سيادة الرئيس مرسى.. لستُ واحداً ممن يحضرون لقاءاتك، فيخرجون بعدها كما دخلوا، تسيطر عليهم الدهشة، وتحبطهم علامات الاستفهام حول أدائك الرئاسى، ولا أطمح فى ذلك لأننى أدركت بعد متابعة كافة اللقاءات التى عقدتها سيادتك مع قوى سياسية وأحزاب وشخصيات عامة وفنانين وإعلاميين أن تلك اللقاءات لا تعد أكثر من شكليات تجعل الخبر الأول على صفحات الجرائد ونشرات الأخبار أنك قابلت واجتمعت وناقشت، بينما الحقيقة أننا لم نرصد أى لقاء ناجح من هذه اللقاءات، ولم نشعر أن كل ما سمعته من كل هؤلاء جعلك تتخذ قراراً ما صائباً بناء على هذه اللقاءات، أو تعمل بنصيحة أحدهم، وعندى قناعة تصل لدرجة اليقين يا سيادة الرئيس، أنك تعرف ماذا نريد، وتعرف كل مشكلاتنا، وتعرف ما سيتحدث به كل من يأتى إليك قبل أن ينطقه، لكنك -لسبب ما لا أعرفه- لا تأخذ خطوة للأمام، ولا تعمل بناء على رغبة الجماهير التى اختصرها المقربون منك فى جماعتك وأهلك وعشيرتك، إضافة لمحبيك ممن يظنونك ممثلاً للدين والإسلام، وليس الناس البسطاء الذين لا يزالون يعانون نفس معاناتهم القديمة، ولديهم نفس المشكلات ونفس الكوارث، ولربما تغير فقط أنك تذهب لتصلى فى مساجدهم، وتخطب فيهم على طريقة البنج الموضعى، الذى ما أن يزول أثره حتى يدرك الجميع أنه لا شىء تغير، ولذلك يا سيادة الرئيس اسمح لى أن أسألك بعض الأسئلة التى أثق أنك لا تعرف أصلاً إجابتها لأنها لو كانت لديك لقدمتها بدلاً من خطب الجمعة التى تطربنا بها كل أسبوع. قلت قبل انتخابك مثلاً أنك ستشكل فرق بحث جنائى جديدة لإعادة التحقيق فى قضايا قتل المتظاهرين، فأين هى؟، وقلت إنك ستعيد محاكمة مبارك ورموز النظام السابق وقيادات الداخلية الفاسدة فلماذا لم يحدث؟.. وقلت بعد انتخابك إن دماء الشهداء أمانة فى رقبتك، فأين حقوقهم؟ أيدك كثيرون يا سيادة الرئيس أملاً فى أن تصبح رئيساً للمصريين كلهم، حتى لو كان انتماؤك لجماعة ظلت لسنوات محظورة، وكانوا ينتظرون من سيادتك أن تكون عادلاً مع الجميع، فأين تقنين أوضاع الجماعة، وأين مساءلتهم عن أموالهم وإخضاعها لرقابة الدولة، أم أنهم سيصبحون دولة داخل الدولة؟ قبل عدة أسابيع سرت على السطح شائعة بأن هناك خلافاً بينك وبين السيد خيرت الشاطر، الرجل القوى فى الجماعة ونائب المرشد الذى كان يمكن أن يكون مكانك لولا استبعاده، فهل هذا صحيح، أم أنها إشاعة مسربة لتجميل صورة سيادتك وإظهارك فى ثوب من يختلف مع جماعته؟ وإذا كان صحيحاً فما الذى يجعل هناك خلافاً بين رئيس الجمهورية بمقامه وسلطاته، وبين نائب لمرشد جماعة سياسية ليس له علاقة -أو أن هذا هو المفترض- بالسلطة التنفيذية؟.. هل فعل ما أغضبك؟، أم طلب منك ما لا تطيقه ولا ترضاه؟ هل سيناء أكبر من قدراتك يا سيادة الرئيس؟ أسأل هذا السؤال لأننى أشعر أن سيناء تضيع منا، وأنت يا سيادة الرئيس (مش معانا).. (ولا هنا). أين الاقتصاد الذى وعدتنا أن يتحسن؟.. أين مشروع النهضة الذى بشرتنا به أنت وجماعتك؟ أين حساب من أهدروا دماءنا فى محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء وبورسعيد؟ أين محاكمة طنطاوى وعنان؟ أين إعادة تشكيل تأسيسية الدستور الذى وعدت به لو تذكر؟ لماذا تكتفى بالكلام عن حساب المفسدين دون فعل؟، ولماذا تهدد دون عمل؟ يا سيادة الرئيس.. سلفك مبارك كان عنيداً.. يسمع ولا ينفذ، ويجمع حوله الفاسدين، ويظن فى النصح تجاوزاً، وفى النقد غاية لصاحبه، فتعلم يا سيادة الرئيس قبل فوات الأوان، وقبل أن يندم الجميع.. الجميع.