لا أدرى لماذا قفزت إلى ذهنى قصة أسماء بنت أبى بكر، التى لقبها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بلقب ذات النطاقين، بينما أتابع الخبر المستفز الخاص بمعيدة جامعة الأزهر التى ضُبطت أمس الأول، وفى سيارتها 12 قنبلة وعدد من الشماريخ أثناء دخولها جامعة الأزهر، فأسماء بنت أبى بكر التى شقت خمارها نصفين، لتضع فى أحدهما الزاد الذى حملته للرسول الكريم، وأبيها أبى بكر فى رحلة الهجرة من مكة للمدينة كانت سبباً من أسباب عزة الإسلام، ومثالاً يحتذى فى التضحية والإيمان وكانت نموذجاً مشرفاً للمرأة فى الإسلام كنا ندرسه فى مراحلنا التعليمية الأولى بفخر واعتزاز، أما تلك المعيدة بكلية العلوم، فقد درست العلم وتفوقت فيه فى واحدة من أصعب وأشق الكليات العملية، فهى نموذج يحتذى فى الإساءة للإسلام وللمسلمين، ودليلاً واضحاً على التضحية بالدين الإسلامى من أجل قضية جماعة الإخوان الإرهابية، فالإسلام ليس فيه ما يدعو لقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، وحسب علمى، فإن جامعة الأزهر لا ينتسب إليها إلا الطلاب المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها، والمفترض أن حمولة هذه المعيدة من القنابل والشماريخ كانت ستستخدم ضد طلبة الجامعة الذين هم مسلمون، وكما تعلمنا فإن كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعِرضه، فأى إسلام هذا الذى يدفع تلك المعيدة للمشاركة فى جريمة قتل مسلمين لا ذنب لهم داخل حرم جامعى يفترض أنه يقوم بتدريس تعاليم الدين الإسلامى الصحيح وأصوله. والإسلام أيضاً حرّم قتل النفس غير المسلمة، وليس فيه معاداة لأبناء الديانات السماوية الأخرى، ولا يتفق فكر هذه المعيدة ومن دفعها لهذه الجريمة إلا مع الفكر الداعشى المتطرف الذى لا هم له إلا الإساءة للدين وتصويره بأنه جاء بالسيف، فمن قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض، فكأنما قتل الناس جميعاً، هكذا علمنا القرآن الكريم، وحسب فهمى لم يحدد الهوية الدينية لهذه النفس. والسؤال الذى يفرض نفسه هنا، إذا كانت هذه المعيدة سوف تبدأ حياتها المهنية والعلمية بحمل هذه الشحنة القاتلة من القنابل والشماريخ، فكيف تؤتمن على طلبة الجامعة أجيالاً بعد أجيال لو كانت قد تمكنت من توصيل هذه الشحنة دون أن تكتشف؟! وكم جيلاً كان سيتخرج على يديها بعد أن تصبح عضوة هيئة تدريس بالجامعة؟! وكم مشروعاً إرهابياً ستنجح فى تجنيده؟! والأهم.. طالما أنها ضبطت متلبسة بهذه الجريمة النكراء، فمن المتوقع أن حكماً سيصدر بشأنها، ومن المؤكد أنها عقب سجنها سوف تنطلق بحملات الدعاية الإعلامية الإخوانية المضادة للدفاع عن حرائر الإخوان، والزعم بأن نظام الحكم يستهدف هؤلاء الحرائر بغض النظر أنهن شاركن فى جرائم قتل، والانفجارات التى تحدث فى مصر على مدى الأسابيع الماضية تشهد بذلك، ومن الواضح أن حرائر الإخوان يُستخدمن فى هذه الجرائم، فليس لدى رجال الإخوان أى مانع من استغلال النساء فى القتل، فالغاية دائماً عندهم تبرر الوسيلة. والخطير فى الأمر أن أساتذة جامعيين فى الجامعة نفسها ضبطوا متلبسين بحوادث مشابهة فى نفس الجامعة عبر الأعوام الماضية، وكان يجب أولاً أن تتابعنا وسائل الإعلام بمصيرهم، وهل صدرت ضدهم أحكام قضائية أم لا؟! وإن كان العدد المضبوط هو اثنين أو ثلاثة فقط، فكم أستاذاً آخر نجح فى توصيل شحنته داخل الحرم الجامعى، فمن المؤكد أن ما تشهده جامعة الأزهر من أحداث يؤكد أن هناك معاونين لهم داخل الجامعة ربما يكون أستاذاً أو معيداً أو موظفاً. ولكن جامعة الأزهر التى كنا نظنها منبع الوسطية الإسلامية يخرج منها أساتذة ومعيدون ليس لديهم مانع من المشاركة فى جرائم قتل، وليس هذا تعميماً، ولكن هناك حالات مضبوطة بالفعل، فأى وسطية هذه، ومنذ متى يتخرج هؤلاء فى جامعة الأزهر دون أن نشعر، ويبدو أنها كانت جامعة لتخريج عناصر إخوانية متطرفة لسنوات طويلة، ويبدو أيضاً أن أساتذة آخرين فى جامعات أخرى يقومون بنفس الأعمال وربما يفسر ذلك أن الإخوان يروجون دائماً أن فيهم أساتذة وعلماء. هذه القضية تفتح الباب لمخاوف كثيرة فى المجتمع، ولا بد من فتحها ومناقشتها إذا كنا نفكر فى مستقبل هذه الدولة وأمنها القومى، فالجماعة التى تستخدم الدين لتنفيذ عملياتها الإرهابية هى خطر على هذا الدين، ولا تتورع عن قتل أى أحد يقف فى طريقها ولا تمتنع عن استخدام النساء فى جرائمهم، والإرهاب كما هو واضح يضرب البلاد بعنف، ومن الواضح أن الأمن لا يستطيع الإلمام بكل المعلومات المطلوبة حالياً لمواجهة الظاهرة، فربما المد الإرهابى هذه المرة أعنف من المرات السابقة، وربما يأتى بعد مرحلة ضعف فى الأداء الأمنى على مدى السنوات الماضية، ولكن المؤكد أننا فى حاجة لمنهج أمنى مختلف فى التعامل مع هذه الجماعات الإرهابية التى لن تتركنا نعيش فى سلام. صحيح أن المعيدة الحاملة للقنابل تم ضبطها، ولكن كم معيدة أخرى لم يتم ضبطها؟! وكم طالباً ينتظر مصير الموت على أيدى أمثال تلك المعيدة التى تخرجت فى جامعة الأزهر، وبعد طول دراسة ولكنها تأثرت بتعاليم الإخوان، وليس بتعاليم الإسلام.