قال المحلل بمركز راند العالمي، الرضا نادر، في تحليل له نشر على موقع "ناشونال إنترست" الأمريكي، تحت عنوان "استرح، إيران لن تستطيع السيطرة على الشرق الأوسط"، إن الانتقادات الموجهة للمفاوضات النووية مع إيران ركزت على سياسات إيران الإقليمية كإطار للمفاوضات، البعض يجادل أن أوباما قد تخلى عن الشرق الأوسط لصالح النفوذ الإيراني، البعض الآخر يرى أن إيران تقوم بتكوين إمبراطورية جديدة في الشرق الأوسط، أما الجزء الأكبر من الانتقادات، فيذهب إلى أن الاتفاق النووي الذي يترك إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم بشكل ما، سيسمح لها بترسيخ نفسها كقوة عظمى في الشرق الأوسط، لكن معظم هذه الانتقادات تفشل في الإحاطة بأسباب النفوذ الإيراني في المنطقة. وأضاف نادر، إن البرنامج النووي الذي أنفقت إيران عليه عشرات المليارات من الدولارات رغم العقوبات المفروضة عليها، لم يقدم فائدة كبيرة لإيران، في حين أن غزو أمريكا للعراق، وثورات العالم العربي وانهيار دول المنطقة الأضعف، قد سمح لإيران بملء هذا الفراغ، لكن ليست إيران هي الوحيدة، فطهران تواجه قوى أخرى منافسة مثل السعودية وتركيا، واللذان يقومان بتوسيع نفوذهما، وليسا دائما على نفس خط مصالح الولاياتالمتحدة، وبالكاد يكون النفوذ الإيراني هو السبب في تآكل سلطة الدول في المنطقة، بالرغم من ذلك، تمثل إيران تحديا للولايات المتحدة، حيث يجب التركيز على عملية ابتكار حل صحيح للتعامل معها، ويبدأ الحل عندما يتم تحديد المصالح الأمريكية الرئيسية. ويضيف الكاتب، أن ربط المفاوضات النووية الحالية بسياسات إيران الخارجية هي إشكالية عميقة بالنسبة لصناع القرار في إيران، خصوصاً المحافظين، فإنهم يرون المفاوضات النووية كمؤامرة لدحر النفوذ الإيراني في المنطقة، كخطوة أولى ممكنة لمواجهة النظام الإيراني داخل بيته، إن مؤسسة الأمن القومي الإيراني تحب أن ترى إيران وهي تحارب أعداءها، خصوصاً الولاياتالمتحدة، بعيداً عن حدود إيران، عند هذه النقطة، فإن مواجهة موقع إيران الإقليمي بقوة، من الممكن أن يعزز من معارضة المفاوضات النووية في طهران، الكثير من الأمريكيين الذين يدعون للعمل ضد إيران بعدوانية أكثر، يعتقدون أن إيران لا تستجيب إلا تحت الضغط، وأن بالضغط عليها في سورياوالعراق واليمن، من الممكن أن يجبر النظام الإيراني على التخلي عن البرنامج النووي، لكن على الأرجح أن العكس هو الصحيح. كما قال الكاتب، إن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، قد دعم جهود الرئيس روحاني للتخفيف من عزلة إيران الدبلوماسية وإصلاح الاقتصاد، إن خامنئي يعطي روحاني الفرصة لاستخدام الدبلوماسية لحفظ مصالح إيران، لكن إذا رأى خامنئي أن دور إيران الإقليمي تحت ضغط كبير، فإنه لا يزال على استعداد للنظر في سياسة "المقاومة" والتي لن تتنازل فيها إيران عن البرنامج النووي أو تغير في سياستها الإقليمية، إن خامنئي يرى أن الولاياتالمتحدة جنباً إلى جنب مع السعودية وتركيا وإسرائيل حريصين على هزم إيران كقوة إقليمية، ومن ثم يطيحون بالنظام الإسلامي، في هذه الحالة لن يكون خامنئي على استعداد للتنازل عن مركز إيران في الشرق الأوسط، حتى لو وقعت إيران تحت وطأة العقوبات الشاملة. ويقول، بالرغم من ذلك، فإن إيران ليست هي المشكلة الوحيدة للأحداث في المنطقة، ولا يمكن توجيه اللوم لها وحدها بسبب عدم الاستقرار الحاصل في المنطقة، في حين أن السعودية الحليف الوثيق للولايات المتحدة، تشعل الصراع الطائفي في المنطقة من خلال منافستها مع إيران، السعوديون يرون إيران كتحد واضح وخطير لشرعيتهم، لكن إيران أيضاً ترى السعودية من حيث طبيعتها وتكوينها منحازة ضد الطائفة الشيعية، لذلك لا يهم ما تفعله إيران، حيث أن الرياض على الأرجح تعادي إيران بسبب خصائصها الشيعية والفارسية. ويقول نادر، هذا لا يعني أن سياسة إيران ما بعد الثورة في زعزعة استقرار الملكيات السنية في المنطقة لا تستحق اللوم، لكن تصوير إيران على أنها السبب الوحيد لعدم الاستقرار والاضطراب الحاصل في المنطقة، هو تبسيط للمسألة، إن إيران تتفاعل مع الإحداث الإقليمية - معارضة السعودية لإيران وظهور تنظيم الدولة الإسلامية، والتمردات الممولة في سوريا من جانب تركيا والسعودية - بقدر ما تصوغها هي. وأخيراً، إنه من المهم أن يتم تحديد المصالح الأمريكية الحيوية وجهاً لوجهاً مع إيران والمنطقة على نطاق واسع، قبل أن يتم النظر إلى سياسات تهدف إلى الحد من نفوذ إيران الإقليمي، في بعض الحالات، من الممكن أن تتعرض مصالح الولاياتالمتحدة للخطر نتيجية دحر نفوذ إيران، على سبيل المثال، لكي يتم الحد من نفوذ إيران في العراق، فإن واشنطن عليها إضعاف إن لم يكن حرمان الحكومة العراقية التي ساعدتها للوصول إلى السلطة في بغداد، في سوريا، من الممكن أن يطيح التدخل الأمريكي بالأسد، لكن هذا لن يحل الطائفية التي تقود الحرب الأهلية، إن أي دفعة عدوانية ضد الأسد من الممكن أن تقنع إيران وحلفائها الشيعة لمضاعفة جهودها ضد المتمردين السنة. يقول نادر، إن مهمة تقويض النفوذ الإيراني في اليمن تعتبر مصلحة غير حيوية بالنسبة لأمريكا، خصوصاً وإذا كان الحوثيين يحاربون القاعدة في شبه الجزيرة العربية، حيث تعتبر القاعدة، قوى متزايدة في اليمن، إن إيران لم تأت بالحوثيين في السلطة في اليمن، بل الظروف المحلية المحيطة هي التي أدت إلى تمكين الحوثيين، ومن ثمة قامت إيران بالقفز على العربة بذكاء، فهل كان بمقدور الولاياتالمتحدة أن تمنع هذه النتيجة ؟، يمكننا القول نعم، ولكن بجهود سياسية وعسكرية ضخمة كانت من الممكن أن تخلق عدو جديد للولايات المتحدة على المدى الطويل، بدون أن تضمن نهاية لنفوذ إيران في اليمن. وينوه الكاتب إلى حقيقة أن إيران سوف تكون قوة إقليمية في الشرق الأوسط لسنوات قادمة، هذا لا يعني أن الولاياتالمتحدة يجب أن تتخلى عن مواجهة الطموح الإيراني، إنه يبقى أن نرى ما إذا كان الاتفاق النووي من الممكن أن يؤدي إلى علاقات أمريكية إيرانية أفضل وتغيير إيجابي في السياسة الخارجية الإيرانية، الكثير يعتمد على التوزان الداخلي بين حكومة روحاني والقوى المحافظة. وأنهى نادر قائلاً، لكن المفاوضات النووية يجب أن لا تكون رهينة نشاط إيران الكلي، سواء كان صحيحاً أم خاطئاً، إن الصراع في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً من النظريات التي كنا نعتقد فيها، إن حل دبلوماسي للقضية النووية يمكن أن يسمح لواشنطن مساحة أكبر للتعامل مع نفوذ إيران الإقليمي، سواء من خلال المزيد من الحوار الدبلوماسي أو الضغط السياسي أو الإغراءت، أو الردع العسكري، أو مزيج من كل ما سبق.