعد اختيارها الأغنية الرسمية لكأس العالم لكرة القدم 2010. يفتخر كينان بأنه لم يشرب كأساً أو دخن سيجارة أو تعاطى مخدراً طوال حياته! وأثناء جولة فنية قام بها مع داميان وستيفين مارلي -أبناء مغنى الريجى الراحل بوب مارلى الذى أصبح وجهه المرسوم على ورقة الماريجوانا أيقونة عالمية لأصحاب الكيف- قال له أحدهما قبل الصعود على المسرح ذات مرة: «نحن نغرق فى الدخان الأزرق ومع ذلك لا نستطيع الوصول فنياً إلى نصف ما تصل إليه أنت!» شكرت صديقى على هذا الحديث الطويل والمعلومات المفيدة، أغلقت الخط وجلست أفكر قليلاً فى هذه الظاهرة ومدى انتشارها داخل الوسط الفنى وخارجه و.. وانقبض قلبى فجأة.. حينما تخيّلت يوماً أدخل فيه مريضاً إلى غرفة العمليات، لأجد الممرضة تلف جواناً للطبيب.. أنظر إليه فى ذعر.. فيسحب نفساً ثم يقول غامزاً بعينه فى صياعة: «اتقل تاخد حاجة نضيفة».