الفن لا ينفصل عن المجتمع، وعلى مدار التاريخ كان أصحاب البصمات الكبرى فى صناعة البهجة من خلال فنهم، هم الأكثر تأثراً بخفة الدم الطبيعية للشعب المصرى ومن يتمتعون بحس فطرى ساخر تجاه قضايا المجتمع وشواغل الناس فى أعمالهم الفنية. «الريحاني».. ناظر مدرسة الضحك مسيرة فنية طويلة بلغت ال30 عاماً، قدّم خلالها نجيب الريحانى عالماً خاصاً به، وأصبح مدرسة فنية بمرور السنوات، إذ ترك بصمة خاصة فى تاريخ المسرح وكذلك السينما، ورغم أنّ تاريخه السينمائى لم يتجاوز ال10 أعمال إلا أنه نجح فى تخليد اسمه، وما زالت أعماله تحظى باهتمام كبير على المستوى النقدى والجماهيرى حتى الآن، فهو حالة استثنائية، دوماً ما يقف عندها الكثيرون. «مؤسس فن الكوميديا الراقية فى تاريخ المسرح والسينما وكذلك فن الأداء التمثيلى، فهو من الفنانين العظماء، باعتباره ممثلاً شاملاً ومبدعاً فى كل الألوان وليس الكوميديا فقط، ويُتقن الأداء مهما كانت الأدوار مُعقدة»، هكذا قال المؤرخ الفنى محمد شوقى عن الفنان نجيب الريحانى، متابعاً «لا يصح الحديث عن نجيب دون ذكر بديع خيرى، فهو رفيق الدرب وبدايته الفنية الحقيقية بدأت منذ تلك العلاقة، فكانت علاقتهما الفنية راقية بشكلٍ استثنائى ولم يشهد مثلها الفن بصفة عامة». واعتبر أنّ «فرقة الريحانى المسرحية، كانت بمثابة أكاديمية كبيرة، خرج منها العديد من الفنانين أو من تأثروا بها، وصاروا من أبرز فنانى الكوميديا، مثل مارى منيب، وزينات صدقى، وعبدالفتاح القصرى، وحسن فايق، وعباس فارس وغيرهم، كما أنه رسم الملامح الخاصة لكل فنان كوميدى، وسار عليها حتى رحيله»، متابعاً «نجيب صنع شكلاً جديداً للمسرح الكوميدى، واستطاع أن ينافس به فرقة رمسيس ويوسف وهبى آنذاك، فهو من أعظم الفنانين قدراً وقيمة وفناً وعطاءً حتى وقتنا هذا». عمو فؤاد.. مهندس البهجة نحو 170 عملاً فنياً ما بين السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة، قدّمها الفنان فؤاد المهندس، طوال مسيرته، نال بسببها احترام الجمهور، كونه لم يستخف بعقولهم، ولم يُقدم أعمالاً لمجرد التسلية فحسب، فكان مؤمناً بأن للفن رسالة سامية وهى خدمة المجتمع، فكان يُقدم مشاريع مُخصصة للأطفال فقط، مثل «فوازير عمو فؤاد»، أو يُخصص أغلب وقته للمسرح، لارتباطه الشديد بهذا العالم الخاص. المؤرخ الفنى محمد شوقى، يرى أنّ «فؤاد المهندس هو الفنان الوحيد الذى يستحق لقب الأستاذ، كونه صنع حالة فنية مُختلفة، ووضع بصمته فى المسرح والإذاعة والسينما والتليفزيون أيضاً، فهو ممثل بارع»، متابعاً: «تميز فى الإذاعة كونه يملك صوتاً مميزاً وأتقن مخارج الحروف تأثراً بوالده الذى كان يعمل مُدرساً للغة العربية، فقدّم عشرات السهرات الإذاعية والمسلسلات والبرامج، كما تفرد فى المسرح، وأصبح هو نجيب الريحانى الثانى، خصوصاً أنّ الأخير تنبأ له فى أول لقاء لهما داخل مسرح الجامعة، بأنه سيكون ممثلاً مسرحياً متميزاً، إلى أن تحققت النبوءة بالفعل، وأصبح أحد أهم ممثلى المسرح». عادل إمام.. زعيم عالم الكوميديا مسيرة فنية خالدة ومتوهجة لم تتوقف بعد، خرجت من المحلية وتجاوزت العالمية، اسمه وحده قادر على رسم الابتسامة على وجوه مُحبيه، صاحب الأداء المُتفرد، والمدرسة الكوميدية المُميزة، هو الفنان عادل إمام، الذى لم يبخل يوماً على موهبته أو جمهوره أو الصناعة بشكلٍ عام، حالة فنية استثنائية دفع البعض للحديث عنها والتوقف أمامها ليُحللها، فلم ينجح فنان كوميدى آخر فى الصمود أمامه أو منافسته، فكان النجاح رفيقه فى كل خطوة ومشروع، سواء على مستوى السينما أو الدراما أو المسرح، فكانت أعماله تعكس الواقع والحياة اليومية للمصريين، لذلك هو قريب منهم طوال الوقت، رغم ابتعاده عن الساحة الفنية قرابة ال3 أعوام. الناقد طارق الشناوى، قال إنّ: «عادل إمام قدم لنا حالة من البهجة، على مدار 6 عقود، فلم يسبق لأى فنان حول العالم أن يظل متوهجاً طوال هذه السنوات، فاسمه تحول لدلالة على البهجة والسعادة، ووجوده على الشاشة منعش للجمهور، فهو صناع الابتسامة على وجه كل شخص يُجيد اللغة العربية، وكان سبباً فى الهروب من المشاكل بأعماله، فهو استحوذ على مكانة داخل قلوبهم، وأصبح أيقونة، وأزعم أنّ جمهوره يحفظ جيداً مشاهده أو إيفياته، أو طريقة أداء معينة، فكل ما قدّمه لن يموت». أحمد مكي.. كبير صناع «الإفيه» نجح أحمد مكى فى تحطيم المقولة الشائعة «صاحب بالين كداب»، كونه يجمع ما بين التمثيل والغناء والتأليف والإخراج، فهو «سبع صنايع والبخت مش ضايع»، فقد وضع علامة وبصمة فى كل مجال، ولم يسعَ دوماً للانتشار أو تقديم أعمال مسيئة، إذ يختار أعماله بعناية شديدة، وأن تحمل رسائل هادفة تحترم وعى الجمهور. بدأ حياته الفنية بعد تخرجه فى معهد السينما قسم إخراج، حيث أخرج عدداً من الأفلام القصيرة من بينها «يابانى أصلى»، وشارك بدور صغير فى فيلم «ابن عز» مع علاء ولى الدين ثم فى فيلم «تيتو» مع أحمد السقا، ثم أخرج أول فيلم سينمائى له وهو «الحاسة السابعة» الذى شارك فى تأليفه وكان من بطولة أحمد الفيشاوى، ثم قدم شخصية «هيثم دبور» فى سيت كوم «تامر وشوقية» وفيلم «مرجان أحمد مرجان» مع الفنان عادل إمام، ثم قدمها مرة أخيرة فى فيلم «إتش دبور»، وتوالت أعماله الفنية وتصاعد مؤشر نجاحه لدرجات كبيرة.