أغلقوا دكاكين البكاء، فضّوا سرادقات العزاء، أوقفوا دقائق الحداد، ابحثوا عن كرامة أمة، وعزة شعب، وتاريخ وطن، وثأر لذبح أبنائه دون ستر، امسحوا دمعة أطفال ساقوا آباءهم عشاءً بلا بكاء، إلى شاطئ التهمت أمواجه رفاتهم. ذبحونا يوم ذبحوا أولادنا، ساقونا جميعاً إلى الموت يوم نحرهم على رمال شاطئهم المجهول، عذبونا ونكلوا بنا، وأوجعونا بلا رحمة، وقطعوا لحمنا بلا شفقة. لا عزاء لنا إلا بالثأر، ولا كرامة لنا إلا بقصف رقابهم، ولا عودة لقتلانا إلى أحضان أمهاتهم إلا بحرق أجسادهم بقنابل طائراتنا. اقتلوهم حيث ثقفتموهم، فهم فتنة علينا وعلى أرضنا وعلى ديننا. اضربوا منهم كل بنان حز بسكينه رقاب أولادنا، ألقوا فى قلوبهم الرعب كما ألقوه فى قلوب صغارنا وأطفالنا.. لا تتركوا شبراً يمشى عليه كلب من كلابهم إلا دكوه على رؤوسهم، وضيقوا عليهم الأرض بما رحبت. اصلوهم ناراً ذات سقر كما صلوها لأولادنا، عذبوهم بعذاب الله وأحرقوهم كما عذبونا بعذابه. يا كل ذبائح العالم باسم الله، وقرابين الأصنام.. تعالوا وانظروا، فنحن نرحمكم فى الذبح ولا يرحمنا الأوغاد. يا كل أم خاصم النوم عيونها من ذبح وليدها ووحيدها وفلذة كبدها، يا كل زوجة حرموها من عزيزها وعائلها ورفيق دربها، يا كل أب حرموه عكازه وسنده واطمئنانه على غده، يا كل طفل أضاعوا حلمه وأمانه، حرموه حنان أب، وعطف الظهر والمعين.. احبسوا دموعكم، وكفوا عن صراخكم، واكتموا ألم الوداع؛ يوم الانتقام آتٍ، سننتقم لكم، ونشفى صدوركم، ونهدئ روع وفزع أطفالكم.سنقف بعد الانتقام والثأر دقيقة حداد بطول يوم، ونقيم سرادقات العزاء بعرض وطن، وندفن أبناءنا فى تراب أرضنا دون أموات. ساعتها نبكى على من مات، ويحضر شهداؤنا سرادقات العزاء يتلقون معنا تهانى النصر والانتقام. انهض يا جيش مصر؛ فلا راحة بعد اليوم، ارحم عيون أم خاصمها وودعها النوم، اثأر لدمنا الذى يطارد لونه الدامى عيون أطفالنا، انزع الخوف من ربوع أوطاننا، شتت شمل من شتت أحلام أولادنا.. انهض فكرامة أمتنا يعلوها تراب العار، يُخجل رجالنا ونساءنا.. قف؛ فعزتنا وماضينا ومستقبلنا منكسة الرأس، سقيمة الخاطر، تذلنا أمام حضارتنا وعزة أجدادنا. اعلم أن كل ضربة قاصمة للكلاب زفرة ألم يبثها صدر أم مكلومة، تنفث عنها حرقة الفراق ووجيعة الوداع. اعلم أن كل ضربة قاصمة للشيطان تمسح دمعة أب موجوع مكلوم من ضياع شقاء عمره وونيسه فى هِرَمه، وتعوضه عن صبره سنين الشقاء. اعلم أن كل ضربة للأوغاد تزيح الرعب عن أطفالنا وتعيد إليهم أمن المستقبل وألفة الطريق. اعلم أن كل ضربة قاصمة للأوساخ تذيب جبال الأسى والحزن الذى أثقل كاهلنا، الصغير منا قبل الكبير. اعلم أن واجب عزائك للضحايا هو كل قنبلة على معاقل الظالمين الفاسدين المفسدين. يا نسورنا.. مع كل مائة قنبلة، أرسلوا لهم صورة شهيد ليعرف الأوغاد أن كل ذبيح منا بألف ظالم، ولا يكفينا.مع كل قنبلة بألف قتيل أرسلوا لهم دمعة أم وطفل ليعرف الكلاب أن كل دمعة أم بألف كلب ضال منهم. يا جيشنا وعزنا وفخرنا.. أقسموا لنا ولأولادنا وبناتنا لا عودة لأولادكم وبناتكم إلا إذا نامت أعين المقهورين منا.أقسموا لنا لن تعودوا إلى دياركم إلا إذا خلعت الأمهات رداء حزنها الأسود. أقسموا لنا لا عودة لثكناتكم إلا إذا جبرتم خاطر النائحات من نسائنا. أقسموا لنا أن صلاتكم ومحياكم ومماتكم فى عودة أمن طفل فقد أمانه، وسند لأب فقد سنده وخليله، ورحمة لزوجة فقدت رفيقاً خلا بها بلا نصير أو معين، وكرامة أمة باتت ليلة جريحة دامعة العين. أقسم لنا سيدى الرئيس أن بالك لن يهدأ إلا إذا أمنتنا من خوف، ونزعت من صدر الوطن غليله وأعدت كرامة بعثرتها كلاب متشردة لا تعرف للحياة معنى، ولا طريقاً للرحمة سارت فيه من قبل، ولا إلهاً صلت إليه، ولا نبياً استنت بسنته وهديه، بل سارت على درب قطّاع الطرق والأرحام، وفتاوى الظالمين المفسدين فى الأرض فوجبت عليهم لعنة الله والناس أجمعين. يا شعب مصر.. أقسم للعالم أنك فى رباط حتى نلتهم الظالمين، أقسموا أن تكونوا سنداً للوطن ومعيناً له فى محنته، وسنداً له فى مصيبته.. قفوا على أبواب الوطن استقبلوا من جاء معزياً، وواسوا من فقد خليله ورفيقه وضناه، امسحوا دمعة المحروم والمحزون. يا وطنى.. لن تنكسر، ولن تنحنى هامتك، ولن تصيبنا سهام غدركم، ولن يلفح وجوهنا لهيب ناركم، سيوفكم فى نحوركم، وناركم حارقة وجوهكم، ووحدة صف الوطن ردنا عليكم، وصفعتنا وأحذية جنودنا على رقابكم، فلا نامت أعيننا حتى نقتص منكم يا كلاب النار ووقود الأشرار.