شأن أى مهتم بتوجهات الإدارة الأمريكية المقبلة، كنت شغوفاً بمتابعة وقائع آخر مناظرة رئاسية أمريكية خاصة حينما تكون السياسة الخارجية هى محورها الأساسى. بالتأكيد تصريحات رومنى السلبية تجاه المد الإسلامى الذى وصل إلى سدة الحكم فى أغلب دول الربيع العربى ولا سيما مصر مُقلقة وتنذر بقدرٍ كبير من التوتر فى العلاقات لن يكون ابتداءً فى صالح واشنطون إذا ما تمكن رومنى من مقاليد الأمور. ومما يزيد هذه الشكوك قوة حديث رومنى عن ضرورة امتلاك أمريكا استراتيجية كاملة لمساعدة الدول العربية على نبذ التطرف دون تحديد ماهية هذه الاستراتيجية ؛ سوى تشديده على أن هذه الاستراتيجية قائمة على جعل العالم الإسلامى قادراً وراغباً فى نبذ الإرهاب بنفسه ويجب مساعدته فى ذلك ؛ مما يُشعر بالنية لتكرار حقبة بوش سيئة السمعة من استباحة توجيه الضربات الاستباقية لأى دولة عربية أو إسلامية بزعم محاربة الإرهاب أو التدخل ضد التيارات الإسلامية المنتخبة فى دولها بطريق ديمقراطى من باب القضاء على التطرف. ولابد هنا من الإشارة إلى أن تصريحات كلا المرشحين عن حتمية سقوط نظام بشار دون تدخل عسكرى أمريكى مباشر مع اتفاقهما على ضرورة إمداد المعارضة السورية بالسلاح الثقيل أمر ٌجيد يعطى انطباعا ًولو مبدئيا ًباستيعاب القيادات الأمريكية الحالية أو المستقبلية لدروس الماضى. أمَّا تنافس المرشحين فى إظهار الانحياز التام لإسرائيل دون الإشارة ولو من بعيد لاستراتيجية واضحة لاستعادة الحقوق العربية المشروعة فأمرٌ كنت أتوقعه وإن كان المرار يعتصرنى كلما قارنت بين حجم وإمكانيات الجاليات العربية المختلفة وبين حجم تأثيرها الذى لا يكاد يذكر على توجهات مرشحى الرئاسة. وبصفة عامة، فإننا لا نعول كثيراً على أشخاص قدر ما نعول على مؤسسات ودوائر صنع قرار تعيد صياغة سياسات أمريكية متوازنة تجاه العرب والمسلمين وتقوم بالأساس على مبدأ تحقيق المصالح المشتركة بين الشعوب ؛ وتحفظ لنا استقلالية القرار الوطنى ؛ لذا فعلى كلا المرشحين تفهم طبيعة هذه المرحلة من عمر الشعوب العربية التى تصر فيها على نبذ كل مظاهر التبعية.