لا يتشابه فيلم «على جثتى» مع نمط حياتى الزوجية وأسلوب التعامل بينى وبين حبيبى، سوى فى الطابع الكوميدى للأحداث اليومية، فالأدب الساخر هو ما جمع بيننا، والجملة الشهيرة التى تقولها غادة عادل لأحمد حلمى وهى تقبّل خديه بحماسة: «انت جميييل.. نفسى أبقى زيك»، هى الجملة الرومانسية الأكثر ترديداً فى عشنا الصغير منذ عرض الفيلم. بعد انتهاء حفلة فنية دعانى إلى حضورها برفقته، وقفت أتأمل نظرات الفتيات التى تمتلئ شغفاً ودهشة متزامنة مع سؤالهن التقليدى: «انت أشرف توفيق.. انت مؤلف (مرسال لحبيبتى)؟!.. أنا مش مصدقة!! إزاى عملت كده!!! انت رومانسى قوووى».. (مساكين! يصدقن كلام الشعر والشعراء.. منذ زواجنا لم يكتب إلا شعراً سياسياً، ومقالات ساخرة، بعضها يسخر فيها منى!)، وبينما تتطاير القلوب الحمراء حولهن فى الهواء؛ أنتظر فى صبر حتى يفرغن من التقاط الصور معه، ربما أنول أنا الأخرى من الحب جانباً. نخرج من المكان، فيدعونى إلى التمشية على النيل.. يا الله!! أحمدك يااارب.. أيوة بقى.. ممسكاً بيدى وضوء القمر ينعكس على صفحة النيل مضيئاً طريقنا؛ لن يصدق من يرانا أن ما يدور بيننا هو حوار كوميدى من الدرجة الأولى، ولولا أننا فى الشارع لانقلبنا على ظهرينا من الضحك.. هكذا أحاديثنا على الدوام.. وفجأة يقطع ضحكاتنا صوت نسائى: «أيوة هوّ»، تقترب لتصبح بمحاذاتنا: «مساء الخير»، تتحدث إليه وهى تشير إلىّ بأطراف أظافرها: «هىّ دى اللى كتبت لها (مرسال لحبيبتى)؟»، فيبادرها زوجى الحبيب بمنتهى التلقائية والصدق الذى ليس فى محله أبداً: «لأ.. أنا كتبتها قبل ما أعرفها أصلاً». يقفز إلى ذهنى سؤال وجودى يلهينى عن هول المفاجأة.. لماذا لا تعيش الحيتان فى النيل؟ لماذا لا يخرج حوت رذل -بصوت اللمبى- يبتلعنى وصاحبة السؤال وصاحب التصريح النارى وجميع المارة ممن شهدوا ذلك الموقف المأساوى. فى البيت، يحاول إقناعى أنه لم يقل إلا الصراحة، وأحاول إقناعه -كما حاولت مراراً- أنه لا بأس من مجاملتى من حين إلى آخر، خاصة فى المواقف المشابهة.. يسترضينى.. فأرضى، شريطة أن نشاهد معاً فيلماً فى البيت، كما كنا نفعل قبل أن نُرزق بنسخته المصغرة، فيوافق على الفور قائلاً: «بس كده! طول الأسبوع ده كل يوم هنتفرج سوا على فيلم». حضّرت كل ما يلزم لقضاء سهرة رومانسية أمام فيلم.. أكيد رومانسى طبعاً.. وكانت المفاجأة.. على مدار أربعة أيام، نشاهد كل ليلة جزءاً من سلسلة أفلام «saw»!! لقد سبق أن شاهد كل أجزاء الفيلم، لكنه يجلس مستمتعاً بمشاهدتى أنا.. وبعد صرخاتى والكوابيس التى باتت تطاردنى.. رحت أرجوه: - كفاية رومانسية.. ماتبسطهاش أكتر من كده. - خلاص هقوم أعملك عصير.. - لااااا، ربنا يخليك سيب المطبخ فى حاله.. مجرباك يا قلبى. - طب ماتبقيش تقولى بقى إنى مش رومانسى.. - لا يا حبيبى ماتقولش على نفسك كده.. انت جميييل.. نفسى أبقى زيك.