سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«التأسيسية» و«الدستورية».. مواجهة جديدة لا تقبل المساومات مصدر قضائى: قضاة المحكمة لا يساومون على وضعهم فى الدستور.. ونقول رأينا دون فرض وصاية على «التأسيسية»
دخلت المحكمة الدستورية العليا فى مواجهة جديدة مع الجمعية التأسيسية للدستور بعد إحالة دعاوى بطلان تشكيل جمعية الدستور من محكمة القضاء الإدارى إليها، غير أن المواجهة هذه المرة تسبقها خصومة وخلاف بشأن الوضع الدستورى للمحكمة. وعلى الرغم من استجابة «التأسيسية» لبعض مقترحات المحكمة الدستورية، فإنه ما زالت هناك نصوص لم يتم حسم الخلاف بشأنها، وهو ما يمكن أن يطرح فكرة «الصفقة» من أجل الإبقاء على التأسيسية مقابل الاستجابة لكافة مقترحات المحكمة. مصدر قضائى رفض هذا الطرح، وقال إن قضاة المحكمة الدستورية لا يساومون على وضعهم فى الدستور، وإنما سيقضون بما يمليه عليهم القانون والدستور. من جانبه، رحب مصدر قضائى، بما يتم من مراجعات للجمعية التأسيسية بشأن نصوص المحكمة فى مسودة الدستور المعروضة للحوار المجتمعى، لكنه أكد تمسك المحكمة بعدم التنازل عن النص الخاص بأن يكون اختيار رئيس المحكمة وأعضائها بموافقة الجمعية العمومية وحدها. وأضاف المصدر أن العدول عن هذا النص أو تعديله سيكون ردة غير مقبولة وانتقاصا من استقلال المحكمة الذى حصلت عليه بالفعل بعد ثورة 25 يناير. وأشار المصدر إلى أن آراء أعضاء المحكمة بشأن وضعها فى الدستور إنما تأتى استجابة لدعوة الجمعية التأسيسية إلى الحوار المجتمعى الذى تشارك فيه كل مؤسسات الدولة ذات الصلة، كل فيما يخصه، وتقول كلمتها دون أن تفرض رأياً أو وصاية على أحد، وإنما تمارس حقاً وتدافع عنه ليس دفاعاً عن أشخاص، ولكن حفاظاً على مكتسبات وإنجازات وتحقيقاً لمصلحة عامة للبلاد تتمثل فى أن يبقى قضاؤها مستقلاً. من جانبه، قال الدكتور ثروت عبدالعال، أستاذ القانون الدستورى عميد حقوق جنوب الوادى: إن حكم القضاء الإدارى من شأنه أن يمنح أعضاء «التأسيسية» مزيدا من الوقت لتتمكن من استكمال عملها، مؤكدا أنه فى حال كتابة الدستور والموافقة عليه من الشعب فإن المحكمة الدستورية العليا لن يكون أمامها خيار سوى الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة؛ نظرا لأن الدستور سيكون قد تحصن بموافقة الشعب الذى هو مصدر السلطات ويعلو سلطة المحكمة الدستورية العليا ذاتها، وبالتالى تصبح غير مختصة بنظر الدعوى. وأوضح عبدالعال أن الاستفتاء على الدستور عمل سياسى يخرج عن نطاق المحكمة الدستورية العليا. واستبعد عبدالعال وجود «مواءمات» غير معلنة بين المحكمة و«التأسيسية»، قائلا: «القاضى يحكم وفقا للأوراق التى أمامه ويرى ما إذا كان النص دستوريا أو غير دستورى». من جانبه، قال المستشار أيمن عبدالغنى، عضو الجمعية التأسيسية للدستور: إن الجمعية استجابت بالفعل إلى بعض مقترحات المحكمة الدستورية بشأن وضعها فى الدستور، مؤكدا أن ذلك تم قبل إحالة دعاوى بطلان الجمعية إلى المحكمة الدستورية، وهو ما ينفى وجود أى مواءمات بينهما. وتوقع المستشار محمود الخضيرى، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل، وقوع أزمة بين المحكمة الدستورية العليا والجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، مستشهدا بموقف «الدستورية» من حل برلمان ما بعد الثورة ورفض قرار الرئيس بعودة المجلس للانعقاد مرة أخرى، وهجومها خلال الفترة الماضية على الجمعية التأسيسية. ووصف الخضيرى مواقف المحكمة الدستورية العليا خلال الفترة الماضية ب«العدائية»، قائلا: «المحكمة الدستورية العليا تقف الآن موقفا صعبا نتيجة لأن جميع الاتهامات تنهال عليها، وذلك لمهاجمتها للجمعية التأسيسية ومجلس الشعب السابق»، مما سيجعل أحكامها، فى نظر جميع المواطنين يشوبها الإغراض. وأكد الخضيرى صعوبة التوقع بحكم الدستورية العليا فى دعاوى حل «التأسيسية»، راجيا أن يتم الانتهاء من الدستور سريعا وتقديمه للاستفتاء الشعبى. من جانبه، توقع الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ القانون الدستورى، أن تحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون الجمعية التأسيسية، مبررا ذلك بأن المادة الأولى من قانون رقم 79 لعام 2012 قيدت حق التقاضى ووضعت لأجل تحصين قرار تشكيل «التأسيسية»، مما يجعلها مخالفة للدستور. وعن توقعاته بنشوب صدام بين المحكمة الدستورية ومؤسسة الرئاسة، وذلك على غرار حكمها بحل برلمان الثورة، قال فرحات ل«الوطن»: إن «الدستورية» أصدرت أحكاما كثيرة خلال فترة حكم النظام السابق تقضى بحل البرلمان مرتين دون وقوع أى صدام بينها وبين الرئاسة، مشيرا إلى أنه يفترض عقب الثورة والسعى لتحقيق الديمقراطية عدم وقوع صدام بين الرئاسة و«الدستورية».