"كلامك ده يا أشروفي هو اللي ببيخلي أرملة ناجحة زيي تفضل ماشيه بالبوت التسعة سنتي بثبات"، و"الأرملة الشيك عندها دايماً وقت تجامل"، أو"المذيعة الشاملة هي اللي تقول السؤال بالإجابة !!". عبارات غردت بها أشهر دمية في عصرنا هذا "آبلة فاهيتا"، فبدون تفسير واضح لكل جملة، كتبت بغير خوف، وبدون الكشف عن هوية "فاهيتا" الحقيقية، صارت لفترة محور جدل بين المصريين، وقبل الدخول في مزيد من التفاصيل، فاصل قصير نستوضح خلاله بعض النقاط، ثم نعود إلينا "فاهيتا" بالسطور المقبلة، في ثوب قد يُسيئ فهم البعض لها، لنكشف، ما الأزمة؟! كلنا يعلم أن الاهتمام بالطفولة هو مفتاح الشخصية السوية، باعتبار الطفل هو رجل المستقبل، فالطفل هو مصدر الإنسان الرئيسي في الحياة، ولا شك أن الطفولة هي ثمرة إنتاجنا، وبها نضجت عقولنا، فلا عقل مُدبر، إلا وأن مر بطفوله، ولا لسانُ حكيم، إلا وأن جاوز طفولته، فكيف لنا أن نُهمش مصدر إنتاجنا، وأن ننكر فضل الطفولة علينا أيها البالغين ؟!. ففي السنوات الماضية، لم أجد اهتماما حقيقيا بالأطفال، ولم يلفت انتباهي برنامج هام مثل "دُنيا الأطفال"، أو "سينما الأطفال"، اللذان كانوا يُعرضوا في تسعينيات القرن الماضي، وتربت عقولنا بفضلهم على البحث والتأمل، أو أغنية توعوية يعلوا صداها مثل "أصحابي وصاحباتي" التي تعلمنا منها النظافة، و"ذهب الليل" التي كانت رسالتها احترام الأم وأوامرها، حتى بعض الأفلام التي يتصدر بطولتها الأطفال في وقتنا هذا، اتمنى لو يقع السيناريو الخاص بها في يدي لأمزقه، من كثرة الإسفاف والبذاءات التي يتلسن بها أطفال لم يتجاوز أعمارهم ال 8 وال 9 سنوات، فكيف يوافق أباؤهم على ذلك، وإلى أي مدى سيتنصل الكتاب من ضمائرهم هكذا؟! فمنذ أيام لاقى ذهني الاستحسان، حين لفت نظري تلك الأفيشات الدعائية، بالشوارع والميادين، والخاصة ببرنامج جديد بطلته الدُمية الشهيرة "آبلة فاهيتا"، هذه الدمية التي أثارت الجدل منذ ولادتها وحتى الآن، فبعد اتهامها بالعمل مع المخابرات، ثم عزم البعض ارتباطها بعمليات إرهابية، ثم التشكيك في تغريداتها الغير مفهومة عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إلى أن خُصص لها برنامج خاص، ظننت للحظات أنه خاص بالأطفال، وأن الهدف منه الارتقاء بعقولهم، وتشكيل وعيهم، ولهذا لاقى ذهني الاستحسان، ولكن بعد أن قابل بصري شعار البرنامج "تعالى أنا زي ماما"، تعجبت ! ، ثم طالت عيني هذه العبارة "للكبار فقط"، صُدمت، فكيف تتحول الدمية رمز الطفولة، إلى كائن "للكبار فقط"، غير مصرح لجمهورها الأصلي "الأطفال" بمشاهدتها؟!. وما أن بدأت القناة الفضائية المسؤولة عن البرنامج، ببث أولى إعلاناتها الترويجية ل "فاهيتا"، حتى ذُهلت، حين وجدت الأرملة الشيك، كما ادعت بتغريداتها، مستلقية على فراش بمشهد غامض، وأمامها رجلين "بودي – جارد"، تطلب منهما خلع ملابسهم لاستعراض عضلاتهم، ثم يظهر إسم البرنامج، مصحوبا بعبارة "للكبار فقط"، ولهذا انهالت الاتهامات، على صانعي العمل، لما تتضمنه الإعلان من إيحاءات لا يجوز لها إلا أن تبقى أسيرة، مُقيدة، بُحكم الشرع والأعراف، فألا يكفيكم يا رجال الاعمال، بُخلكم بالإسهام في إنشاء جيلِ واعِ بإنتاج برامج للأطفال، ألا يكفي أنه لا توجد فضائية حتى الآن تُخصص برنامجا واحدا للأطفال؟! ، ألا تلتقط عيونكم يا مالكي الفضائيات أطفال اليوم، الذي يتعامل مع الكبار دون السير وفق دساتير "التربية والأخلاق"، فأين دوركم بهذا الصدد؟!. دون الهجومِ الحاد، مثلما قام بعض الصحفيين والكتاب، بشن أقلامهم ضد البرنامج، قبل عرضه، موجهين أصابع الاتهام للبرنامج بأنه يحتوي مضامين جنسية لا تناسب التقاليد المصرية، فلست من أنصار مدرسة "النقد قبل المشاهدة"، ولكني من أنصار الوقف قبل المتابعة، ومن منددي منع الأطفال من مشاهدة الدُمية أيا كانت "فاهيتا" أو غيرها، التي هي بالأساس صُنعت لهم، فهل ستقوم الجهة المسؤولة بوقف البرنامج إذا لاقى استياء الجمهور، أم أن المال سيبقى صاحب الكلمة العليا دائما ؟!. خلاصة القول : "تعمدت بأن أختم بسؤال في نهاية كل فقرة ، لأنني أعجز حقاً عن الإجابة .. فإن كان دور الإعلام ينحصر في التنوير والتوعية، وكشف الحقائق، فمن يكشف حقائق الغد .. دون نشر التوعية لأطفال اليوم؟!".