ثار بأشعاره لصنع مستقبل بالثورة، شكَّل بكلماته التي أشعلت حماس المصريين في أصعب الأوقات إحساس مقاومة الظلم، أصبغت أشعاره بلهجة "أبنود" الصعيدية على نفوس المصريين بلون الطين الصعيدي الذي يأبى الانكسار مثل أصحابه، إنه الخال "عبدالرحمن الأبنودي"، والذي أصابه المرض وأرغمه على الرقود، مؤخرًا، إلا أنه لم يتخلَ عن روحه المرحة وإصراره ومقاومته للمرض قائلًا "روحي شيء والمرض شيء آخر". "الخال" أصيب بأزمة صحية حيث أصابته بعض المشاكل في الرئة، وعندما اقترب من الشفاء أصابته جلطة في الساق اليمنى ما منعه من الخروج من مستشفى الجلاء العسكري بمحافظة الإسماعيلية، ليستمر في المكوث لبضعة أيام أخرى على فراش المرض، ما صدم متابعيه في أنحاء الوطن العربي، قلقون على "الأبنودي" ابن "أبنود" في قنا، والذي ولد بها عام 1939 صاحب الدواوين الحماسية. تتعسني فكرة إني هموت قبل ما أشوف- لو حتى دقيقة- رجوع الدم لكل حقيقة.. وموت الموت.. قبل ما تصحى.. كل الكتب اللي قريت والمدن اللي ف أحلامى رأيت والأحلام اللي بنيت والشهدا اللي هويت والجيل اللي هداني والجيل اللي هديت.. قبل ما أملس ع الآتي وادفن كل بشاعة الماضي في بيت. "خايف أموت من غير ما أشوف تغيير الوشوش".. قصيدة توضح تمسك "الخال" بحياته، وعدم استسلامه للمرض، أبيًا قدوم الموت قبل أن يرى أحلامه أمامه تتحقق والتي تمثلت في أهداف ثورة "الشباب" المصرية، والتي كان جزءًا كبيرًا منها بروحه "الشابة" التي تأبى "العجز"، وقالها بالمشكوف: هاقولها بالمكشوف: خايف أموت من غير ما أشوف تغير الظروف. تغير الوشوش.. وتغير الصنوف. والمحدوفين ورا متبسمين في أول الصفوف. خايف أموت وتموت معايا الفكرة لا ينتصر كل اللي حبيته.. ولا يتهزم كل اللى كنت أكره.. اتخيلوا الحسرة. لم تخلُ أشعار الأبنودي من "الأمل" الذي طالما زرعه في نفوس جمهوره، رابطًا إياه في قلوبهم.. طاقة تأتي من كلمات "الخال" الحماسية، في الأشعار التي أحبها المصريون بلهجته الصعيدية، التي تشبه "هديل الينابيع". ولسه في صوتي هديل الينابيع لسه في قلبي صهيل المصباح لسه العالم حي رايح جي بيفرق بين الدكنة وبين الضي لم تكن قضية الخال في الداخل فقط، بل كان مناضلًا في كتاباته من أجل القضية الفلسطينية.. "الحارة الفلسطينية".. قصيدة كتبها الأبنودي ضد الاحتلال الإسرائيلي قائلًا له.. أنا بادي وبيدي حجارة وجهنم أولها شرارة الوعي اللي كأنه بشارة من الحارة الفلسطينية أنا ثورة وسبنالكو الدولة بتقولي لا قوة ولا حول؟ أهو لينا شرف المحاولة ومن أشهر أعمال الأبنودي "السيرة الهلالية" التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها، كما يعد من أشهر كتبه "أيامي الحلوة" والذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق "أيامنا الحلوة" بجريدة الأهرام وتم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصًا وأحداثًا مختلفة من حياته في صعيد مصر. كما صدر كتاب مؤخرًا في معرض القاهرة للكتاب في دورته السابقة بعنوان "الخال" للكاتب الصحفي محمد توفيق، يتناول فيه سيرة الشاعر عبدالرحمن الأبنودي الذاتية، ويرصد الكتاب قصص الأبنودي الآسرة، وتجاربه المليئة بالمفارقات والعداءات والنجاحات والمواقف. "هذا هو الخال كما عرفته.. مزيج بين الصراحة الشديدة والغموض الجميل، بين الفن والفلسفة، بين غاية التعقيد وقمة البساطة، بين مكر الفلاح وشهامة الصعيدي، بين ثقافة المفكرين وطيبة البسطاء.. هو السهل الممتنع، الذي ظن البعض - وبعض الظن إثم - أن تقليده سهل وتكراره ممكن" هكذا وصفه الكاتب في مقدمة كتابه الذي رصد قصص "الخال".