«عصير ساقع»، هتاف يكرره الشاب الثلاثينى وهو يتجول من شارع إلى آخر، حاملاً إناء زجاجياً كبيراً مليئاً بالمشروب البارد، ليهون على المارة تبعات الموجة الحارة، ويجنى رزقه مهما كلفه الأمر من مشقة: «لما بتتعب فى لقمة العيش بتحس بطعمها، وربنا يهونها على الجميع». الابتسامة لا تفارق وجه محمد حشمت، طوال عمله فى الشارع، للبحث عن زبائن، خاصة أن فترات الحر الشديد تخلق موسماً له للرزق، فيقبل عليه المارة، من أجل رشفة عصير باردة تهون عليهم مشقة السير تحت أشعة الشمس الحارقة، «ببدأ يومى الساعة 8 الصبح، بطلع للشارع بعصير الخروب أو التمر، وأروى العطاشى» وفق تعبيره. «طول عمرى بحب الشغل وراضى بأى حاجة، وعشان أقدر أصرف على أهلى قررت أشتغل فى مهنتين، لكن الأقرب ليا هى بيع العصير، كفاية إنك تشوف الابتسامة على الوجوه لما ترتوى وترتاح ولو للحظات»، حسب «حشمت»، موضحاً أنه يعمل فى محل لبيع الأسماك بجانب بيع العصائر. عندما تدق الساعة الثانية ظهراً، ينهى «حشمت» عمله فى بيع العصائر، ويتجه إلى محل السمك، «الفلوس اللى بتطلع من بيع السمك ببعتها لأهلى عشان يصرفوا منها، أما الفلوس اللى بطلّعها من بيع العصير بصرف بيها على نفسى، والحمد لله راضى برزقى وربنا بيكرم». بعد أن ينهى الشاب الثلاثينى عمله فى المحل، يتجه إلى منزله يرتاح لبعض الوقت، ثم يبدأ فى إعداد العصائر لليوم التالى، «لما أخلص شغلى بالليل ببدأ أجهز العصير لبكرة، عشان ألحق أخليه يبرد فى التلاجة».