وجوه يكسوها الشقاء، تطل من قاع المجتمع لتسجل رحلتها مع الحياة، تسكن فى حارة شعبية، وبين آلات المصانع والماكينات تلتقط أنفاسها، وعلى أرصفة القطارات تنتظر دورها و«تعافر» مع الزمن من الولادة حتى الممات. «أنا منهم وأحق من يعبر عنهم»، قال الفنان التشكيلى «فتحى عفيفى» متحدثاً عن معرضه الأقرب إلى قلبه «كادحون». المعرض يقام فى «جاليرى مصر» فى الزمالك، وهو تتويج لأعمال «عفيفى» على مدى 30 عاماً، التى ترصد معاناة البسطاء وصراعاتهم مع الآلة ورأس المال: «كنت عاملاً بسيطاً فى مصنع أكافح وأعانى وأسمع حكاوى الكادحين ومشاكلهم، إلى أن بدأت عينى تنقل الواقع ده على الورق. أول ما أخلص شغل أجرى وأروح القسم الحر فى كلية فنون جميلة عشان أدرس وأرسم اللى بحبه»، هذا شكل حياة «عفيفى» فى فترة السبعينات، التى جعلت منه فناناً ذا مذاق خاص، ولفتت إليه أنظار كبار الفنانين، مثل «بيكار» الذى حسده على كونه كادحاً، ويعيش فى حى «السيدة زينب» الشعبى. المعرض الذى تصادف افتتاحه فى يوم ميلاد «عفيفى» يضم حوالى 23 لوحة تتنوع بين الأبيض والأسود والألوان المبهجة: «مش أى فنان يقدر يرسم بالأبيض والأسود. أنا بسميه سلطان الألوان، عشان بيدّى بعد درامى للوحة وغنى فى الأفكار، ولما أحب أعبر عن الحارة الشعبية ألجأ للألوان، عشان بحس إنى رجعت لطفولتى وشايف الدنيا كلها مبهرة وبراقة، خاصة فى الموالد الشعبية». حرص «عفيفى» على الوظيفة الحكومية إلى جانب فنه كان من أجل الوفاء بالتزاماته المعيشية، وحتى لا يتنازل عن الفن الراقى الذى يرسمه، وظل على هذه الحال نحو 20 عاماً، إلى أن خرج على المعاش المبكر، وتفرغ لرسوماته التى لم ولن تجسد غير «الكادحين».