تتابع روسيا بانتباه الانتخابات التشريعية الجارية اليوم الأحد في أوكرانيا، وتراهن على فوز الحزب الحاكم دفاعا عن مصالحها في هذه الجمهورية السوفييتية سابقا، الشريك الهام لكن الصعب أحيانا، على ما يرى خبراء. واعتبر الخبير الروسي أندري ريابوف أنه رغم التوتر المتكرر بين البلدين الجارين، ظلت المصالح الروسية مصانة أكثر في أوكرانيا منذ تولي فكتور يانوكوفيتش الرئاسة في 2010، لا سيما أن كل الاستطلاعات تتوقع فوز حزبه "المناطق" الناطق بالروسية. وتحسنت العلاقات بين كييف وموسكو كثيرا منذ رحيل سلفه الرئيس الموالي للغرب فيكتور يوشتشنكو (2005-2010)، الذي كانت علاقاته بموسكو سيئة جدا. وأضاف ريابوف، الباحث في مركز كارنيجي، أن من أبرز القوى السياسية في السباق إلى الانتخابات التشريعية (حزب المناطق والحزب الشيوعي والمعارضة الموالية للغرب) "يظل يانوكوفيتش الشريك الأفضل، رغم بعض تقلبات" هذا الرجل الذي اتهمته الصحافة بمحاباة روسيا والاتحاد الأوروبي في آن واحد. لكن قبل أيام معدودة من الاقتراع زار يانوكوفيتش موسكو، ليؤكد للرئيس فلاديمير بوتين أنه يجب على روسيا وأوكرانيا أن "تحتفظا بدينامكية الحوار السياسي (الحالي) على أعلى مستوى". ونوه بوتين من جانبه بالتعاون الثنائي، معربا عن الأمل في أن تعطي انتخابات الأحد "دفعا إضافيا" لهذه الشراكة. وقال الخبير في كارنيجي: "لذا، تراهن روسيا على استمرار الوضع على حاله" في البرلمان الأوكراني؛ لأنه "ليس هناك أفضل من حزب المناطق" الذي يقوده يانوكوفيتش وتهيمن أغلبيته على البرلمان المنتهية ولايته. غير أن أليكسي مكركين يرى أن "يانوكوفيتش ليس شريكا بسيطا، وبالنسبة لروسيا من الأفضل ألا تكون هناك أية قوى مهيمنة". وأضاف مكركين أنه بالنسبة لموسكو من المهم أيضا أن تظل اللغة الروسية اللغة الرسمية الثانية في أوكرانيا، في إشارة إلى قانون صدر في أغسطس يوسع حقوق استعمال لغات الأقليات، انتقدته المعارضة الموالية للغرب. وتراكمت الصعوبات بين موسكو وكييف بعيد تولي يانوكوفيتش الرئاسة ونأيه بنفسه نهاية 2010 عن روسيا، منتقدا مشروع أنبوب الغاز ساوث ستريم الذي يلتف حول أوكرانيا، ودشنته موسكو تفاديا لأزمات الغاز مع هذا البلد الهام كمعبر إلى أوروبا. وفي السنة التالية دخل يانوكوفيتش في مواجهة مباشرة مع الكرملين، معتبرا أن خفض سعر الغاز الروسي 30% كما قررته موسكو بعد تمديد الاتفاق حول انتشار أسطول البحر الأسود الروسي في القرم بسنة، غير كاف. ويظل الغاز أكبر أسباب الخلافات، حيث تسعى أوكرانيا إلى إقناع روسيا بالزيادة في خفض سعره، واقترحت موسكو خفضه ب160 دولارا لألف متر مكعب بدلا من 426 دولارا حاليا، لكنها تطلب من كييف الانضمام إلى الاتحاد الجمركي مع روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا، وبالتالي التخلي عن الاتحاد الأوروبي. لكن يانوكوفيتش يرفض الرضوخ لموسكو، التي تستعمل سلاح الغاز في الضغط على أوكرانيا وغيرها من الجمهوريات السوفييتية سابقا، حسب المراقبين. وتريد أوكرانيا إعادة التفاوض حول اتفاق الإمدادات بالغاز الروسي المبرم في 2009 بين رئيسي الوزراء السابقين يوليا تيموشنكو وفلاديمير بوتين، وهو اتفاق اتخذ مبررا لاتهام تيموشنكو (الموالية للغرب) بالإضرار بمصالح أوكرانيا واعتقالها منذ أغسطس 2011 بتهمة استغلال السلطة، بعد محاكمة اعتبرها الاتحاد الأوروبي "مسيسة".